للمرّة الأولى في تاريخ الاستخبارات الأمريكية، تقود سيدةٌ الجهاز الاستخباراتي الأقوى في العالم، بعد قرار الرئيس دونالد ترامب، أمس الأول 13 مارس 2018م، تعيين جينا هاسبيل خلفاً لمايك بومبيو، الذي تمت ترقيته ليكون وزيراً للخارجية.
وتطلق الصحافة الأمريكية على هاسبيل اسم “المرأة المرعبة”؛ وذلك لدورها في الإشراف على البرامج السرية لـ”CIA”.
انضمت هاسبيل، المخضرمة في عمليات التجسس السرية، إلى وكالة الاستخبارات عام 1985م، وعملت في عدة مواقع حول العالم، بينها سفارة واشنطن في لندن، وتقلدت العديد من المناصب داخل الاستخبارات الأمريكية.
كما حصلت هاسبيل على جائزة التميز في مكافحة الإرهاب من قِبل الرئيس جورج دبليو بوش، وجائزة دونوفان، وميدالية الاستحقاق في الاستخبارات من الفئة الرئاسية، وجائزة الرتبة الرئاسية.
عُيِّنت جينا هاسبيل، (61 عاماً)، في عام 2013م مديرةً للخدمة الوطنية السرية، التي تُعد الذراع السرية لوكالة الاستخبارات، إلا أنه تم استبدالها بعد عدة أسابيع، نتيجة الجدل بشأن دورها في عمليات التحقيق التي اعتُمدت بعد هجمات سبتمبر والتي استُخدمت فيها تقنيات تعذيب مثل الإيهام بالغرق، وفقاً لتقارير صحفية صدرت حينها.
آخر المناصب التي شغلتها، كان عندما اختيرت في فبراير عام 2017م، لمنصب نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية من قِبل الرئيس دونالد ترامب.
وكان بومبيو قال عند تعيينها لتكون المسؤول الثاني في الوكالة: “إن جينا جاسوسة مثالية ووطنية مخلصة، تملك أكثر من 30 عاماً من الخبرة في الوكالة، وهي أيضاً قيادية محنّكة مع قابلية ممتازة للقيام بالمهام ودفع من يحيطون بها”.
– سمعة سيئة
سمعة “هاسيبل” وسجلُّها سيئان للغاية؛ إذ تقول تقارير صحفية أمريكية إنها أشرفت على برامج الخدمة السرية الوطنية لاستخبارات الدول الأجنبية والعمل السري، كما أدارت برنامج “عين القطة”، وهو سجن سري في تايلاند، وأشرفت على التعذيب بالإيهام بالغرق لكل من القياديَّين في “القاعدة” عبد الرحيم النشيري وأبو زبيدة عام 2002م.
ويُوصف أبو زبيدة أو “زين العابدين محمد حسين”، السعودي من أصول فلسطينية، الذي أشرفت هاسبيل على تعذيبه، بأنه الرجل الثالث في تنظيم القاعدة وقت اعتقاله عام 2002م على خلفية هجمات 11 سبتمبر 2001م، وتقول “واشنطن بوست” إنه تعرّض لمحاكاة الإغراق 83 مرة في أغسطس 2003م، ما أفقده إحدى عينيه، قبل أن يُنقل من أحد السجون السرية إلى غوانتانامو عام 2006م.
أما السعودي الآخر، عبد الرحيم النشيري، فهو متَّهم بالتورط في تفجير المقاتلة “يو إس إس كول” قبالة سواحل عدن عام 2000، واتُّهم بأنه ترأَّس عمليات لتنظيم القاعدة في الخليج العربي، قبل اعتقاله في نوفمبر 2002م من قِبل وكالة الاستخبارات المركزية، والمعتقل حالياً في غوانتنامو.
ويعد “الإيهام بالغرق” من أكثر الوسائل قساوةً التي تمارَس داخل المعتقلات الأمنية الأمريكية السرية والتي تقام خارج الولايات المتحدة؛ حتى لا تكون تحت السلطة القضائية الأمريكية التي تجرّم التعذيب.
ويعني أسلوب الإيهام بالغرق صبّ الماء على وجه الشخص؛ لجعله يشعر بالغرق.
وكان الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، أمر بإيقاف التعذيب في المعتقلات السرية، لكن ترامب -وعقب تولّيه السلطة العام الماضي- أمر بإعادة العمل بـ”الإيهام بالغرق”، وقال في يناير 2017م: إنها “طريقة فعالة في التحقيق”.
كما ذكرت الصحيفة في عام 2017م، أنها (هاسبيل) تورَّطت عام 2015م في تدمير أشرطة فيديو حول تقنيات “استجواب مفرط” مع العديد من المعتقلين بسجن سري كانت تديره في تايلاند، وأراد محامو معتقلين -وهم أعضاء مفترَضون في “القاعدة”، كأبو زبيدة والنشيري- الحصول على هذه الأشرطة لتقديمها إلى المحكمة العليا؛ لإثبات تعرضهم للتعذيب.
– أدلة
وأنجزت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، في عام 2014م، تقريراً سرياً عن برنامج التعذيب الذي مارسته الـ”CIA”، تقول مصادر صحفية إن اسم “هاسبيل” ورد به، لكن الرئيس الحالي للجنة، ريتشارد بور، وهو جمهوري، يحاول منذ عدة أشهر جمع نسخ التقرير، مؤكداً أنه يريد تفادي أي تسريب لمحتوياته.
وعبّر الديمقراطيون عن خشيتهم من أن الرئيس الجمهوري للجنة يريد تدمير نسخ التقرير جميعها، ما سيعني طمساً أبدياً للحقيقة.
ووفق مصادر صحفية، يتهم التقرير “هاسبيل” بالمسؤولية عن إدارة برنامج الاستجواب “المكثف” للمتهمين بالإرهاب، وهو ما يرقى إلى درجة التعذيب.
ويفصّل التقرير، الواقع في 6700 صفحة، وسائل الاستجواب وظروف الاعتقال المثيرة للجدل للمشتبه فيهم، مع استخدام تقنيات محظورة، مثل الإيهام بالإغراق، أو الحرمان من النوم لانتزاع اعترافات.
ونُشر ملخص يقع في 528 صفحة من التقرير، في ديسمبر 2014م. لكن النسخة الكاملة للتقرير، المصنّفة “سرية”، تضم تفاصيل عن وسائل الاستجواب والمشاركين فيه والأماكن، احتفظ بها الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، بمكتبته الرئاسية في شيكاغو، كما أن السرية لن تُرفع عنها قبل 2029م!
ولعبت هاسبيل -بحسب التقرير- دوراً هاماً في برنامج الاستخبارات لتسليم وتسلُّم المشتبه فيهم، وتعاونت معها أكثر من 54 دولة، بينها دول عربية وإسلامية.
وعندما نُشر التقرير، أصرَّت الاستخبارات الأمريكية، بقيادة جون بانيتا حينها، على أن من أمر بتدمير تلك الأشرطة، هو رئيس جينا هاسبيل حينها، خوسيه رودريجز، الذي كان يدير برنامج الخدمة السرية للوكالة، لكن اسم هاسبهاسبيليل، خرج للعلن لاحقاً، ومنع الكونغرس الأمريكي، في عام 2015م، ترقيتها؛ بسبب دورها السيئ.
Next Post
قد يعجبك ايضا