دخل كأس العالم روسيا 2018 م.. البطولة الأكثر متعة ومتابعة وأهمية على مستوى الأرض منافسات مرحلة دور ربع النهائي (دور الـ8) والتي تنطلق غداً الجمعة بإقامة أول مباراتين في هذا الدور والذي بالتأكيد وصلته المنتخبات الأفضل والأكثر جدارة واستحقاقاً.
ومابين مختلف المراحل التي يمر بها المونديال والمفاجآت التي حدثت خلال الدور الأول والمتمثلة في مغادرة حامل اللقب المنتخب الألماني مبكراً من الدور الأول، ومن ثم توالت المفاجآت بمغادرة البرتغال والأرجنتين وإسبانيا في دور ثمن النهائي.. تظل الاحتمالات مفتوحة على مصراعيها في ظل التوقع النظري بما ستسفر عنه مواجهات دور ربع النهائي وبين ما ستسفر عنه مواجهات هذا الدور على أرض الواقع بالفعل.
عندما انطلقت نهائيات روسيا لم يدر بخلد جميع مشاهدي وعشاق الساحرة المستديرة بل وخبراءها أن أحداث البطولة ستنطوي على هذا الكم العظيم من الإبهار والإبداع والمفاجآت المدوية التي أثرت البطولة وجعلتها واحدة من أهم النسخ في تاريخ المونديال.
انطلاقة غير متوقعة
ومع انطلاقة المونديال في حد ذاته لم تكن متوقعة أو معهودة من قبل إذ انتهت المباراة الافتتاحية بنتيجة كبيرة لأول مرة منذ عقود طويلة بعد أن تغلب المنتخب الروسي على نظيره السعودي بخماسية نظيفة، ثم استمر نسق الأداء التصاعدي في البطولة مع استمرار النتائج الغريبة والمبهرة فوجدنا تعادلاً لا ينسى بين إسبانيا والبرتغال (3-3) في مواجهة ضرب بها أفضل لاعب في العالم رونالدو بقوة محرزاً ثلاثية هي الأولى في مسيرته المونديالية التي انطلقت عام 2006م، ثم تواصل الإبهار ووجدنا الأرجنتين تسقط بعنف أمام كرواتيا بثلاثية نظيفة، والأبرز من ذلك أن الإثارة استمرت حاضرة حتى نهاية الجولة الثالثة من دور المجموعات.
مفاجأة زلزلت أركان المونديال الروسي حدثت مع نهاية الدور الأول كأس العالم، وذلك عندما ودعت ألمانيا البطولة بعد تذيلها ترتيب المجموعة السادسة برصيد 3 نقاط فقط فيما اكتسح المنتخب السويدي نظيره المكسيك في المجموعة ذاتها فتصدر المنتخب الاسكندنافي وواصل مسيرة التألق في النهائيات بعد أن أطاح بمنتخبي هولندا وإيطاليا في التصفيات، بينما ودعت منتخبات كبرى أخرى من الدور الأول مثل صربيا وبولندا التي تذيلت هي الأخرى المجموعة الثامنة في مفاجأة مدوية، بعد أن تلقت خسارتين وفازت في المباراة الأخيرة على اليابان بهدف نظيف.
مونديال باهت لأفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية
ومن أبرز السلبيات في النهائيات الحالية أن منتخبات أفريقيا وآسيا وأمريكا الشمالية قدمت مونديالاً باهتاً إلى حد كبير ما جعل التساؤلات تنهال على الاتحاد الدولي لكرة القدم عن مدى جدوى رفع عدد المنتخبات المشاركة إلى 48 منتخباً إذ ودعت من الدور الأول كل منتخبات أفريقيا وهي مصر متذيلة المجموعة الأولى والمغرب التي حلت أخيرة في المجموعة الثانية برصيد نقطة واحدة، فيما ودعت نيجيريا المجموعة الثالثة بحلولها في المركز الثالث، وتونس بدورها حلت ثالثة في المجموعة السابعة، وفرطت السنغال في تأهل كان بيد لاعبيها وأصبح المنتخب السنغالي أول منتخب في تاريخ المونديال يقصى بسبب اللعب النظيف إذ تفوق المنتخب الياباني عليه بحصوله على عدد أقل من البطاقات الصفراء.
