إيران وعلاقات حلف الأعراب بقيادة نتنياهو !
عبد العزيز البغدادي
من يتأمل مسار علاقات الأعراب مع جيرانهم يدرك أن وصفهم في القرآن الكريم بالأشد كفراً ونفاقاً تجلت حقيقته في العديد من وقائع التأريخ آخرها اجتماع وارسو السخيف يوم الجمعة 15/ فبراير 2019 الذي شكل أوضح صور الاستلاب المزري لبعض المحسوبين على هذه الأمة وإذا أردنا تسويق احتمال تطورهم من حال البداوة إلى المدنية ينطبق عليهم كذلك وصف عديمي الأهلية لأن وقائع هذه العلاقات تسير في الاتجاه المضاد لمصالح بلدانهم الوطنية والقومية بل والإنسانية ، ومن البديهي أنه لا يعمل ضد مصالحه أو يجهلها إلا عديم الأهلية أو ناقصها ، الأغرب في هذه العلاقات على سبيل المثال لا الحصر علاقتهم مع إيران هذه الدولة الجارة بما لها علينا من حقوق الجوار المفترضة تحاصرها وتعاقبها أمريكا وهي دولة مارقة تبعد عنا جغرافياً آلاف الكيلومترات بالإضافة لبعض دول الغرب التي تقف دائما ضد مصالح العرب ومع عدوهم الذي احتل أرضهم ، إيران منذ قررت الانحياز الواضح والحازم لقضايا العرب والمسلمين وفي المقدمة قضية فلسطين منذ قيام ثورتها بقيادة آية الله الخميني عام 1979 وباشرت بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني والتي كانت أهم العلاقات في الوسط الإسلامي والعربي بين العلاقات العلنية هذه الدولة الإسلامية تعاني من جيرانها العرب أضعاف ما تعانيه من الأعداء المباشرين أمريكا والصهيونية ، والأغرب أن هذه الدولة المحاصَرَةْ والمعاقَبَةْ تحاول منذ قيام ثورتها وبدء الحصار والعقاب الأمريكي الصهيوني الأوروبي عليها وهي تحاول مد يد العون للدول العربية الواقفة مع عدوها علهم أي هؤلاء العرب يتخطون حالات الإعاقة التي يعانون منها بفعل بنيتهم الثقافية وتكوينهم الذاتي الذي يستغله الأمريكي والصهيوني فيزيد من تدخله في شؤونها لذا نجدها بدلا من مقابلة الإحسان بالإحسان أو على الأقل بالقبول نجدها تقف مع العدو المشترك لتضر بالجميع.
الاجتماع الذي عقد في وارسو عاصمة بولندا مقر حلف وارسو الشهير الذي ضم في 1955 المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي (الاتحاد الروسي وبعض الدول التي استقلت بعد ما يعرف بالبريوسترويكا أو(إعادة البناء ) التي أطلقت باسم غورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفيتي وتحت هذا العنوان تم تفكيكه وكان يضم الحلف أغلب دول أوروبا الشرقية مقابل حلف الناتو (حلف شمال الأطلسي ) مقره بروكسل يضم الدول الرأسمالية بزعامة أمريكا ، أما اجتماع وارسو الجديد 15/ فبراير 2019 بقيادة الكيان الصهيوني وبعض الدول المسماة بالعربية التي أُحْضِرَ من يدعي تمثيلها شخصيات على درجة غير مقبولة من انعدام الشعور بالمسؤولية والكرامة ورأس الاجتماع نتانياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني ليكون نواة حلف يأمل الكيان من خلاله استخدام أموال بعض دوله المسماة عربية وصفات البعض الآخر لمواجهة الخسائر التي يمنى بها على أيدي محور المقاومة الذي تتصاعد قوته، كما يهدف بصورة أساسية إلى استمرار محاولة حرف البوصلة عن مقاومة العدو الصهيوني الذي يحتل فلسطين وبعض الأراضي العربية الأخرى ويدير الحروب والأزمات بمساندة الإدارة الأمريكية ضد اليمن والعراق وسوريا وغيرها واستمرار تغذية الأكاذيب ضد إيران وجعل محور المقاومة عدواً بديلاً عن العدو الحقيقي أي تجريم وشيطنة المقاومة وشرعنة الاحتلال، وفي اعتقادي أن هذا التحالف ليس سوى فرقعة إعلامية إذا تحركت الشعوب التي انتُحِلَت صفات تمثيلها فيه ، لأن محور المقاومة والشعب الفلسطيني قادران على إنهاء هذا التحالف الذي يحمل أسباب فنائه أو الحد من فاعليته .
