استطلاع / مصطفى المنتصر
تحتفل بلادنا في ظروف استثنائية وصعبة ، بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة 14 أكتوبر المجيدة والتي انطلقت من جبال ردفان عام 1963م، وأشعل ثوارها الأحرار بقيادة الشهيد راجح بن غالب لبوزة شرارة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني الغاصب في الشطر الجنوبي المحتل من الوطن اليمني الواحد.
“الثورة” استطلعت آراء سياسيين وشخصيات اجتماعية عن هذه المناسبة وارتباط أهدافها بواقعنا المعاش مؤكدين أن هذه الثورة فتحت الطريق أمام شعبنا للنضال من أجل الحرية والديمقراطية والاستقلال..إلى التفاصيل:
محافظة لحج الشيخ أحمد جريب يقول في مستهل حديثه: إن الاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي للأراضي الجنوبية والشرقية ليس إلا امتداداً للمشروع الاستعماري القديم الذي قادته بريطانيا وتحلم بعودته لكننا في قيادة المحافظات الجنوبية وأبناء اليمن كافة لن نسكت على هذا الاحتلال وسنكافحه بكل الوسائل الممكنة والمتاحة وعلى قوى الغزو والاحتلال أن تأخذ من الدروس مما حصل لمن سبقوهم من الغزاة وما حل بهم على أيدي آبائنا وأجدادنا الأشاوس .
ويضيف جريب :تأتي احتفالات شعبنا اليمني بذكرى ثورة الـ14من أكتوبر 1963م والوطن يمر بمرحلة فارقة وحرجة أفرزت إيقاعاً جديداً للمشهد اليمني بعد أن حاول الغزاة والمستعمرون الصغار فرض هيمنتهم على اليمن وبسط نفوذهم فيها وهذا ما يرفضه اليمنيون بمختلف مشاربهم ومكوناتهم ويقفون صفا واحداً في مواجهته.
لقد سطر الثوار الأحرار وفدائيو ثورة 14 أكتوبر 1963م الخالدة في جنوب الوطن المحتل من طرد الاستعمار بدماء الشهداء وتضحيات المناضلين الأحرار، وقاومت بالكفاح السياسي والمسلح جيوش الإمبراطورية الاستعمارية البريطانية التي كانت تفخر بأن الشمس لا تغيب عن مستعمراتها في كل القارات, لكنها ما لبثت أن غابت وولت إلى الأبد ولن يقبلها اليمنيون مهما حاول الغزاة والمستعمرون التستر والتخفي برداء أشباه الرجال وهو ما يحدث حاليا في المحافظات الشمالية والجنوبية والشرقية المحتلة.
وأشار جريب إلى أن ثورة الـ21 من سبتمبر المجيدة تأتي امتدادا لثورة أكتوبر من خلال تبنيها قرار مواجهة قوى الغزو والاحتلال منذ الوهلة الأولى وقدمت العديد من الشهداء ومازالت حتى يومنا هذا تدفع ثمن وقوفها في وجه المستعمر ومرتزقته الذين ذاقوا الويل على أيدي رجالها الأشاوس وأبناء اليمن الشرفاء في مختلف الجبهات.
وأكد جريب أن أعراب نجد والخليج الأشدّ كفراً وانبطاحاً وعمالة ــ بدعم من الاستعمار القديم والجديد وكيانهم الأم الصهيونية ـــ يعملون على طمس هويتنا الوطنية اليمنية ، ومصادرة حريتنا وسيادتنا واستقلالنا وقرارنا الوطني وسيكون مصير مرتزقتهم وعملائهم مصير من سبقهم من الخونة إلى مزبلة التاريخ ، وسيغادرون إلى غير رجعة.
واحدية النضال
من جانبه يرى القائم بأعمال محافظ أبين أحمد غالب الرهوي أن ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر أعادتا مكانة اليمن ، وشكل قيامهما حدثـا تاريخيـاً وحضاريـاً وانتصارا للإرادة لشعبية اليمنية التواقة لاستنشاق عبير الحرية والعزة والكرامة والحياة الكريمة، حيث كان للثورة السبتمبرية الأثر البالغ والفاعل لاستكمال التحرر الوطني واندلاع ثورة الـ(14) من أكتوبر عام 1963م من على قمم جبال ردفان الشماء ضد الاحتلال البريطاني الغاشم فعند إعلان قيام الثورة صبيحة يوم الخميس 26 سبتمبر 1962م عبرت الجماهير اليمنية عن فرحتها بهذا الحدث العظيم في كل قرية ومدينة دون استثناء؛ إلا أن تعبير الجماهير في الجنوب المحتل حينها من قبل الاستعمار البريطاني كان له طابع مميز أظهر ثقل هذه الثورة وفجر طاقات الشعب الوطنية، فقد خرجت الجماهير في شوارع مدنية عدن تردد الأناشيد المعبرة عن التأييد للثورة ونشطت اجتماعات القوى الوطنية وفي مقدمتها الحركة العمالية والأحزاب السياسية وبدأت طلائع المتطوعين للدفاع عن ثورة سبتمبر تتجه نحو عاصمة الثورة صنعاء منذ الأسبوع الأول لقيام الثورة وخصوصا من المستعمرة عدن التي كانت الجماهير فيها أكثر وعيـاً وتنظيمـاً ثم تقاطرت أفواج المتطوعين من لحج وأبين وشبوة والضالع ويافع وحالمين والأزرق والشعيب والصبيحة وعدن وغيرها من القرى والمدن الجنوبية، وانتصرت الثورة بفضل التلاحم بين كل أبناء الشعب اليمني ما يؤكد واحدية الثورة اليمنية.
