الثورة/ يحيى قاسم المدار
ليس غريبا إجرام نظام آل سعود وقتله للأطفال والنساء وإمعانه في تدمير مقومات الحياة في اليمن بقنابله وصواريخه التي يمطر بها اليمن شبرا شبرا منذ ثلاث سنوات، فكل ذلك امتداد لحقد دفين وضغينة على اليمن واليمنيين تجسده سياساته التآمرية وممارساته التعسفية وانتهاك كرامة وإنسانية المغتربين اليمنيين في أرض الحرمين.
لا زال النظام السعودي يمعن منذ عصور في اضطهاد وظلم المغتربين اليمنيين حد القتل والتعزير والامتهان للكرامة، كما تظهره الصور الواردة من هناك، وليس بعيداً ما أظهرته إحدى كاميرات التصوير التي التقطها بعض مرتزقة النظام السعودي لأمير سعودي وهو يضرب أحد المغتربين اليمنيين من دون رحمة، ويشنعه بسباب بذيء وكلمات نابية هزت مشاعر الكثير من اليمنيين.
تنكيل وترحيل
لا تكاد تتوقف حملات مداهمة مساكن اليمنيين المغتربين في السعودية ومطاردتهم كمجرمين والتنكيل بهم إهانة وإذلالاً وظلماً وإرهاباً وتعذيباً وتعزيراً وترحيلاً مهيناً لآدمية البشر.
احد ضباط الأمن اليمني على الشريط الحدودي يروي لنا حال مجموعة من اليمنيين المغتربين المرحلين من السعودية حيث يقول: في تمام الساعة الواحدة تفاجأت سيارة الدوريات بمرور باص كان يقل سبعة عشر راكبا وبعد أن تم إيقافهم تبين أنهم قادمون من منفذ الوديعة، وبعد السؤال عنهم وجدنا أنهم يمنيون مغتربون تتراوح أعمارهم ما بين الثامن عشر والعشرين عاما، طلبوا من الدورية إسعاف بعضهم لمعالجتهم مما وجد فيهم من الضرب والمرض في سجون النظام السعودي.
يمضي الضابط اليمني ورتبته نقيب، قائلاً: قمنا بنقل البعض منهم إلى أحد المستشفيات وبقي عندنا البعض الآخر، وجدناهم وهم بحالة حرجة وتعب نفسي ظاهر على وجوههم بفعل الإذلال والقهر الذي سببه لهم جلاوزة النظام السعودي المجرم، أوصلوهم إلى حالة إنهاك نفسي وبدني أضرت بأجسادهم النحيلة، لم يتحدث البعض منهم إلينا إلا في اليوم التالي، لفظاعة ما عانوه من سلطات ذلك النظام المجرم.
إذلال متعمد
وتابع قائلاً: المغتربون المرحلون الذين وجدتهم دوريات الشرطة في إحدى نقاط التفتيش تحدثوا إلينا عن فظاعة ما لاقوه من إجرام وإهانة على أيدي سلطات نظام آل سعود وانتهاكهم لحرمات الإنسان والمنازل والمحلات التجارية، وإجبارهم على الخروج القسري وإدخالهم إلى سجون مكتظة بالمئات ممن قبض عليهم جلاوزة النظام المجرم.
تتعمد سلطات النظام السعودي سجن المغتربين اليمنيين المرحلين لإذاقتهم شتى أصناف الإهانة والإذلال والتعذيب قبل الزج بهم في شاحنات كبيرة تنقلهم إلى الشريط الحدودي ثم تتركهم في صحراء قاحلة دون أكل وشرب، بعد تعمد ترحيلهم من دون أن يأخذوا معهم حاجياتهم أو ما ادخروه خلال عملهم لسنوات وأشهر لأسرهم في اليمن والتي يحاصرها العدوان بالقتل والتدمير.
تعسف ممنهج
التقينا ببعض هؤلاء العائدين من أرض الغربة التي أصبحت بمثابة المحرمة على اليمنيين بسبب التعسفات والاضطهاد من نظام آل سعود، وجدناهم وعلى وجوههم ملامح القهر والكمد جراء ما لاقوه من جنود نظام آل سعود.
تحدث إلينا الأخ أمين عبدالله الجلال من محافظة إب يعمل (كهربائيا) قائلاً: أول ما جاءوا إلى محلي الذي أعمل فيه في الكهرباء والسباكة، طلبوا مني الهوية، أعطيتهم الهوية والتجديد إلى الخامس! (وهو التجديد للإقامة الأخير)، قالوا لي: يالله اطلع معانا، قلت لهم: أنا مجدد، لكنهم أصروا على إدخالي في سيارتهم، وقالوا: أبو يمن ما يجلس هنا.
