الولاية الحق وأهلها تتجلى
*ولاية الغدير.. ولاية الصندوق .. ولاية البيت الأبيض
جميل أنعم العبسي
الولاية للإمام علي والحسن والحسين ونسلهما عليهم السلام حسب حديث الثقلين “كتاب الله وعترتي آل بيتي” و”الغدير” و”الكساء” بإجماع جميع الطوائف ومذاهب الإسلام ومن مختلف المدارس والمشارب، وهذه حالة نادرة واستثنائية لا تحدث في مسائل الخلاف والانقسامات التي أحدثها البعض بالابتعاد عن آل البيت مصدر الهداية الحق، وبعيداً عن تلك النظرة الدينية، وبنظرة إلى المشهد العام في الوطن العربي والعالم الإسلامي نجد أن شيعة آل البيت في مقدمة صفوف مقاومة المشاريع الصهيونية الاستعمارية وأدواتهم من النظام الملكي والتكفير الوهابي والإخواني ومرتزقة السلطة والمال والكيانات العنصرية الذين مزقوا الإنسان والأرض، وهي أيضاً حالة استثنائية لا ينبغي لها أن تحدث في ظل انكشاف الدور الأمريكي والإسرائيلي التدميري للإنسانية جمعاء، علاوة على تصدرهم رأس حربة في المشاريع الاستعمارية الجاثمة والمستمرة على صدر بني العرب والمسلمين وبشكل استثنائي أيضاً ولا يحدث بالصدفة.
وهكذا تجتمع اليوم الفطرة الإنسانية والقرآن الكريم وآل البيت الكرام في كفة يتصدرون المواجهة مع قوى الطاغوت أمريكا واليهود الصهاينة وأذنابهم أنظمة المال والبنون وموالاتهم، وتلك إحدى أبرز تجليات معجزة الولاية التي لا يكتمل الإسلام إلا بها، وهذه نتيجة طبيعية أن يكون الإسلام مواجهاً لقوى الشر، فهل لعاقل أن يتخيل أن من بين أمة المليار مسلم يعرفون أن كتاب الله تعالى المنزل بالحق يقول أن أعداءنا هم حلف اليهود والنصارى الصهاينة أمريكا وإسرائيل ومن والاهم ومع ذلك لا يتحرك أحد من تلك الأمة لمواجهتهم، ومن هم غير شيعة آل البيت الكرام ومن معهم من محبي الإمام علي عليه السلام “لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق”، إنها آية من آيات الحق، ويكفي بالمقابل خير شاهد “عندما تنفصل الأمة عن مصادر الهداية فإنها تفتح المجال للطغاة والمستكبرين لأن يقدموا أنفسهم في موقع الهداية والقيادة” كما قال قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي في كلمة يوم الولاية 1439هـ الثلاثاء الماضي ، وقال أيضاً عبارة من أدق العبارات في هذا الزمان وكل زمان فـ “الابتعاد عن الإمام علي يعني الابتعاد عن القرآن وعن الحق” وهذا ما حصل مع من تركوا مبدأ الولاية وانحرفوا عن مصادر الهداية حتى استبدلوها بالطاغوت.
اليوم تجلى كل شيء بشكل يصل للذهول والإعجاز، فهل كان الله تعالى ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم يعلمان أن هناك محسوبين على الإسلام سيرفعون السيوف بوجه الإمام علي، ولماذا احتاج الرسول حين الحديث عن الحق أن يقرنه بحب الإمام علي وموالاته، أم أن الإمام علي كان أحد أعظم المعجزات الإلهية التي تفرض نفسها واقعاً على الأرض دون أن تتحدث، وإلّا لماذا يشترط على صاحب الإصابة بمتلازمة الانزعاج والحنق لذكر الإمام علي موالاة أمريكا وإسرائيل، حلف النصارى واليهود، الحلف المحرم موالاته بحسب أخطر آيات القرآن الكريم المؤدية للردة والطرد من الإسلام “فهو منهم”، وعند نزول تلك الآيات لم يكن هذا الحلف قد ظهر للوجود، أي أن الآية بحد ذاتها معجزة تنبأت بحدث ظهر منذ قرابة ثلاثة قرون فقط، ومعجزة مرة أخرى حين يكون هذا الحلف أشد أعدائنا وأكثرهم استماتة لهدم وتدمير مقدساتنا وتشريدنا وتقتيلنا وإهانتنا بشتى الطرق، ومعجزة ثالثة ورابعة أن يكون هذا الحلف في عداء شديد لأتباع ولاية الإمام علي، وأن يكونوا هؤلاء هم الوحيدين المتصدرين للمواجهة مع أعداء الأمة والإنسانية، معجزة معجزة لا مكان للصدف هنا.
والبعض يتباكى ويذرف دموع التماسيح اليوم على النظام الجمهوري في ظل وجوده بأنصار الله، ويقدح بموالي الإمام علي، ويستنكر ويشجب ويندد بإحياء عيد الولاية، ولا يتباكى أو يذرف الدموع على النظام الجمهوري في عدن أو في مأرب، وأكثر من ذلك نراه مهرولاً لإعلان الولاية لقوات احتلال جمهوريته، ويشيد ويتباهى مفاخراً بالولاية السعودية والإماراتية التي تُقدَّم لها الدموع وشموع المبادرات، وتُذبح لها قرابين حُسن الجوار، وتُفتح معها دفاتر وسجلات الصفحات الجديدة، فيما أبناء البلاد مُحتَلون وميليشيات وكهنة، فيما الكهانة والكهنة لا وجود لها في الدين الإسلامي.
