عن القضاء أيضاً

أحمد يحيى الديلمي
مهما تفاقمت مشاكل البلاد وازدادت حدة ، وزاد معها شعور الناس بالاستياء وعدم الرضا ، إلا أن وجود العدل والإنصاف وإحساس الناس بالأمان يبعث الطمأنينة في النفوس ويبدد المخاوف مهما عظم شأنها ، واليوم وبلادنا تمر بمرحلة حرجة صنعها المعتدون الغزاة برعاية أمريكية صهيونية ، ما أحوجنا إلى القضاء العادل ونحتاج أكثر إلى تصحيح أوضاعه لتزداد فاعليته ويكون قادرا على إنصاف المظلوم وردع الظالم .
القضية هنا لا يجب أن تتوقف عند نقل القضاة وإجراء الحركات القضائية ، نحن هنا نتحدث عن ثغرات كبيرة في القوانين المنظمة لعملية التقاضي ومن تلك الثغرات مثلاً ” أن قانون المرافعات منح القاضي الجزائي حق النظر في القضايا المدنية ما يقتضيه الأمر من سير في التقاضي وجمع الاستدلالات من الجاني والمجني عليه ” وهكذا تطول الأمور وتتحول إلى حلقة وسلسلة طويلة من حالات التقاضي لأن كل طرف يحاول أن يثبت حقه سواءً كان محقا أو غير محق ، وهو ما يعطي الفرصة للتسويف والمماطلة وضياع الحقوق خاصة مع المحامين البارعين القادرين على التلاعب بالألفاظ والاهتمام بالشكليات لا بقصد إثبات الحق والانحياز إليه ، بل من أجل تطويل القضية وزيادة الأتعاب من قبل الخصمين ، أو شرعنة الحصول عليها في حالة الاتفاق المسبق بين المحامي والخصم .
في هذا الجانب حدث ولا حرج بعض القضايا ظلت في أروقة القضاء ثلاثة عقود من الزمن ولا يزال الأخذ والرد فيها قائما بما يوحي أن القضية خرجت من مبدأ إحقاق الحق ومنع الظلم إلى نوع من السباق بين الخصوم لكسب انحياز القاضي المنظورة القضية أمامه والقدرة على شراء الذمم بالذات حينما يكون للخصم نفوذ وجبروت يمكنه من لي الأذرع وشراء الذمم .. في كلتا الحالتين تكون النتيجة واحدة “ضياع حق المساكين وتنمر أصحاب النفوذ” وهناك مئات القضايا على هذه الشاكلة من لديه نفوذ يستطيع أن يحول دون حصول المظلومين على حقهم ، والقضاء سادر في غيه يعقد الجلسة عقب الجلسة دون أن يفصل في شيء ، وتتحول القضية إلى غصة وحسرة وآلام تؤرق أبناء صاحب الحق إن كان قد انتقل إلى رحمه الله .
وهنا لدي اقتراح .. ليس اقتراحا مني ولكن اقتداء بما يجري في دول أخرى فالمصريون مثلاً الذين استفدنا من قوانينهم بدأوا بتغيير قوانين القضاء إلى الأفضل فأسندوا مهمة منع الاعتداء إلى النيابة تفصل فيه فور البلاغ من المعتدى عليه لكون المهمة في الأساس مهمة أجهزة دولة والقضاء بالذات ، فهو المعني بإحقاق الحقوق ومنع الظلم ، وإذا تصرف الغريم من تلقاء نفسه وترك الأمر لتصرفات أصحاب النفوذ والجاه والسلطان إذاً نقول على الدنيا السلام ، فما رأي مجلس القضاء في هذه النقطة بالذات ؟! .
الأمر بحاجة إلى وقفة جادة لتجاوز الاختلالات والثغرات التي تراكمت في العقود الماضية بالذات بوجود القاضي العلامة أحمد يحيى المتوكل على رأس مجلس القضاء ، فالرجل معروف ومشهود له بالنزاهة والعزم والجدية ، ولابد أن يكون قد عانى من مثل هذه القضايا أثناء تنقله في المحاكم المختلفة ورأى كيف أنها تؤدي إلى ضياع الحقوق .
والأمر بسيط تعديل في القانون يوكل إلى النيابة مهمة منع أي اعتداء من قبل الخصوم ، وعلى المتضرر أن يلجأ إلى القضاء المدني للمطالبة بالإنصاف وإثبات حقه بدون أن يحتاج الغرماء إلى إنفاق الملايين ، خاصة أن بعض أصحاب الحقوق ضعفاء جداً ويضطرون إلى التخلي عن حقوقهم الشرعية لأنهم غير قادرين على دفع التكاليف والرسوم التي توحي لمن يتابع القضية بأن القضاء أصبح مخصصا لمن يملكون المال فقط .
فهل يعي قضاتنا الأعزاء مثل هذه الثغرات ويحاولون اجتثاثها وتعديل القوانين بما يؤدي إلى الإنصاف وإحقاق الحقوق ، فالقوانين ليست أصناما وليست قرآنا منزلا وإنما هي اجتهادات بشرية يمكن تبديلها أو تعديلها في أي لحظة لتجاوز التناقض الصارخ في بعض المواد التي وضعت في بعض القواتين .
. أرجو أن تأخذ القضية حقها من الدراسة والاهتمام من قبل مجلس القضاء .. والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا