الثــــورة / غمدان أبوعلي
تختلف طقوس الحياة في شهر رمضان المبارك عن بقية شهور السنة في محافظة الحديدة سواءً في مظاهر الحياة الاجتماعية أو الأجواء الروحانية أو التكافل والتراحم فيما بين أبنائها والتي تتميز بها المحافظة عن غيرها ، حيث تشهد المحافظة – كعادتها – صيفاً ساخناً وانقطاعاً للتيار الكهربائي بالتزامن مع الشهر الفضيل.
ورغم الأزمة والحصار والظروف الصعبة التي يمر بها سكان محافظة الحديدة فإن ذلك لم يقف حجر عثرة أمام عزيمة وصمود أبناء المحافظة حيث يعيش أبناء الحديدة هذه الأيام أجواء روحانية رمضانية رائعة تشدوا معها النفوس لتمتلئ فرحة وبهجة بهذا الشهر الفضيل الذي تعود على زيارتنا كل عام لنعيش معة عالما” أخر غير الذي عشناه طوال الأحد عشر شهراً الأخرى ؛ انه عالم رمضان الروحاني حيث تطل معه فيوض الرحمة لتصنع في أنفسنا شعوراً وفرحة وروحانية مكللة بأعمال الخير والتكافل والتعاون وخاصة في مثل هذا الشهر الفضيل الذي يضاعف الله فيه الأعمال ويتقبل فيه القربات ويرفع فيه الدرجات أعلى المراتب .
الثورة أجرت في هذا الشهر الفضيل جولة سريعة في محافظة الحديدة لمعرفة أحوال أبناء المحافظة في رمضان ومشاعرهم الفرائحية بهذا الشهر الفضيل وكيف يقضون أيامهم في الشهر الفضيل في الأسطر التالية :
يقول الأخ / عبدالله ناصر الحودلي – أحد المواطنين بمحافظة الحديدة والذي تطرق إلى العادات والتقاليد المتعارف عليها في شهر رمضان بين الأهل والأحباب بمحافظة الحديدة في رمضان والتي أشار فيها إلى أن تلك العادات تكاد لا تختلف عن بقية أهل اليمن إلا في جوانب طفيفة لكن إجمالاً فنحن في الحديدة معتادون في رمضان على الآتي :
السهر حتى الفجر و بعد صلاة الفجر حيث يكون كثير من الشباب يواصل سهره حتى التاسعة أو العاشرة صباحاً ثم يتوجه إلى النوم بعد ان يتم قراءة القرآن والتسبيح والتكبير لله ..
وفي هذه الأيام يتم ترتيب دوري رياضي بعد صلاة العصر و حتى قبيل صلاة المغرب يتم رصد جوائز قيمة و بصورة أهلية لهذا الدوري وتستعد المساجد لتكتسي بأجمل الحلى وتتلون جدرانها ويتم تنظيف ما بداخل المساجد وتغيير كل شيء احتفاء” بليالي الشهر الفضيل ” ..
ويشير الحودلي إلى أنه قبيل صلاة المغرب معتادون أن يتواصى الجيران ببعضهم البعض من خلال توزيع بعض الأطعمة الرمضانية مثل السنبوسة و الشوربة على بيوت الجيران و كذلك التواصي بالأرحام والأقارب القريبين منا، حتى في المساجد تجد الجيران يجتمعون في موائد الإفطار الجماعية والكل يحمل بيده افطاره من منزله والتي أصبحت عادة سنوية لا يمكن تجاهلها أو نسيانها..
بعد صلاة المغرب يجتمع الناس كلٌ في بيتهم ليواصلوا إفطارهم و غالبية أهل الحديدة يجتمعون في إفطارهم بالعشاء يتناولون ذلك و هم مجتمعون على شاشات التلفزيون لمتابعة برامج أو حلقات أو مسلسلات خاصة ما فيها طابع فكاهي أو كوميدي ..
ويسرد لنا الحودلي عادات وتقاليد أبناء تهامة في رمضان بعد صلاة التراويح يذهب الناس لأعمالهم. و الناس في رمضان حتى الجمعة لا ينفكون من العمل لأن في رمضان يطرح الله فيه بركة ورزقاً وفيراً للجميع ويحرص التجار على إخراج زكاة مالهم فيه و من أجل ذلك يمر البعض من التجار بنفسه على البيوت في الليل لتوزيع زكاته فيما يُعرف بـ ( حق الله ) و في العشر الأخير من رمضان يهرع البعض من الناس إلى المساجد لأداء صلاة القيام و التهجد ..
أوضاع صعبة بسبب انقطاع الكهرباء والمياه !!
وتعيش محافظة الحديدة الساحلية أوضاعا صعبة بفعل الحصار والعدوان الغاشم على بلادنا والذي حول حياة الناس إلى كابوس مخيف حيث تعاني المحافظة من انقطاع التيار الكهربائي وانعدام المياه عن منازل المواطنين وسط استياء وسخط المواطنين بسبب ارتفاع درجة حرارة الصيف الملتهبة وكذا تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والذي ضاعف من معاناة المواطنين وتسبب انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن منازل المواطنين إلى تفاقم معاناة أبناء الحديدة في شهر رمضان المبارك جراء تجاهل مطالبهم ،
خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة والذي فاقم من معاناتهم وتسبب في مشاكل كبيرة لهم .
وشهدت مدينة الحديدة الساحلية موجة نزوح جماعي هرباً من الحر الشديد خصوصاً في شهر رمضان المبارك في ظل انعدام الكهرباء، وهرب الآلاف من سكان المدينة إلى المناطق الباردة بما فيها صنعاء وإب ومناخة ومدينة حجة لقضاء صيام شهر رمضان المبارك بعيداً عن الحر الذي تشهدة المحافظة .
ويؤكد الأخ محمد كداف من سكان محافظة الحديدة إلى أنهم ومنذ أول أيام شهر رمضان المبارك عاشوا أجواء رمضانية مقلقة ومتعبة بسبب الأنطفاءات الكهربائية والجو الحار الذي تشهده المحافظة هذه الأيام وبشكل ضاعف من معاناتهم ، خاصة مع ارتفاع حرارة الجو والذي لم يحترموا فيه العجزة والأطفال والمرضى والفقراء الذين لا يقدرون على شراء المولدات الصغيرة التي لجأ إليها الكثير من أصحاب المحلات الكبيرة ..
وأضاف كداف لقد فرحنا كثيراً بالتوجيهات التي أصدرها رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط والتي تضمنت منح أبناء محافظة الحديدة تخفيض 50 % من فواتير الكهرباء إلا إننا نقول له ان الكهرباء لم تصل إلى منازلنا سوى بضع ساعات فقط وبقية الساعات نقضيها في الحر الشديد والظلام .
أطعمة الناس في رمضان بالحديدة ..
أما بالنسبة للأطعمة والمشروبات والتي تكاد تقتصر على نوعية معينة من الأطعمة بها يعرف الناس رمضان بل و لعلهم هذه الأيام يحرصون على شرائها و من أجلها ترتب المعارض الكبرى و لعل أبرز هذه الأطعمة :
السنبوسة و الشوربة .. الكريمة و البودر و البسبوسة و الخاجلة الى جانب العصائر والمشروبات المختلفة التي يقبل عليها بسبب الحر الشديد في المحافظة ..
ويحرص الناس على تناول السمك وأقصد الكثير من أهل الحديدة عند وجبة السحور التي تبدأ عند البعض منهم مع الثانية أو الثالثة قبيل الفجر ..
وأما بالنسبة لمؤائد الإفطار والمأكولات الشعبية المميزة في رمضان في الحديدة ابتداءً من الشوربة والسمبوسة واللحوح والعصائر الباردة إلى جانب حلويات الخاجلة والبقلاوة التي تتواجد من بعد صلاة العشاء وحتى موعد السحور ويقبل على شرائها المواطنون والاطفال والشباب كذلك مجالس السمر الشعبية الخاصة في هذا الشهر الفضيل والتي يتم فيها قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية والاكثار من الاستغفار وتدارس آداب الصيام .