جمهوريون رموز الانبطاح والخنوع والخضوع لدولة الإمارات الغازية والمعتدية، جمهوريون ممنوعون من زراعة القمح، وممنوعون من محاكمة الفساد والعملاء، ويقولون أن الحوثيين سلاليون طائفيون، وها هم الطائفيون والمناطقيون والرجعيون والسلاليون نراهم بفنادق آل سعود وآل نهيان وآل خليفة ملكيون أكثر من الملك، تكفيريون أكثر من محمد بن عبدالوهاب نفسه، أصحاب شعارات الجمهورية والوسطية والديمقراطية والاعتدال لا يقبلون بأي صيغة توافقية أو شراكة مع أبناء البلد، ولديهم توافقات وشراكات حتى مع مرتزقة كولومبيا، ومع أبناء البلد سلم الأسلحة وانسحب من المدن، ويا ترى لمن يتم تسليمها، هل حقاً أنتم في عدن وتعز أولاً، أم التسليم لداعش والقاعدة، أم لطلاب العلم في دماج الذين أصبحوا بين ليلة وضحاها داعش الإرهابية وتخدم الحوثيين، إنها أبرز تجليات النفاق، نفاق نفاق نفاق إنهم أعداء الولاية للإمام علي عليه السلام.
والنوع الآخر من الولاية، هو ولاية الصندوق “للنظام الجمهوري المعتدل” وتعطي الأغلبية المريحة للحزب الحاكم والزعيم الواحد وبنسبة 99,9 % والدستور والقانون مفصل تفصيلاً للرئيس مدى الحياة، حتى التوريث، ما لم يقذف به انقلاب عسكري أو ثورة شعبية إلى الرفيق الأعلى أو المنفى.
وهناك ولاية “النظام الجمهوري العادل” ودستوره يحدد الولاية بخمس سنوات قد تجدد بخمس سنوات أخرى، وبعدها الرئيس السابق للمنزل واعتزال السياسة والعمل الخيري وكتابة المذكرات للأجيال القادمة، والمذهب الشيعي الهادوي الزيدي، يقول بجواز تقدم المفضول في ظل وجود الأفضل، لكن الولاية حتى لو لم تكن على الكرسي تزعج الأعداء.
وهناك ولاية “النظام الجمهوري الثوري الوطني القومي” وهو نظام معاد لأمريكا الإمبريالية والصهيونية العنصرية والرجعية السعودية، وعادةً ما يتم محاربة ومحاصرة هذا النظام حتى يتحول إلى “نظام جمهوري معتدل” بالوصاية الرجعية السعودية، والنهاية السجود في الكنيست الصهيوني والانبطاح للبيت الأبيض.
وهناك ولاية “الصندوق” في الغرب الرأسمالي هي ولاية المال والإعلام والتي يسيطر عليها المال اليهودي، لذلك فالغرب دائما وأبداً ينفذ رغبات العدو الصهيوني بامتياز.
وحتى لا نذهب بعيداً، قبل عام فقط وزير الخارجية الأمريكي السابق “ريكس تيلرسون” صرَّح بوجود لجنة من البيت الأبيض في السعودية تعمل على تنقيح المناهج التعليمية السعودية الوهابية من التطرف، والبيت الأبيض يشرف على توزيع أئمة من الشبان على المساجد، والمحصلة بالنهاية اليهود الصهاينة المحتلون لفلسطين أهل كتاب، وهذه هي ولاية البيت الأبيض الأمريكي والكنيست الصهيوني، ولاية اليهود والنصارى للأنظمة الملكية عامة والسعودية خاصة وأدواتهم من الإخوان وجماعات التكفير ومرتزقة المال والسلطة المعتدلة والذين أغرقوا وفرقوا ومزقوا الإنسان والأرض.
تلك ولايتهم، وهذه ولايتنا، واليمنيون اعتادوا الاحتفال بيوم الغدير على مر التاريخ، قالها السيد العلم اليوم، وقالها المفكر والأديب والشاعر اليمني عبدالله البردوني قبله، فعيد أول جمعة من رجب عيد دخول اليمنيين إلى الإسلام، هذه المناسبة الغالية على قلوب اليمنيين قام بتخليدها الإمام يحيى حميد الدين، حينما أراد أن يُوجِد تعادلاً بين أتباع آل البيت المحتفلين بعيد الغدير وبقية الشعب اليمني، حيث أورد الفقيد البردوني في كتابه (قضايا يمنية – صفحة 289) هذا النص: ((ومن الجدير بالإشارة أن الإمام يحيى حاول أن يوجد تعادلاً بين إقامة الشعائر فأقام إلى جانب عيد الغدير عيد أول جمعة من رجب اعتمادا على بعض الروايات أن كتاب النبي وصل إلى اليمن في أول جمعة من رجب ودخل اليمن في دين الله)).
نعم، إن لم تكن الولاية لآل البيت الطاهرين في زمن آل البيت الأبيض وبني صهيون، فما نحن بحاملي رسالة الإسلام ومعتنقيها، اللهم إنا نتولاك ونتولى رسولك ونتولى الإمام علي ونتولى أعلام الهدى أولياءكِ السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، اللهم إنا نبرأ إليك من أعدائك أعداء رسولك أعداء الإمام علي أعداء أوليائك.
وبمناسبة عيد الغدير عيد الولاية للإمام علي عليه السلام في هذا اليوم والشهر والزمان، وفي ظل عدوان ولاية البيت الأبيض والكنيست الصهيوني ومرتزقتهم على العراق وسوريا وليبيا واليمن وحتى ميانمار، فإن الحق وأهله قد لاح وتجلى، والباطل وأصحابه قد انفضح وبان على حقيقته بالصوت والصورة والقول والفعل حتى العهر.. والتقوى اتِّباع الحق واجتناب الباطل ومحاربته، واللهم صلَّ على محمد وعلى آل محمد، صلوا على محمد وعلى آل محمد، والله لا يهدي القوم الظالمين.