الثورة / يحيى الشامي
منذ غيّرت السعودية استراتيجية المواجهة على حدودها في جيزان ونجران وعسير باعتمادها جيوش المرتزقة والمقاتلين بالوكالة نيابة عن جيشها منذ ذلك الحين أخذت المعارك نسقاً متصاعداً ومساراً أكثر حديّة وضراوة، بدت السعودية من خلاله كما لو أنها تثأر لخسائرها وتحاول تعويض إخفاقاتها وترميم سمعتها وترقيعها بالزج بالآلاف من المرتزقة الى المعركة، رجاء تحقيق معجزة اختراق الجبهة اليمنية، بعد أن باتت كالحلم يُراودهُا منذ سنوات ثلاث.
بإمكان أي متابع لمجريات المعارك على الحدود أن يلحظ ازدياد عدد الزحوفات باتجاه مواقع الجيش واللجان الشعبيّة سواءً تلك التي يُسيطرون عليها داخل الأراضي السعودية أو المواقع على الحدود بين البلدين، حاول القادة العسكريون السعوديون استنساخ تجربة الجيش واللجان الشعبية في عنوانها العريض (الهجوم بدلاً من الاكتفاء بالدفاع) خاضت المغامرة دون امتلاك رصيد كاف من الخبرة أو حتى دون التخطيط الجيد للدخول المتمكّن في هكذا مرحلة، ولهذا يظهر الفرق ضريبة كبيرة يدفعها يومياً مرتزقة السعودية في كل واد وجبل على الحدود بين البلدين، بل أن السعودية ونتيجة فائض القوة البشرية التي تمتلكها من المرتزقة باتت تبحث عن قيادات يمنية تجيد كشرط أدنى تضاريس ومسارات الأرض اليمنية، ولهذا تجد في أحاديث الأسرى الذين يقعون في قبضة الجيش واللجان تفاصيل مهولة تؤكد الاستغلال الفج الذي تمارسه السعودية على مرتزقتها ، فغالبيتهم جيء بهم مباشرة الى المتارس قبل الدخول في دورات قتالية بل أن بعضهم تحدّث عن حمله السلاح للمرّة الأولى.
في جبل قيس وبعد أن شرع المرتزقة هجوماً واسعاً على الجبل بهدف السيطرة عليه، وتأمين مناطق من جيزان التي يُطل عليها الجبل، اكتفى المقاتل اليمني بأن يُقاتل الجبل بمفرده قبل أن يتدخل مجموعة منهم ببضع طلقات في اللحظات الأخيرة، حيث شرع المرتزقة وتحت أنظار مجاهدي الجيش واللجان الشعبية بالتقدم وصعود الجبل من محاور عدة وبطريقة توحي بغياب موجه أو مرشد يوضح الطرق ويبين المسالك ومآلاتها، وبالتالي الوصول الى أماكن تجعلهم صيداً مكشوفاً لمقاتلي الجيش واللجان ، ووقوع عدد منهم في شباك الاسر، العملية توضح الطريقة المستهترة في التعامل مع مرتزقة، من جانب ومن جانب آخر غياب الخبرة والقيادة العسكرية الملمّة بأبعاد العملية وطبيعة تضاريس الأرض والبيئة، وهو مثال يجري تعميمه في أغلبية العمليات التي يُزج وقوداً لها مئات المرتزقة اليمنيين والأجانب، بل أن الدعم السعودي يكاد يقتصر في بعض الأحيان على الإسناد الجوّي والضرب المدفعي والصاروخي، هذا إن لم يتحول الى وسيلة للضغط على المرتزقة في حال تراجعهم أو محاولتهم التوقف.
آخر هذه الزحوفات الجارية على مدار الساعة حصلت في جبهة جبل قيس، حيث انكسر زحف المنافقين، وتوالت خسارتهم رغم شن الطيران عشرات الغارات على مواقع الجيش واللجان الشعبية، وسُجل سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى في أوساط المرتزقة أثناء الهجوم، فضلاً عن عشرات الإصابات نتيجة قصف المدفعية اليمنية تجمعات المرتزقة.
وعقب انتهاء العملية بادر المجاهدون اليمنيون بشن هجمات واسعة على جبل حوالي جنوب جيزان، وتركّزت الهجمات على مجموعة تباب في جانب من الجبل حيث تحصينات وثكنات مرتزقة الجيش السعودي قد سُجّل في العملية مصرع وجرح أعداد منهم وفرار البقية وهم العدد الأكبر
وحصدت القناصة اليمنية خلال الأيام القليلة الماضية رؤوس ستة عشر جندي سعوديا ومرتزقا في مواقع على محيط مدينة الخوبة جنوب جيزان عشرة جنود سعوديين وستة مرتزقة.
فيما شن مجاهدو الجيش واللجان الشعبية أكثر من هجوم على مواقع العدو في جبهتي عسير ونجران من بينها العملية التي استهدفت مواقع الجيش السعودي ومرتزقته في جبل وعوع وانتهت بمقتل عدد من المرتزقة وجنود العدو السعودي، وعملية أخرى استهدفت جبل مجازة في عسير.
وفي حرض وشمال صحراء ميدي تصدت قوات الجيش واللجان الشعبية لهجمات واسعة لمرتزقة الجيش السعودي على محاور من المنطقتين، مكبّدة المرتزقة خسائر كبيرة في صفوفهم من بينهم عدد سقطوا بتفجير وحدة الهندسة عبوة ناسفة أثناء مرور آلية لمرتزقة الجيش السعودي في الصحراء ومصرع من كان على متنها، والآلية الأخرى تم تدميرها في وقت سابق، فيما بلغ عدد الغارات على الصحراء وحرض العشرين غارة أثناء العمليات وقبلها.