ومن الأمثلة الصارخة في غرابتها عن هذه العلاقات التي تنسجها بعض الشخصيات التي تدعي تمثيلها للعرب والعروبة موقف لبنان الرسمي الحكومي من العروض السخية التي تقدمها إيران بين فترة وأخرى منها استعدادها لتقديم المساعدة في إنهاء حالة العجز في الطاقة الكهربائية التي يعاني منه لبنان وتسليح الجيش اللبناني بمنظومات دفاع جوي والعديد من المشاريع الاستراتيجية و بدون أي شروط هذه العروض تحول دون تحقيقها عصابات المال والأعمال وتجار السياسة والفساد والإرهاب في هذا البلد لأن هذه القوى ترى في هذه العروض التي تصب في مصلحة كل الشعب اللبناني مساساً بمصالحها الشخصية وتتخذ من عقوبات العدو الأمريكي والصهيوني ذريعة لرفضها لأن هذا الرفض يزيد من حالة الحصار على ايران !، هل يوجد عاقل يرفض أن يساعده محاصَر بحجة تشديد الحصار عليه ؟ ! وهل يوجد بشر لديهم قليل من الأخلاق يقفون موقف المتفرج على جيرانهم وهم يتعرضون لحرب وحصار من قبل عدو الجميع القادم عبر آلاف الكيلومترات وعلى مدى أربعين عاماً لا بل ويشارك المعتدي في عدوانه وحصاره ويقوم بتمويل الحرب والحصار ، لم نقل كان المفروض وقوف العرب إلى جانب إيران ضد الولايات المتحدة المعتدية عليها وأن لا يسمحوا بمحاصرتها لأنها تشكل العمق الاستراتيجي لهم ولكل المسلمين عبر التأريخ ولأن حصار إيران إنما هو حصار للعرب والمسلمين ولكن نقول ليس من الدين ولا من الشرف ولا الأخلاق والكرامة أن يشارك الجار في الاعتداء على جاره أما إيران فمن الواضح من خلال صمودها الذي لا مثيل له خلال الحروب التي شنت عليها على مدى كل هذه السنوات أثبتت أنها تمتلك من القدرات والمؤهلات والثروات والعقول ما يجعلها عصية على الحصار والانكسار ولديها العزم على مواجهة وردع كل الحروب التي شنت ولاتزال تشن عليها بالوكالة وبالأصالة ، لكن العيب كل العيب أن يكون العرب المشاركون في العدوان على إيران على هذا المستوى من التفاهة والانحدار ومحطا لكل هذه السخرية والهوان ! ،عدو العرب يسوقهم إلى وارسو كالنعاج مجرَّد أدوات يستخدمها أي نوع من الاستخدام ويوجهها في أي اتجاه .
الطبيعي في العلاقات بين البشر الأسوياء سواءً بين الأفراد أو الدول أن تكون مبنية على مصالح متبادلة وقد توجد علاقة يستغلها الطرف الأذكى لصالحه دون مصلحة شريكه في العلاقة أما أن يقولبها أو يوجهها طرف ضد مصلحة شريكه المفترض لا بل وترى هذا الشريك الضحية دائم التسبيح والتهليل بحمد من يضحي به فهذا من أكبر العجائب في حياة الشعوب والدول ، المتأمل في هذه العلاقات العربية مع البلدان التي من المفترض أن تكون عمقها وفي مقدمتها إيران يتبين أننا أمام أمة مختطفة تقف ضد مصالحها بل وضد وجودها لوقوفها بالمطلق مع عدوها ضد نفسها هذا الموقف الغريب يعبر عنه اليوم أوضح تعبير دور أدوات السلطة في بعض دول الخليج وفي مقدمتها حكام السعودية والإمارات الذين سقطت عن سوأتهم ورقة التوت التي كانت تغطي ليس فقط حالة التطبيع بينها وبين الكيان الصهيوني بل حالة تبعيتهم المهينة الواضحة لهذا الكيان ، يبرز هذا الحال لأعراب الخليج في ظل اختطاف الدور المصري الطبيعي والذي كان المفترض أن يكون دوراً يتناسب مع حجم مصر ومكانتها في حماية قضايا هذه الأمة أو على الأقل يلبي متطلبات أمنها القومي الذي تهدده سياساتها ودور هذه الدول أو الدويلات في العدوان على اليمن وسوريا والعراق والتي جعلت من مواقف مصر ما أظهرها كأضعف من أضعف دولة في الخليج خاصة بعد انكشاف الغطاء عن هذه التبعية المذلة وجعلت من العرب عامة مسخرة العالم سواء في عالم السياسة أو بين المجتمعات والشعوب .
بئساً لهذي الوجوه الكسيحة
بئساً لمن أوغلوا في النفاق
أباحوا كرامة أوطانهم
فكانوا دُمًى
وبئساً لمن تاجروا بالدماء