وهي المرة الأولى التي يفشل فيها أي منتخب أفريقي في التأهل إلى الدور الثاني منذ نهائيات إسبانيا 1982م عندما ودع منتخبا الجزائر والكاميرون من الدور الأول، علماُ بأن منتخب الجزائر من وقتها لازال هو المنتخب الوحيد الذي ودع الدور الأول رغم تحقيقه انتصارين في دور المجموعات.
منتخبات آسيا هي الأخرى لم تكن أفضل حالاً إذ خرجت السعودية وأستراليا وكوريا الجنوبية من الدور الأول وأكملت اليابان فقط إلى ثمن النهائي، ولم يشفع للمنتخب الكوري فوزه على المانشافت بثنائية نظيفة تاريخية أقصت المنتخب الألماني من الدور الأول لأول مرة منذ مونديال 1938م.
منتخبات أمريكا الشمالية تراجعت هي الأخرى فبعد أن تأهلت جميع منتخباتها المشاركة في مونديال 2014م إلى ثمن النهائي ثم تواجدت كوستاريكا في ربع النهائي، وجدناها تعجز تماماً عن تحقيق نتائج ملفتة في المونديال الحالي فودع من الدور الأول منتخبا كوستاريكا وبنما ثم خرجت المكسيك من الدور الثاني.
أداء جماعي
ومن أبرز ما يمكن أن يقال على مونديال 2018م إنه بطولة أثبتت أن المنتخبات التي اعتمدت على الأداء الجماعي نجحت أكثر من المنتخبات المعتمدة على النجم الواحد، فمنتخبات غاب عنها النجوم واعتمدت على الالتزام الخططي واللعب الجماعي نجحت في التواجد في ربع النهائي، وهو ما وضح تماماً في أداء منتخبات صاعدة بقوة مثل السويد وروسيا الدولة المنظمة وكرواتيا، فيما فشل ميسي في إنقاذ الأرجنتين التي ودعت البطولة من ثمن النهائي بالخسارة أمام فرنسا وكذلك البرتغال التي لم تستطع الصمود أمام أوروغواي وخسرت على الرغم من المحاولات المستميتة لنجمها الأول رونالدو لإنقاذ أبطال أوروبا.
تقنية الفيديو
ومن أهم الأحداث التي يجب التوقف عندها في المونديال الحالي هي تقنية الفيديو التي تواجدت بقوة ولأول مرة في مونديال روسيا حيث كانت من أبرز ظواهره بعد أن تباينت الآراء في تقييمها، خاصة مع تأثيرها الواضح في نتائج مباريات بل وفي تأهل منتخبات بعينها وإقصاء أخرى، ففي الدور الأول احتسبت تحديداً 24 ركلة جزاء وهو رقم قياسي هام كسر الرقم السابق في مونديال 2002م وهو 18 ركلة في الدور الأول أيضاً ولكن الملحوظة الأهم أن 10 ركلات منحت بعد الاحتكام لتقنية الفيديو (VAR) وهو رقم كبير وملحوظ بالتأكيد.
التواجد الملحوظ لتقنية الفيديو جعل البعض يعتقد أنها العدالة المطلقة في كرة القدم، إلا أن الرد جاء سريعاً من الجانب الآخر الذي رأى أنها وقفت بشكل ملحوظ مع الكبار وتغاضت عن حالات واضحة مع المنتخبات الأصغر ووضح ذلك من بعض الحالات الصارخة، أبرزها وبحسب متابعين: (عدم احتساب ركلة جزاء واضحة للمنتخب السويدي أمام ألمانيا كانت كفيلة بإقصاء أبطال العالم من الجولة الثانية، عدم احتساب ركلة جزاء للمنتخب المغربي أمام البرتغال، عدم احتساب ركلة جزاء لنجم المنتخب السنغالي ساديو ماني أمام كولومبيا، عدم طرد رونالدو بعد اعتدائه بالمرفق على لاعب المنتخب الإيراني بدون كرة، عدم احتساب ركلة جزاء للمنتخب النيجيري أمام الأرجنتين).
لغة الأرقام
وتكشف الأرقام أن مونديال روسيا تميز بشكل لافت حتى الآن حيث أن أبرز الأرقام التي يمكن التطرق إليها كالتالي:
أقيمت حتى الآن 56 مباراة انتهت 44 منها بالفوز و12 بالتعادل ومباراة واحدة انتهت سلبية.