يتابع أمين قائلا: وصلت السجن؛ أهانوا كرامتي، ولطّموني أمام الجميع ولم يتكلم معي أحد أو يناصرني، قلت ليش تعمل بي هكذا!؟ قال: أنت مجهول، وحكومتك مجهولة، وكانوا يتهموني أنني (حوثي) وأنا كنت طالب الله وعندي أسرة كبيرة في اليمن عددهم ثلاث عشرة نفساً، أتعب لأجلهم وأشقى لأجل أن أتكفل بأكلهم وشربهم.
يأخذ أمين نفساً عميقاً ويتنهد بحرقة ثم يردف قائلا: والله ضربوني ضربا مبرحا في السجن وفي الباص حتى سالت الدماء وهذه الصور والمشاهد تشهد بما عمل بنا الأمن السعودي.
أمين يختم حديثه متسائلاً: أين حكومة الرياض، أين الوزراء الذين عندهم وجالسين في فنادقهم واحنا (ونحن) هنا نتجرع الويل ويقتلونا جنود، والله إن بعضهم «بنغاليين»، بالنسبة لي أنا الذي سحبني واحد بنغالي!! لكني والله سأعلنها من هذا المكان إن دمائي لن تذهب هدرا والله إني سأنتقم منهم وإن شاء ألتحق بالجبهات وفي الحدود ونلتقي معكم يا آل سعود إذا أنتم رجال واجهونا في الجبهات.
استباحة اليمنيين
يحرص النظام السعودي على جعل اليمني مستباحاً لسلطاته، من دون أي مخالفة أو جرم، كما يؤكد الأخ رشاد علي قاسم الفقيه من محافظة إب والذي كان يعمل (حارس ليل) في مؤسسة العجيمي للمقاولات في الرياض منذ ثلاث سنوات، يعيل أسرة مكونة من اثني عشر شخصا.
يقول رشاد: أنا مجدد الإقامات كلها حتى (نص السادسة) مسكوني وأنا ذاهب إلى البقالة في الساعة الثامنة صباحاً في منطقة شفاء، سألوني؛ أنت أبو يمن، قلت لهم أيوه، قال: طلع إثباتك، أول ما طلعت إثباتي وشافه، قال: إطلع أنت خسيس يا أبو يمن.
يضيف رشاد بغضب لا يخفيه: طلعت معاه، أول ما وصلنا السجن ضربني ثلاث ضربات على رأسي وفي ظهري، وقال: أنت خسيس يا أبو يمن أنت وحكومتك، جلست في السجن أربعة أيام قبل ترحيلي، كانت معاملتهم في السجن ما هي زينة! وأقول: والله إني مستعد أباسل بنفسي من أجل كرامتي وعزتي وأنطلق إلى الجبهات وأقاتل هؤلاء المجرمين.
جرائم موثقة
المغترب خالد علي لطف مفرح أيضاً من محافظة إب، ظل يعمل في السعودية ثلاث سنوات ملتزماً بالنظام والقوانين وصابراً على الإجراءات التعسفية والرسوم الجائرة التي تفرضها السلطات السعودية مثله مثل نحو مليون مغترب يمني للعمل بشرف وكرامة في السعودية.
يقول خالد: قبضوا علينا وأهانونا وعاملونا معاملة الحيوانات دون رحمة وشفقة، وعندي فيديوهات تشهد على ما فعلوه بي وبإخواني.. ثم يبدأ بعرض الفيديوهات في تلفونه.
يضيف خالد: أكثر من ألف في هذا العنبر الصغير، شوف كلهم يمنيون، كلنا خرجنا من هذا العنبر أو السجن أمراضاً، أنا مريض ومنهك بسبب الزحمة والمعاملة المهينة لنا دون خوف ولا رحمة، وعندما خرجونا كلبشونا، خلوا (البنغالي) يكلبش يدي مع رِجلي، وإلى المنفذ تزفير.
يواصل خالد حديثه: أنا شاهدت أناساً وهم يضربون من قبل الأمن، وتحدثت مع أناس أخرجوهم من محلاتهم التجارية وبعضهم قال إنه يمتلك في صرافته أكثر من خمسمائة ألف ريال سعودي في محله التجاري، لكنهم خرجوه ولا أعطوه منها ريالاً!، لكني والله سألتحق بالجبهات قريبا قريبا ونلتقي إحنا وهم والأيام بيننا، الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام.