وأكد الرهوي على أن الاحتفال بأعياد الثورة اليمنية وواحديتها هو احتفال بدخول اليمن عصراً وعهداً جديدين والانطلاق إلى عالم الحرية والوحدة والديمقراطية التي ناضل أبناء اليمن جميعاً بروح واحدة لسنوات طويلة من أجل الوصول إليها وضحوا بدمائهم رخيصة في سبيل تحقيقها وكان للالتفاف والتلاحم الجماهيري الشعبي الذي سجله التاريخ من جميع أبناء الوطن شمالاً وجنوباً الذين حققوا بتلاحمهم الحلم الوطني الكبير بدحر الاستعمار البريطاني ، والمضي لإعادة تحقيق الوحدة الوطنية التي ناضل في سبيلها الثوار الأحرار شمالاً وجنوباً وسطروا أروع التضحيات بدمائهم في أرجاء الوطن لإدراكهم أن الوطن وطن الجميع وأن عزة أبناء اليمن لن تكون بالتشطير والتشرذم وإنما بالقوة والتكاتف. ولهذا مثّلت ثورتا سبتمبر وأكتوبر بكل ما في الكلمة من معنى ـ معنى واحدية الخيار والاختيار بروح الوطن الواحد بكافة قواه الوطنية دون أي تمييز شطري بين أفراد الوطن الواحد، وسجل التاريخ هذه الحقيقة لكل الأجيال بكل موضوعية واحدية الثورة خيار الوحدة الإستراتيجي الذي يوازي تماماً هوية المكان والزمان والإنسان لإصلاح الحال وبناء دولة قوية تنتزع الفقر وتحقيق العدالة، والتحول إلى فضاء التنمية الشاملة ، وهذا ما لم يرق لأعداء اليمن الذين تكالبوا عليها وجاءوا باحتلال جديد وبعنوان جديد.
وأضاف: عليهم أن ينظروا إلى تاريخ اليمن وشعب اليمن فقد حاول الاستعمار والقائمون على السلطة وقتها تقسيم اليمن لسهولة السيطرة عليه وفشلوا، وقد دفع أبناء الشعب من شمال اليمن وجنوبه ثمن تلك الحقبة من الزمن، ونجد أن تلك الفترة ورغم الحدود القائمة بين شمال الوطن وجنوبه ووجود نظامين مختلفين إلا أن أبناء الشعب جسدوا وحدة حقيقية وتلاحماً شعبياً في الدفاع عن الثورة وما قبل قيام الثورة، ونقول اليوم لكل من يحاول إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء بأنهم لن يستطيعوا إعادته لأنه لا يمكن إعادته وهذا ما يؤكده التاريخ، ولا يمكن للمستعمر وعملائه الاستحواذ على عقول أبناء الشعب اليمني الواحد. بات الجميع يعلم ما يعيشه أبناؤنا في جنوب الوطن تحت الاحتلال الجديد من مآس واعتقالات وسجون سرية، تم إنشاؤها داخل قواعد عسكرية وموانئ ومطار، وفلل خاصة وحتى داخل ملهى ليلي ، وقتل واغتصاب وتدمير وفوضى وانعدام للخدمات ، وهو ما أكدته أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش التي وثقت حالات كثيرة تعرضت للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري في محافظتي عدن وحضرموت بينهم أطفال ، ووكالة “أسوشييتد برس ، والعديد من المنظمات الإنسانية الدولية. وقال مسؤولون بارزون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن محققين أميركيين متورطون في استجواب بعض المحتجزين، وهو دور لم يُعترف به سابقًا في اليمن.