نصيحتي للشباب ..
ودعى الشيخ محمد الاهدل – امام مسجد بالحديدة : الشباب الى الاهتمام بوضع برنامج يتقربون فيه إلى الله في هذا الشهر الفضيل لأن رمضان المحطة الرئيسية التي نتزود منها بالوقود الذي يكفينا للعام كله و أنا هنا أوجه إخواني الشباب بالاهتمام بالصلوات الخمس و الإكثار من النوافل فإن الفريضة في رمضان بسبعين و النافلة بفريضة والحرص على قراءة القرآن و ليكن ختمنا للمصحف في رمضان أكثر من ثلاث مرات ..
وأتوجه إلى الشباب بالقول إلى أن رمضان فرصة للتغيير إلى الأحسن لأنا كنا ممن عصى الله و أخطأ في حقه فلنرجع إلى ربنا الذي يقبل التوبة عن عباده فلنمد أيدينا إليه راجين منه العفو و الصفح وان يحفظ اليمن ويرفع عنها الحصار والعدوان فهو سبحانه لن يخذلنا ..ولا ننسى أن امتداد آجالنا حتى يبلغنا برنا شهر رمضان – نسأل الله أن نكون ممن بلغهم الله رمضان – إنها بحد ذاتها نعمة يمن بها الله علينا فلنحمد الله و نشكره و لنقم بواجب الطاعة و العبادة لله .. وبارك الله فيكم و رفع قدركم و قضى حاجتكم و جعلكم من أهل النفع و التقى آمين اللهم آمين ….
* وعن السلبيات والمعوقات التي أصبحت المنغص لهم ولصيامهم في شهر رمضان المبارك بمحافظة الحديدة يقول الشاب أسامة الحاج من أبناء الحوك بالحديدة : مشكلة الانطفاءات الكهربائية المستمرة والتي نتمنى أن تختفي في شهر رمضان المبارك حيث وأن المحافظة تشهد هذه الأيام جواً حاراً جداً وأنه قد يؤثر عليهم وعلى صيامهم إذا ما استمرت تلك الانطفاءات الكهربائية في الشهر الفضيل الى جانب ارتفاع الأسعار والغلاء المخيف الذي جعلنا نعجز عن شراء بعض احتياجاتنا ونطالب الجهات المختصة بأن تقوم بواجبها في عملية الرقابة على الأسعار وضبط كل من تسول له نفسه تعكير الأجواء الرمضانية المباركة.
ويشاركه الرأي الأخ / هاشم جحاف والذي تحدث قائلا” : للأسف الشديد في شهر رمضان المبارك تشهد مدينة الحديدة أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي وارتفاع أسعار الخضروات والفواكة وانطفاء الكهرباء ولا ندري من يقف وراء تلك الأزمة الخانقة التي أرهقتنا كثيرا”، ليضيف لنا هماً ثقيلاً وكابوساً مزعجاً، مما نضطر إلى الصيام والقيام في شهر الخير والبركة بوجوه معبسة يملؤها الحنق والغضب والأسى من الوضع الذي للأسف عجزت السلطة المحلية عن توفير أبسط الخدمات الأساسية للمواطن المسكين في شهر الخير …
في الأخير ….
ومع تزايد المعاناة التي أرهقت كاهل المواطن في محافظة الحديدة جراء الحصار المفروض على بلادنا وأشتداد المعارك في جبهة الساحل الغربي وإنطفاء الكهرباء وأوضاع معيشية صعبة يعيشها سكان البشرة السمراء كما يحلوا لنا تسميتها حتى أجبر الناس أن يكيفوا أنفسهم مع أسوأ الأحوال ويتعايشون معه حتى يأتي الله بالفرج ويوقف العدوان ويرفع الحصار على بلادنا ، بات مقتنعاً بأبسط حقوق العيش في المواطنة وصارت طبعاً لهم ملتجأون إلى الله في هذا الشهر الفضيل رافعين أكف الضراعة والخضوع بإبدال حالهم إلى أحسن حال.