أحرز حتى الآن 146 هدفاً بمعدل تهديفي بلغ 2.61 في المباراة 54 هدفاً منها تم تسجيلها في الشوط الأول و92 هدفاً في الشوط الثاني.
127 هدفاً أحرزت من داخل منطقة الجزاء و19 هدفاً من خارج المنطقة، 72 هدفاً أحرزت بالقدم اليمنى، 40 هدفاً أحرزت بالقدم اليسرى، 24 هدفاً أحرزت عن طريق ضربات رأسية، 10 أهداف أحرزها اللاعبون بالخطأ في مرماهم، 6 أهداف أحرزت من ركلات حرة مباشرة، 28 ركلة جزاء احتسبت منها 21 ركلة جزاء أحرزت و7 أهدرت، 83 هدفاً أحرزت من اللعب المفتوح أو من هجمات منظمة، 42 هدفاً أحرزت من كرات ثابتة باستثناء ركلات الجزاء، أحرز اللاعبون البدلاء في البطولة 14 هدفاً.
كما أن الكثير من الأرقام والإحصائيات التي سجلها مونديال روسيا في ما أقيمت من مبارياته حتى الآن أبرز تلك الإحصائيات التاريخية يمكن إيجازها فيما يلي:
60 سنة مرّت منذ أن أصبح بيليه رابع مراهق يُسجّل عدة أهداف في مباراة خلال كأس العالم، وقد أصبح كيليان مبابي خامس لاعب يُحقّق هذا الإنجاز.
48 سنة مرّت منذ أن نجح فريق بقلب تأخره بهدفين في مرحلة خروج المغلوب إلى فوز، وهذا ما كرّره المنتخب البلجيكي عندما صدم اليابان وفاز عليه في النهاية بنتيجة 3-2، وكانت أخر مرة يحدث فيها هذا السيناريو في مونديال المكسيك 1970م عندما حولت ألمانيا الغربية تأخرها بهدفين إلى فوز على إنجلترا بثلاثية مقابل هدفين.
40 مليون، هو العدد التراكمي الإجمالي للحضور في نسخ كأس العالم والذي تم بلوغه في مباراة السويد وسويسرا، والنسخة التي شهدت أكبر حضور جماهيري هي الولايات المتحدة 1994م (3.59 مليون)، تليها البرازيل 2014م (3.43)، وبعدها ألمانيا 2006م (3.36)، بينما بلغ عدد الحضور في ملاعب روسيا 2018م حتى الآن 2.58 مليون.
22 من أصل 56 مباراة جرت حتى الآن انتهى فيها الشوط الأول بالتعادل دون أهداف، وقد مرت 37 مباراة في البطولة قبل أن تنتهي أول مباراة بتعادل سلبي، وهو رقم قياسي في تاريخ كأس العالم.
17 مباراة في كأس العالم وهو يرفع شارة القيادة هذا هو الإنجاز الإستثنائي للاعب رافائيل ماركيز ليُحطّم بذلك الرقم القياسي الذي كان يحمله دييجو مارادونا، وقد أصبح اللاعب المكسيكي أيضاً أول لاعب يحمل شارة القيادة في خمس نسخ من كأس العالم، والثالث الذي يظهر في خمس نسخ من البطولة بعد أن سبقه إلى ذلك أنطونيو كارباخال ولوثار ماتيوس.
3 نسخ متتالية من كأس العالم شهدت إقصاء حاملي اللقب من مرحلة المجموعات بعد أن تكرر مصير إيطاليا سنة 2010م وأسبانيا سنة 2014م للمنتخب الألماني في هذه النسخة.
3 مباريات متتالية شهدت هزّ ييري مينا الشباك ليصبح النجم الكولومبي أول مدافع في تاريخ كأس العالم يُحقّق هذا الإنجاز.
2 من حراس المرمى الذين نجحوا بالتصدي لثلاث ركلات ترجيح في إحدى مباريات كأس العالم، وتكمن المفارقة في أن الكرواتي دانييل سوباسيتش قام بذلك بعد 12 سنة تماماً من أول مرة حدث ذلك عبر البرتغالي ريكاردو.