-ماذا جرى حقيقة، وكيف نقلته السعودية على سبيل الافتراء؟
قبل ساعات ودون أحداث جرت ولو بالقرب من المنطقة، أعلنت وسائلُ إعلام العدوان السعودي خبراً من العيار الثقيل مُفادهُ أن من تسميها قوات “الجيش الوطني” سيطرت على منقطة العطفين في مديريّة كتاف ، أثار الخبر العاجل موجة من السخرية في أوساط اليمنيين وفي مقدمتهم سكّان تلك المنطقة التي تقع بعيدا عن أخر نقطة اشتباك تدور بين مجاهدي الجيش واللجان وبين مرتزقة العدوان، على الحدود بين كتاف ونجران، الأهم من الخبر خلفياتُه حيث يُمارس المرتزقة نفس الأسلوب الذي تمارسه السعودية في عدوانها على اليمن، غير أن هذا الخبر لم يكن المقصود الطرف اليمني بقدر ما كان يهدف لتقديم خبر مبهج للقيادة العسكرية السعودية، وبالتالي تعجيل المكرمة الرمضانية المشروطة بتقدم ميداني أشبه بالمستحيل، وعندما عجَز المرتزقة عن تحقيق هذا التقدّم قاموا بفبركة هذا الخبر الكبير نسبياً مع حجم الأخبار المبركة السابقة، دون مراعاة بُعد المنطقة عن مكان المعارك أو حتى دون التطرّق لتفاصيل مرافقة تظهر آلية دخول المنطقة والسيطرة عليها، لا يُعلم ما إذا كانت قيادة العدوان أنزلت الإكرامية الرمضانية للمرتزقة بناء على الانتصار الوهمي ، لكن المؤكّد أن قدراً كبيراً من السخافة والانتهازية المتبادلة باتت تضبط العلاقات بين المرتزقة وقيادات العدوان من الطرف السعودي الحريص جدّاً على تحقيق اختراقات في جدار الدفاعات اليمنية في تلك المناطق الحدودية، خاصة أن حجم الضغط العسكري المُمارس من قبل العدوان على الجبهات الحدودية يُعد الأكبر من نوعه منذ بداية العدوان، وتؤكدّ الأخبار الواردة من تلك الجبهات تواجد أعداد كبيرة (بالآلاف) من المرتزقة اليمنيين والسودانيين في جميع الجبهات والمحاور بينما بات الوجود العسكري السعودي مُقتصراً على القيادة من الخلف الى جانب من أسمتهم أمريكا ب ” أصحاب القبعات الخضر” في تأكيد على المشاركة الأمريكية المباشرة في جبهات الحدود.
يهلكُ المئات من مرتزقة الجيش السعودي والمنافقين في زحوفات يُزج فيها المرتزقة بمختلف ألوانهم وأشكالهم، من الواضح أن القيادة العسكرية المُشرفة على المعارك هناك تُحاول تقديم إنجاز لافت الى طاولة ملوك وأمراء بني سعود طمعاً في محصول مالي دسم، ومن الواضح أكثر أن هؤلاء لا يكترثون إطلاقاً لأرقام القتلى وأعداد الجرحى الذين يسقطون يومياً بنيران الجيش واللجان الشعبية،
مصادر ميدانية من الجيش واللجان الشعبية أكدت أن أعداد قتلى المرتزقة في معارك البقع وصحراء الأجاشر بلغت أرقاماً قياسية خلال الأشهر القليلة الماضية، وعن ما إذا كان زخم الأعمال العسكرية خفّت قليلاً خلال شهر رمضان، أكد المصدر أن العكس تماماً هو الحاصل ، مُعلّلاً بأن أسلوب السعودية المُستخف بمرتزقتها بالإضافة الى خشيتها من المجاهدين اليمنيين يدفعها الى دفع المرتزقة لمحاولة اختراق الدفاعات اليمنية والحد من الهجمات على مواقع جيش العدو السعودي.
وبالرغم من كثافة التواجد البشري للمرتزقة اليمنيين والسودانيين في الجبهة والذي بات يُمثل سياجاً بشريا إلا أن هذه التكتيكات غير المبنية على رؤية عسكرية واضحة تفشل في وقف أو الحد من الهجمات العسكرية التي يُنفذها المقاتلون اليمنيون على المواقع والتجمعات العسكرية السعودية، حيث يشن مجاهدو الجيش واللجان بين الفينة والأخرى هجمات على المواقع خاصة الواقعة الى الجهة الغربية من مفذ الخضراء الحدودي، فضلاً عن تواصل عمليات القصف المدفعي والصاروخي على عشرات المواقع السعودية والمعسكرات بما فيها تلك الواقعة على بُعد كيلومترات في الخلف من خطوط المواجهة المحتدمة على الحدود.
وبالرغم من هذه التحشيدات من جيوش مرتزقة ومنافقين إلا أن ذلك لا يوقف عدّاد القتلى بحقّ الجنود السعوديين حيث ينشرُ إعلام العدوان السعودي لوائح بأسماء قتلاهم بشكل دوري وبصورةٍ يومية ويتراوح العدد بين الخمسة الى العشرة جنود سعوديين بين قتيل وجريح وغالبية هؤلاء الجنود يلقون مصارعهم في جبهة عسير وجيزان.