كربلاء العصر تنتصر
زينب الشهاري
منعوكَ عنهم…منعوك أن ترطب أفواهاً جفت وحلوقاً يبست حالوا بينك أيها الماء وبينهم والطفل الضامىء فيهم يصرخ، يناشدهم منك شربة.. لكن كانت سهامهم ورماحهم إلى نحر الرضيع أقرب… أُرِقتَ من قربة العباس وهومن رفض أن تدخل جوفه والحسين لما يشرب منك بعد…. قُطعت يديه وهويجاهد لتصل إليه وإلى أهل بيته، انهمرت السهام على جسده كالمطر وسلت أنت من قربته دمعاً حرقة تبكي طفلاً يتلوى عطشاً ونساء تقطت شفاههن والتهبت أحشاؤهن ضمأً… أصحابٌ قدموا نفوسهم يفدون دين الله بأرواحهم فتسابقوا إلى رياض الفردوس فوزاً… نساء آل بيت النبوة يسقن سرايا… يا ويل من أقدم على فعل شنيع وتجرأ على جرم فظيع، وكأني بزينب تنعي أخاها والقلب مكلوم صابر محتسب ولسان حالها “اللهم خذ منا حتى ترضى”… رشقوا جبهته الشريفة بحجر فسالت الدماء الزكية فلطخ بها رأسه ولحيته وقال “هكذا أكون حتى ألقى جدي رسول الله وأنا مخضب بدمي” رموه بسهم محدد مسموم له ثلاث شعب أصاب قلبه التقي، حزوا رأسه الشريف وداسوا بالخيل جسده الطاهر حقداً وبغضاً فيه وأبيه… آهٍ يا ذبيح كربلاء… آهٍ يا ريحانة المصطفى… وإنا المتيمون بك حباً وولاءً تكاد قلوبنا من فرط الحزن تقطر دماً لمصابك يا ابن بنت رسول الله…
سيدي وإمامي أشكوإليك دماء من أرض كربلاء جرت هنا…. هنا يا سبط الرسول ألف ألف عبدالله الرضيع… هنا يا سيد الشهداء ألف ألف عباس الفداء… هنا يا سيد شباب الجنة ألف ألف زينب جبل الصبر… نعم يا سيدي ومولاي هنا الفاجعة تتكرر والمصاب يعود … هنا آه زينب وعطش العباس والطفل الرضيع عبدالله ينحر…
هنا يا إمامي راية كربلاء رفعت هنا حسينيون وهنا زينبيات هنا بركان من ثورة يتفجر… هنا من نبع أرض الطف ارتوينا صموداً وتضحيةً وفداء…. هنا ينتصر الدم على الطائرة والبارجة والصاروخ… هنا اليمني على يزيد العصر واجه وقاتل وانتصر… هنا يا سيدي وإمامي حسين حفيدك سار على دربك وتحدى الطغاة مثلك… هنا سالت دماه وسقت تربة كربلاء فنبتت ثورة يمنية صرخت وكبرت… هنا البأس اليماني نادى لبيك يا حسين.. هنا الصمود اليماني يصرخ “هيهات منا الذلة” وهنا وعد الله يتحقق.. هنا كربلاء العصر تنتصر… هنا اليمن ينتصر…