بعد استقالة ماتيس …نجح ترامب بتحييد من يعارض أفكاره.. ولكن..

 

هشام الهبيشان

لم يكن هذا الحدث مفاجئاً للبعض ، فرحيل وزير الدفاع جيمس ماتيس ،كان متوقعاً بقوة ،بعد تضارب واضح بوجهات النظر بينه وبين ترامب بخصوص مجموعة قضايا خارجية ، والمتوقع اليوم أن يخلف ماتيس السيناتور ليندسي جراهام أو مدير المخابرات الوطنية دان كوتس، وبهذا تكون اكتملت حلقة إدارة ترامب ، ” إدارة الحرب والابتزاز والاستفزاز ” فهذه هي الإدارة التي يريدها ترامب ،إدارة تتناسب مع أفكاره التجارية المتطرفة ورؤيته لمجمل ملفات الأزمات العالمية العالقة .
فاستقالة ماتيس من طاقم ادارة ترامب ، وصعود نجم السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام تؤكد ان هناك شيئاً ما يطبخ خلف الكواليس ،ولا يريد ترامب أي معارضة له ، ومن المعروف للمتابع للشأن الأمريكي ،حجم التناقض الذي كان سائداً بالآراء بين ترامب وبعض من كان موجوداً في إدارته وخصوصاً مع تيلرسون وماتيس حول معظم الأزمات والملفات العالمية العالقة ، وهنا لا يمكن أنكار حقيقة ان ترامب مستعد لإبعاد اقرب الناس اليه إن كان يتعارض مع افكاره وطريقة حلوله الداخلية والخارجية .
وهنا ، لايمكن إنكار حقيقة هامة مفادها أن ترامب يريد اكمال حلقة إدارته التي ستدار بأفكاره وبأفكاره فقط فهو بعد تعيين جون بولتون ومايكل بومبيو سيسعى لتنصيب ليندسي جراهام ،بمنصب الدفاع ، وهو هنا يدرك جيداً أن مجموع هؤلاء يحملون أجندة تلتقي مع مضامين خطابه العنصري، ومع التقاء هذه الاجندة تتزايد المخاوف من أن تساهم هذه الاجندة بصناعة خطاب عنصري أمريكي يفيض بمشاعر الكراهية والعداء ليس للمسلمين والإسلام فحسب بل لجميع الأجانب والمهاجرين واللاجئين في أمريكا ” هذا بما يخص الشأن الداخلي الأمريكي “،وبما يخص الاجندة الخارجية ، فالأجندة التي يحملها ليندسي جراهام وجون بولتون ومايكل بومبيو بما يخص ملفات وأزمات العالم وخصوصاً ملفات المنطقة العربية وفلسطين والإقليم المحيط وخصوصاً الملف النووي الايراني ،في حال تنفيذها من المؤكد أنها ستعصف بالمنطقة بمجموعها لا بل بالعالم اجمع ، فهذه الأجندة يعرف عنها أنها أجندة كارثية تدميرية ،تهدد قيم التسامح الديني والتعايش السلمي وقبول الاختلاف والتعدد الثقافي، فهي تدعو صراحة إلى إشعال صراع الحضارات، وهذا الموضوع وهذا الخطاب بحد ذاته يشكل خطراً على العالم كل العالم .
ولكنا هنا بالتحديد ،يجب التنويه أن هذا الخطاب العنصري المتطرف الذي تتبناه إدارة ترامب ” الجديدة – بعد جملة التغييرات الاخيرة والمتوقعة” الذي يلوح بالخيار العسكري لكل أزمة عالمية ،والذي يساوم الفلسطينيين اليوم على ارضهم وكرامتهم ” بمبدأ التجويع أو قبول سياسة الأمر الواقع ” ، ويفاوض الإيرانيين ” بالحرب “، ويهدد الكوريين الشماليين ” بمسحهم من الوجود ” ، والذي يهدد سوريا ويحتل العراق ، ويهدد لبنان واليمن ويخوض حرباً بأشكال مختلفة مع روسيا والصين،ويبتز الأوروبيين وبعض حلفائه في المنطقة العربية والاقليم ، والذي بحجة محاربة الإرهاب مازال يحتل افغانستان ، ويجيز لنفسه تنفيذ ضربات عسكرية جوية في بعض البلدان الأفريقية والعربية ،بحجة محاربة الإرهاب “مع أن هذه الضربات تسببت بسقوط ضحايا كثر، لا علاقة لهم ولا صلة بهذا الإرهاب الذي تدعيه أمريكا ، ووو.. إلخ ، فهذا الخطاب الذي يصفه البعض بأنه سيف ذو حدين ، وقد يكون ” نقول قد ولا نجزم ” هو نهاية هذه الادارة سياسياً ،فاحتمالات اسقاطها عبر القضاء الأمريكي مازالت قائمة لوجود شبهات فساد عدة تدور حول من فيها وخصوصاً ترامب ” بسبب استغلاله منصبه لصالح شركاته ، ولا ننسى الشبهات والفضائح التي تدور حول فضائحه الجنسية ” وهنا علينا ان لا ننسى ولا ننكر كذلك أن هذا الخطاب المتطرف لإدارة ترامب ،يلقى معارضة كبيرة من قوى سياسية وشعبية لها وزنها السياسي والشعبي والمجتمعي في الداخل الأمريكي ،وهذه المعارضة لخطاب إدارة ترامب على مستوى الداخل الأمريكي، تلتقي معها انظمة اوروبية وقوى سياسية اوروبية عدة رافضة لهذا الخطاب “المتطرف “ولأجندته المتطرفة .
ختاماً ، يبدو واضحاً أن ترامب ومن وراء تغييراته الاخيرة في طاقم إدارته المتطرف يسعى لتعظيم تمدده وقوته السياسية داخل ادارته ،ويرى في ذلك مصلحة كبرى من أجل توحيد آراء طاقم إدارته خلف أي قرار متطرف سيذهب ترامب لتنفيذه بأي ملف أو أزمة عالمية او دولية أو حتى اقليمية ،ومع ذلك يبدو واضحاً أن أي قرار متهور سيذهب إليه ترامب بما يخص ملفات وأزمات العالم العالقة للآن ، لن يلقى له نسبة دعم كبيرة في الداخل الأمريكي سياسياً وشعبياً ، والواضح اكثر في هذه المرحلة ،ان خطاب ترامب العنصري والمتطرف بات يلقى معارضة كبيرة أيضاً من قوى مجتمعية وسياسية أوروبية ، وهو ما يؤشر إلى بداية انحدار وتهاوٍ سياسي وشعبي خارجي وداخلي لترامب وادراته المتطرفة والعنصرية.
*كاتب صحفي أردني

قد يعجبك ايضا