بعد الجولة الاولى لمارتن غريفت .. لا حلول جدية في الأفق
ابو بكر عبدالله
خلافا للتوقعات لم تخرج الجولة الأولى للمبعوث الأممي الجديد مارتن غريفت في اليمن بجديد مع معاودة دول العدوان وداعميها الدوليين اللعب على وتر أطراف الأزمة اليمنية الذي يقتضي التعاطي مع صنعاء والفار هادي باعتبارهما طرفين يتصارعان على السلطة، بعيدا عن العدوان العسكري والحصار الذي يقوده التحالف السعودي الإماراتي الذي أفلح بمساع ديبلوماسية وسياسية محمومة في الخروج من معادلة الأزمة فارضا التعاطي معه فقط كطرف في الملف الإنساني.
مؤكد أن زيارة غريفت إلى صنعاء لم تكن في منأى عن ضغوط دول العدوان وداعميها الدوليين والتي تُرجمت بما نقله من افكار لاستئناف مفاوضات الحل السياسي على ذات السياق الذي اعتمده سلفه الموريتاني ولد الشيخ، بل والتعاطي مع صنعاء بكونها طرفين يمثلهما أنصار الله وحزب المؤتمر، بفارق الحماسة التي بدت لإضافة ذراع جديدة للعدوان ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي.
مشهد منقسم سعت دول العدوان وداعميها الدوليين منذ وقت مبكر لإعادة إنتاجه مسارا وحيدا في التحركات الأولى التي يقودها البريطاني مارتن غريفت الذي أفلح بالمقابل بكسر تقليد طالما اعتمده سلفه ولد الشيخ باللقاءات التي جمعته برئيس المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ وقيادات أنصار الله وحزب المؤتمر وأحزاب أخرى.
وعلى أن هذه اللقاءات انطوت على رسائل بتحريك جدي للجهود الأممية المتعثرة منذ عامين بما حملته من اعتراف أممي بمؤسسات الحكم القائمة في صنعاء، إلا أن هذه الخطوة المتأخرة لم تمثل قيمة ايجابية قياسا باستباقها من دول العدوان وداعميها الدوليين بالإعلان عن استمرار العدوان الهمجي والحصار في خطوة قللت إلى حد كبير فرص تجاوز الانسداد الحاصل بمسار الحل السياسي .
هذه النتيجة ليست نظرة تشاؤمية حيال الجهود التي يقودها البريطاني مارتن غريفت فحجم الضغوط التي تمارسها واشنطن ولندن بما حملته من توجهات باستمرار دعم العدوان العسكري والحصار على اليمن واحتواء تداعياته الكارثية على العدو السعودي كان كبيرا .
وهذه الضغوط تمضي اليوم قدما بعيدا عن مسار الحل السياسي الذي اختزله الداعمون الدوليون للعدوان برؤية عرجاء لفصل الملف الإنساني عن الملفين السياسي والعسكري تلبية لحاجات واشنطن ولندن للتنصل عن المسؤولية القانونية والأخلاقية حيال ما يتعرض له اليمنيون من جرائم إبادة وحشية جراء العدوان والحصار.
وقياسا بأولويات حددتها صنعاء لجهة وقف العدوان العسكري ورفع الحصار عن الموانئ اليمنية والحظر عن مطار صنعاء وضمان استقلالية البنك المركزي ووقف الإجراءات التي تديرها دول العدوان وحكومة الفار هادي بتدمير شركات القطاع العام الناجحة بشقيها التجاري والخدمي، فإن المرجح أن يواجه المبعوث الأممي صعوبات كبيرة خصوصا وأن تحالف العدوان لم يعد في خياراته البحث عن خروج مشرف، كما لم يعد الحل السياسي اليمني التوافقي ضمن خياراته المطروحة، وهو أمر أكده الظهور القوي للمعسكر الداعم للعدوان في واشنطن ولندن في مقابل انحسار كبير للأصوات الداعمة لخيار الحل السياسي .
لن تعدم دول العدوان وداعميها الدوليين الوسيلة لسد الطرق أمام الحل السياسي، فكل التقديرات تشير إلى ان السعودية والإمارات صارتا مع دخول العدوان عامه الرابع دون تحقيق أي أهدافه مستعدتان لخوض حرب استنزاف طويلة المدى ليس لجهة تحقيق أهدافها السياسة والعسكرية من العدوان بل لتجنب الوقوع تحت طائلة الأعباء السياسية والعسكرية والأمنية التي يمكن ان تواجهها في حال المضي بحلول سياسية تضع نهاية للعدوان والحصار.
صحيح أن دول العدوان وحلفاءها الدوليين يدركون أن الانتصار في الحرب العدوانية على اليمن صار حلما بعيد المنال، لكنهم يدركون في المقابل أن الخروج من هذه الحرب في هذا الوقت مخاطرة كبيرة قد تتجاوز بآثارها الكلفة الاقتصادية إلى تداعيات مفتوحة تهدد استقرارها الداخلي.