عشرات الآلاف
ترحيل المغتربين اليمنيين مستمر قبل العدوان، لكنه أخذ طابعاً متعمداً وممنهجاً مع بداية العدوان، وبحسب تقارير فقد رحلت السلطات السعودية عشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين في الأشهر الأخيرة من دون أي ذنب اقترفوه أو جرم ارتكبوه عدا أنهم يمنيون.
ورافق حملة النظام السعودية لترحيل المغتربين فرض إجراءات تعسفية بدعوى «سعودة المهن»، وفرض رسوم جائرة إضافية على المغتربين اليمنيين.
حقد وخبث
السلطات اليمنية ممثلة بالخارجية وشؤون المغتربين اعتبروا إقدام نظام آل سعود على ترحيل اليمنيين العاملين في السعودية عدوانا آخر يستهدف اليمنيين ويقضي على ما تبقى من حياة آلاف الأسر التي فقدت من يعيلها، وكذا فشلا ذريعا لإدارة البلاد بسياسة الجهل والغباء.
وفي حديث خاص أوضح نائب وزير الخارجية الأستاذ حسين العزي أن ترحيل اليمنيين بتلك الصور المهينة يعكس الإجرام والنفسية الخبيثة للنظام السعودي الذي قتل اليمنيين ودمر بناهم التحتية، مذكرا النظام السعودي بإخلاله لوثيقة الاتفاق المبرمة بين ذلك النظام المجرم وبين اليمن عقب سيطرة الأول على الأراضي اليمنية في نجران وجيزان وعسير، التي نصت على استقبال العمالة اليمنية مقابل بقائهم في تلك المناطق.
وفي حين رحب نائب وزير الخارجية باليمنيين العائدين من السعودية عقب ترحيلهم القسري إلى الوطن، أكد أن الوطن يتسع للجميع، وحمل حكومة المرتزقة في فنادق الرياض وأبوظبي المسؤولية الكاملة، وكذا دعاة ومشائخ حزب الإصلاح الذين يحرضون على المغتربين اليمنيين في وسائل إعلامهم.. مبديا استغرابه من كذب المدعو الجبير وتسويقه في السوق الأوروبي استقبال السعودية ملايين اليمنيين اللاجئين وتأمين معيشتهم، معتبرا ذلك محض افتراء، وخير دليل ما يحدث لليمنيين العاملين من ترحيل قسري وسرقة ما ادخروه وكسبوه خلال عملهم هناك.
مدير عام مكتب وزير شؤون المغتربين الأستاذ محمد المغربي تحدث إلينا بألم جراء ما يحصل لنحو مليون يمني مغترب في السعودية، واعتبر ذلك استكمالا للعدوان وأحد أوراقه لقتل اليمنيين وإنهاك صمودهم وثباتهم أمامه.. مذكرا بأن ذلك إحدى القنابل التي يلقيها العدو السعودي بترحيل المغتربين للمرة الثالثة، والتي كانت الأولى في عام 1990م إثر إندلاع حرب الخليج، والثانية في العام 2013م، والثالثة في هذا العام 2018م، يريد من ذلك قتل اليمنيين وتدمير حياتهم.
وأكد المغربي أن وزارة شؤون المغتربين تعمل جاهدة من أجل استقبال المغتربين وتأمين ما تستطيع تأمينه من توفير فرص عمل أو استثمارات أو انتقالهم إلى دول أخرى غير خليجية سيكون العيش فيها أكثر حظا وأوفر معيشة وكرامة.
وحشية سافرة
وبهذا يستخدم النظام السعودي المجرم كل أساليب القهر والاستبداد بحق اليمنيين دون رحمة أو وازع من ضمير أو ذرة من إنسانية، حداً دعا معه عضو في مجلس شورى هذا النظام من أصحاب الفتاوى التي توصف بـ»فتاوى الدفع المسبق»، دعا إلى «بتر آذان اليمنيين لعدم عودتهم وقتلهم إن عادوا إلى السعودية».. في انتهاك واضح وفاضح لما يخفيه أولئك العنصريون الذين فاقوا في إجرامهم النظام الصهيوني الذي ارتكب أبشع الجرائم والمنكرات بحق الإنسانية، لكن العزاء أن هذا العداء والإجرام السعودي بحق اليمنيين، قد يكشف لكل من لم يعلم بعد ما يخفيه هذه النظام من حقد على اليمنيين دون استثناء.
قد يعجبك ايضا