وأشار الرهوي إلى أن وعي الشعب اليمني غرس التلاحم والنضال والتضحية بين كل أبناء الشعب اليمني في سبيل الوطن ومساندة الثوار بكل ما يستطيعون من أجل بزوغ فجر جديد نحو الانطلاق إلى الحرية والديمقراطية والمساواة، فقد انخرط الثوار من أبناء الجنوب وساهموا في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر وضحوا بأنفسهم في سبيل تحقيق الثورة السبتمبرية منذ اللحظات الأولى لقيامها وخاضوا معارك جسورة في ملاحقة الملكيين وفي حصار السبعين كما كان لأبناء الجنوب دور كبير في احتضان الثوار من شمال الوطن لإدراكهم أن اليمن جزء واحد عمل على تقسيمه الاستعمار والأئمة، وكانت مدينة عدن هي غرفة العمليات التي يتم فيها التخطيط للقضاء على الحكم الإمامي فقيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كانت الانطلاقة إلى قيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر ضد المستعمر البريطاني التي ساهم فيها أبناء شمال الوطن وقدموا تضحيات كبيرة ودعماً كبيراً لإخوانهم في الجنوب وكانت مدينة تعز جسر العبور لتموين أبطال الثورة بما يحتاجونه من سلاح وقد هب أبناء الوطن من كل المحافظات لتنفيذ العمليات الفدائية ضد المستعمر حيث تلاشت كل الحدود القائمة بين الشطرين في تلك الفترة من الزمن واستطاع الثوار تكوين وحدة حقيقية في الدفاع عن الثورة وتحقيق أهدافهم السامية في شمال الوطن وجنوبه.
ثورة ضد الظلم
إلى ذلك يقول محافظ شبوة اللواء علي محمد طمبالة: إن ثورة الـ14 أكتوبر انطلقت ضد الظلم والقمع والتعسف الذي كان يمارسه الاستعمار البريطاني ولأن أبناء الجنوب وثوارهم الأحرار جبلوا على عدم الرضوخ والاستسلام للقمع والاضطهاد وحملوا على عاتقهم تحرير البلاد من قوى الاستعمار والاستكبار واستطاعوا وبإمكانيتهم البسيطة من مواجهة اقوي امبرطورية استعمارية في ذلك الزمن وتغلبوا عليها بنضالهم المسلح الذي استمر أربعة أعوام.
وأشار إلى أن هذه الذكرى العزيزة على كل يمني تأتي هذا العام في ظل متغيرات كبيرة تلقي بظلالها على الساحة الجنوبية ولاسيما في ظل تواجد قوى استعمارية باغية تريد أن تستنزف الثروات وتفرض هيمنتها على المحافظات الجنوبية وهو ما يرفضه أبناء اليمن كافة وعلى وجه الخصوص الشرفاء من أبناء تلك المحافظات الذين استطاعوا طيلة عامين من العدوان والاحتلال أن يعرفوا هذا المحتل على حقيقته بل من المعيب جداً إن يسكت اليمنيون لكل هذه التجاوزات التي تحدث من قبل قوى الاستعمار والاحتلال ضد أبناء الجنوب.
وأكد على ضرورة أن يستلهم أبناء الجنوب خاصة واليمنيون عامة نضالات آبائهم وأجدادهم في دحر قوى الاحتلال ورفض كافة إشكال الهيمنة والقمع والاستعمار وهو ما يجب أن يتجسد على واقعنا المعاش اليوم في ظل التواجد الأمريكي السعودي الإماراتي في أراضي الجنوب والعبث بها وهو ما يتحتم على الجميع ان يكونوا على أتم الجاهزية والاستعداد للتصدي لأصحاب المشاريع الاستعمارية الضيقة والتي يراد من ورائها القضاء على وطننا العزيز من اجل ان يتمكنوا هم من الاستحواذ والسيطرة على شتى المجالات.
وأشاد اللواء طمبالة بجهود الجيش واللجان الشعبية في حماية الوطن ومكتسباته من دنس الغزاة والمعتدين و داعيا جميع الشعب اليمني للاصطفاف في وجه العدوان ومواجهته بكل الإمكانيات الممكنة والمتاحة ورفض كافة اشكال الوصاية والارتهان الذي يسعى العدوان فرضها بقوة مشيرا إلى ان الشعب اليمني لن يقبل بالغزاة المستعمرين مهما كلفة ذلك من ثمن وان العدوان الذي دمر الشجر والبشر والحجر سيزول عما قريب بفضل الله وبصمود شعبنا اليمني العظيم وبسالة جيشه ولجانه الشعبية.
وختم اللواء طمبالة بالقول : اليمنيون اليوم معنيون بتوحيد كلمتهم والاصطفاف لمواجهة قوى الغزو والاحتلال ولاسيما بعد أن بدأ بعض من كانوا يؤيدون تواجد قوى الاحتلال في بداية الأمر بتغيير مواقفهم بعد أن تبين لهم حقائق تلك القوى الإجرامية وأهدافها الدنيئة وأصبح لزاما علينا أن نبدأ في توجيه قواتنا نحو المحافظات المحتلة لتحريرها من دنس الاحتلال والعمالة وألا نترك بلادنا يعبث بها دون أن يكون لنا موقف واضح تجاه ذلك.