أكدت صحيفة لوموند الفرنسية أن السعودية تعمل حاليًا على استنساخ النموذج الإماراتي القمعي في المملكة، لافتة إلى أن الغموض يحيط الوضع في المملكة.
وذكرت الصحيفة أنه ومنذ منتصف سبتمبر الماضي، اعتقلت السلطات نحو 40 شخصية دينية واقتصادية وقضائية، إما لأنهم عبروا عن بعض التحفظ على البرنامج الاقتصادي لولي العهد محمد بن سلمان، أو لأنهم لم يركبوا موجة تشويه دولة قطر التي تدعمها السلطات السعودية منذ الأزمة بين البلدين قبل أربعة أشهر”.
وأشار كاتب التقرير المنشور في “لوموند” بنيامين بارت إلى أن نهاية الشهر الماضي شهدت ما يشبه لحظة الاسترخاء، إذ سمح للمرأة بقيادة السيارة”، وتابع “لحظة الاسترخاء تلك لم تدم سوى ساعات قبل أن تعود عصا الاستبداد، إذ استدعت السلطات الناشطات اللاتي طالبن بالسماح للمرأة بقيادة السيارة الواحدة تلو الأخرى، وحظرت عليهن الحديث لوسائل الإعلام”.
ولفت بارت إلى أن بإمكان المرء أن يكتشف وراء هذه التدابير، التي تبدو متناقضة، أسلوبًا توجيهيًا يقوم على التحديث الأوتوقراطي، وهو نظام الحكم الذي تجسده في الخليج دولة الإمارات، النموذج المفضّل لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وأوضح أن هذا الاتحاد المؤلف من سبع إمارات يجمع بين الانفتاح الاجتماعي والثقافي والانغلاق السياسي، مع نوع من الليبرالية النسبية في مسائل الأخلاق، والدكتاتورية المطلقة عندما يتعلق الأمر بمسألة الحكم والسلطة، ولا تتسامح في ظل حكم ولي عهدها محمد بن زايد مع أي نوع من النقد.
ولفت الكاتب إلى أنه من الواضح أن النظام في السعودية يعمل على استنساخ النموذج الإماراتي في إدارة البلاد، معتبرًا أن هذا هو نموذج التغيير من الأعلى الذي يريد بن سلمان، لإعجابه الشديد بابن زايد، أن يستورده بغية تنفيذ رؤية السعودية 2030م التي هي نسخة طبق الأصل لخطة الإمارات 2021م.
ويرى الكاتب أن إسقاط الصيغة الإماراتية على المملكة سيكون شاقًا، وسيأخذ وقتًا طويلًا بحكم الاختلاف الكبير بين البلدين، فالإمارات ليست سوى سلطنات يعيش فيها 900 ألف نسمة عند مخرج مضيق هرمز، فرضت عليها أبوظبي إرادتها. أما السعودية فهي شبه قارة، يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، ويتعين على المركز السياسي بالرياض التعامل مع ثلاثة أطراف غير متجانسة: الحجاز إلى الغرب وهو أرض الحرمين بمكة والمدينة وهو متجه نحو إفريقيا، وفي الوسط نجد، أما المنطقة الشرقية فهي متجهة نحو الخليج ونحو البحرين.
ويختم بارت تحليله بالقول: إن محمaد بن سلمان في مسعاه لاستنساخ السعودية في “دولة إمارات” مكبرة، يفرض الطاعة المطلقة، لكن لا بدّ له من تحقيق نتائج سريعة كي يتسامح المجتمع السعودي مع مثل هذه الضغوط.