البرنامج التدريبي لرجال الضبط القضائي والدور المطلوب والأهم ..
مطهر يحيى شرف الدين
عند قراءتي لبرنامج الدورة التدريبية الثانية لوكلاء النيابة العامة ومأموري الضبط القضائي التي انعقدت الأسبوع الماضي وما تناولته الدورة من مواضيع ومحاضرات فوجئت مستنكراً غياب محاور عدة كان ينبغي أن تكون على رأس قائمة اهتمامات قيادات النيابة العامة الراعية للدورة ولكن وللأسف الشديد أن موضوع تقييم أداء أجهزة الضبط القضائي و هيئات التحقيق القضائية في مديريات ومحافظات الجمهورية في ما يتعلق بالتوثيق الجنائي والقانوني لجرائم العدوان كان غائباً ضمن برامج الدورة التدريبية ولم يكن هناك ما يشير في المحاضرات إلى هذا الموضوع الذي يفترض في هذه المرحلة أن يكون ضمن أولويات واهتمامات السلطتين القضائية والتنفيذية وبالذات عندما لاحظنا ولمسنا انتقادات ضحايا العدوان والمنظمات الحقوقية المتمثلة في ضعف أداء الأجهزة القضائية للقيام بمهامها إن لم يكن الدور غائباً ، تطوير وتحديث أجهزة العدالة تحقيقا للعدالة وحماية مصالح المجتمع وحفظ حقوق الأفراد وضمان حرياتهم وفق القانون هو أهم الأهداف العامة التي تسعى لتحقيقها منظومة الأجهزة الأمنية والقضائية وهل هناك مصلحة عامة للمجتمع يتم انتهاكها والتعدي عليها أكبر من المصلحة التي يعتدى عليها من قبل دول تحالف العدوان الأمريكي السعودي وهل هناك جرائم ارتكبت أكبر من الجرائم التي ارتكبها تحالف دول العدوان بحق الإنسانية وبحق الشعب اليمني ، وهل هناك خيانة وطن تمت أكبر من خيانة العملاء والمرتزقة الذين استدعوا وجلبوا دول التحالف لشن عدوانها الظالم على وطنهم ، وهل هناك انتهاك صارخ للقوانين الوطنية والدولية أكبر مما انتهكته قيادات تحالف العدوان رؤساء ومرؤسين وزعماء وقادة عسكريون ، وهل هناك مخالفة للاتفاقيات الدولية وللمبادئ الأممية ولقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة أكبر من مخالفة أنظمة الدول الإستكبارية لتلك الاتفاقيات والمبادئ ، فإذا لم يكن هناك أكبر وأهم من هذه الجرائم والانتهاكات الصارخة والمخالفات الواضحة فلماذا لا تتناولها الأجهزة الأمنية والقضائية بالتقييم والمناقشة والتكييف والرصد والعمل على تطوير قدرات وكفاءة مأموري الضبط لدعم جهة التحقيق القضائي وعمل دورات تدريبية لمنتسبيها وندوات علمية يتم فيها تقييم أداء رجال الضبط القضائي وأعضاء النيابة العامة والوقوف على الاشكالات التي تقف عثرة وتحول دون توثيقها وإيجاد الحلول و المعالجات الممكنة الهادفة إلى العمل على الحصر والتوثيق توثيقا رسمياً قانونياً يكون لوزارة حقوق الإنسان بالتنسيق مع النيابة العامة حضور وانتقال إلى مكان الجريمة و إثبات حالة الأماكن والدمار والأشخاص الذين طالهم القصف ومعاينة الآثار المادية للجريمة والمحافظة عليها وسماع وتدوين أقوال الضحايا والشهود بشأن الجريمة ومرتكبيها وإعداد ملفات جنائية متكاملة وذلك إلى جانب ما تقوم به المنظمات الحقوقية والإنسانية جاهدة في كشف وايصال مظلومية الشعب اليمني إلى العالم الخارجي ، ولذلك فإن تلك الجرائم التي يقوم بها تحالف العدوان تعد جرائم دولية لا تتقادم وتملك النيابة العامة سلطة التصرف في التهم الموجهة إلى مرتكبيها بناء على محاضر جمع الاستدلالات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ، ومن ثم فإن للنيابة العامة تحريك الدعوى الجزائية ورفعها ومباشرتها أمام المحكمة المختصة ، وبالتالي فإن الجرائم الدولية المرتكبة يثبت بشأنها الاختصاص القضائي الدولي المكمل لدور الاختصاص القضائي الوطني في حال فشل أو عجز الأخير عن القيام بمهامه وذلك وفق مبدأ عالمية الاختصاص القضائي الوطني ، ولكي لا نذهب بعيدا عن صلب الموضوع يبقى الأهم والمطلوب في هذه المرحلة هو ضرورة التفات الأجهزة الأمنية والقضائية لمثل هكذا مواضيع ونذكر مرة أخرى أننا أمام جرائم ارتكبت وللقضاء الوطني سلطات التعقب و الملاحقة الجنائية والتحقيق والمحاكمة وصلاحية اتخاذ كافة التدابير القانونية والقضائية وكل ذلك بهدف حماية المصلحة العامة للمجتمع وحفظ حقوق الضحايا والمتضررين بالحجز والتحفظ ومصادرة الأموال التابعة للجناة مرتكبي الجرائم ، صحيح أننا نواجه موقف دولي سلبي من القضية اليمنية لكن ينبغي على كل حال العمل على إقامة الحجة والأخذ بالأسباب واستكمال الأجهزة الأمنية والأدلة الجنائية لملفات وقضايا ضحايا العدوان وتسليمها إلى النيابة العامة تمهيدا لرفعها إما للقضاء الوطني أو للقضاء الدولي لتتم محاكمة مرتكبي الجرائم عاجلاً أم آجلاً ، فها هي المادة الثالثة من قانون الجرائم العقوبات اليمني تنص على أن يسري هذا القانون على كافة الجرائم التي تقع على إقليم الدولة أياً كانت جنسية مرتكبيها وتعد الجريمة مقترفة في إقليم الدولة إذا وقع فيه عمل من الأعمال المكونة لها ومتى وقعت الجريمة كلها أو بعضها في إقليم الدولة ، يسري هذا القانون على من ساهم فيها ولو وقعت مساهمته في الخارج كما يسري هذا القانون على الجرائم التي تقع خارج اقليم الدولة وتختص المحاكم اليمنية بها وفقاَ لقانون الإجراءات الجزائية”