نشر موقع “هافنغتون بوست” تقريراً تناول فيه قيام دولة الإمارات بتجنيد بعض الأفارقة للقتال ضمن قواتها الموجودة باليمن مقابل الحصول على المال والجنسية الإماراتية.
وقال التقرير الذي نشر مؤخراً إن حكومة أبوظبي استغلت الحالة المادية السيئة لعائلات تعيش في حي “كامبو الطيولي” بمدينة سبها، جنوب ليبيا، وتنتمي إلى قبائل التبو والطوارق المنتشرة في تشاد والنيجر، للزج بهم في أتون الحرب اليمنية.
ووفق التقرير، فإن شباب أغلب هذه القبائل يعيشون على الرعي وتجارة التهريب على الحدود الجنوبية، وخاصة السجائر والمهاجرين غير الشرعيين الحالمين بالسفر إلى أوروبا.
ومنذ اندلاع الحرب اليمنية عام 2014م، تلقى هؤلاء الشباب عروض عمل من شركات أمن إماراتية بتعويضات تتراوح ما بين 900 دولار و3000 دولار، إضافة إلى الحصول على الجنسية الإماراتية.
وفي يناير 2018م، يقول التقرير، تم رصد زيارة لوفد من رجال الأعمال للنيجر، حيث التقوا هناك زعامات قبلية عربية، واستطاعوا تجنيد 10 آلاف من أبناء هذه القبائل، التي تعيش متنقلةً ما بين ليبيا وتشاد والنيجر.
حملة تحذر التشاديين
وانطلقت حملة وسط النشطاء التشاديين على الإنترنت، تحذّر الشباب من العمل لحساب الإمارات، أبرزها فيديو للناشط محمد زين إبراهيم، حذّر فيه من عروض العمل تلك، معتبراً أنها “تجنيد للمشاركة في حرب اليمن”.
وقال الناشط التشادي إنه يملك “معلومات موثقة عن عمليات تجنيد تستهدف القبائل العربية في تشاد، بإشراف جهات رسمية تتكسب منها مع تجار البشر”.
وأوضح أنه “اكتشف المؤامرة إثر عودة دفعة من المغرَّر بهم من التشاديين الذين أُرسلوا إلى الإمارات بعد أن تم خداعهم”، مضيفاً: “عقود عملهم موضَّح فيها أنهم ذاهبون لحراسة آبار النفط والمباني الحيوية هناك مقابل مبالغ طائلة، وعندما تم عرضهم على الإماراتيين طلبوا إعادتهم إلى تشاد وجنوب ليبيا؛ لأنهم ليسوا بالمواصفات التي تريدها الإمارات”.
وتابع: “العقود تشترط أن ينتمي المجندون إلى قبائل التشاديين العرب الرعاة، الذين يمكن من سحنتهم أن يتحولوا إلى إماراتيين، حيث يعرض الوسطاء على الشباب إما عقود عمل في شركات الحراسة ليجدوا أنفسهم بساحات الحرب في النهاية، وإما مبالغ مالية تصل إلى 3 آلاف دولار، تعرض عليهم مباشرةً إذا ما قبلوا الذهاب إلى القتال في اليمن”.
ونقل التقرير عن مصادر مقربة من عائلات المجندين الذين سافروا إلى الإمارات أن الأخيرة “اتجهت مؤخراً لتجنيد أبناء القبائل العربية التشادية والنيجيرية، وإلباسهم الزي العسكري الإماراتي، ثم توزيعهم على جبهات القتال في اليمن على أساس أنهم عناصر من الجيش الإماراتي، وقبل ذلك توظيفهم وتدريبهم في شركات أمن خاصة”.
وتقول عائلات المجندين إن أبناءها يتم خداعهم عبر إقناعهم بأنهم ذاهبون إلى الإمارات للعمل في الشركات الأمنية الموجودة هناك بمبالغ وامتيازات خرافية، وحين وصولهم يتم أخذهم وإرسالهم إلى الجبهات الساخنة مع الحوثيين كجنود إماراتيين.
وبعد اكتشاف هذا الأمر أصبحت الإمارات تعتمد على وكلاء في التجنيد، منهم شخصية دبلوماسية تشادية، سافرت مؤخراً إلى النيجر لإقناع القبائل العربية هناك، عبر مفاوضات مباشرة، بإلحاق أبنائها بالجيش الإماراتي مقابل امتيازات مالية، بحسب التقرير.
الناشط الحقوقي التشادي شريف جاكو، المقيم في باريس، أكد بدوره هذه المعلومات، قائلاً: “لديَّ معلومة بأن الإمارات استطاعت، عبر وكلاء من رجال الأعمال الأفارقة المقيمين بالخليج، تجنيد أكثر من 150 شاباً تشادياً من الجالية المقيمة بمدينة سبها الليبية، والذين يتحدثون العربية بطلاقة، وملامحهم تشبه إلى حد كبير ملامح الإماراتيين”.
وأكد جاكو أن المجندين “تم الزجّ بهم في حرب اليمن”، وأنه كناشط حقوقي يتابع هذه القضية من مدة”، معتبراً أن ما تقوم به الإمارات “يندرج في إطار الرق والاتجار بالبشر”.
وطالب الناشط الحقوقي المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لمنع هذه “الجريمة المروعة، القائمة على استغلال الفقراء وزجّهم في حروب دموية ليموتوا لصالح الأغنياء”، مؤكداً أنه يمتلك ملفات موثقة لشباب تم “خداعهم والتغرير بهم وزجّهم في المناطق الساخنة باليمن ليموتوا”.
وتعيش في كل من تشاد والنيجر قبائل عربية كبيرة، مشتركة مع ليبيا والسودان، تقدَّر نسبتها في تشاد بـ40%، وفي النيجر بـ20%.
وكانت الإمارات قد خصصت 150 مليون دولار لتشاد خلال مؤتمر المانحين الذي أقيم بباريس، قبل أشهر قليلة، مكافأةً لها على قطع العلاقات مع قطر.
وبعد طول زمن الحرب في اليمن وتفاقم الخسائر البشرية خاصة، اتجهت أبوظبي للتجنيد وسط الدول الأفريقية الفقيرة، وخصوصاً تلك التي أظهرت تعاوناً معها في أزمتها مع قطر، وعلى رأسها تشاد والنيجر.
Prev Post