“الثورة” / ترجمات
قالت مجلة ” “فيتيرينز توداي” الأمريكية المتخصصة إنه في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بإكمال جرائم الإبادة الجماعية في فلسطين، يعمل السعوديون بدأب من أجل تنفيذ إبادة جماعية في اليمن، موازية لما تفعله إسرائيل، مشيرة إلى أن الرئيس الاميريكي دونالد ترامب الذي حمل علنا مسؤولية هجمات الــ 11 من سبتمبر على عاتق السعوديين أثناء حملته للترشح للرئاسة، أثبت الآن أنه أكثر عبودية للمحور السعودي الإسرائيلي الشرير وفاق سلفه أوباما.
وضمنت المجلة في تقرير نشرته أمس تحذيرات اطلقها مدير منظمة “هيومن رايتس ووتش” في اليمن كيم إلى الشعب الأميركي طالبهم بحض الحكومة الاميركية على كشف الحقيقة حول ما يجري في اليمن على النحو المبين، في اشارة إلى النتائج الانسانية الكارثية للعدوان الذي يشنه تحالف العدوان السعودي منذ أكثر من عامين في اليمن وما يفرضه من حصار جائر على الشعب اليمني، مؤكدة أن على الاميركيين النهوض والاطاحة بهذا الشر الذي استولى على بلادهم.
ونسب التقرير الذي كتبه الدكتور كيفين باريت المتخصص في الشؤون العربية والإسلامية وأحد أشهر منتقدي الحرب الأمريكية على الإرهاب، روايات إلى اطفال اليمن اشاروا فيها إلى أنه في الساعات الأولى من يوم 26 مارس 2015 سمعوا دوي “ألعاب نارية” ضخمة، وهو الأمر الذي نسبوه إلى نوع من الاحتفالات الوطنية التي تقام عادةً في البلاد، الا انهم اكتشفوا في وقت لاحق أن تلك “الألعاب النارية” كانت بداية كابوس من القصف والمجاعة والمعاناة التي لا يبدو أن لها نهاية تلوح في الأفق متسائلا ” من يفعل هذا ولماذا ؟.
وبحسب تقرير المجلة الاميركية المتخصصة بنشر آراء النخب في المجتمع والجيش الأمريكي فيما يخص مجالات الأمن القومي والاستقرار الجيوسياسي والسياسة، فقد ادعت السعودية عبر سفيرها آنذاك لدى واشنطن “الجبير” والمتحدث باسمها اللواء احمد عسيري، أنها شكلت تحالفاً يضم عددا من الدول مثل (المغرب ومصر والأردن والبحرين والكويت والإمارات وقطر والسودان والسنغال ، وباكستان) وقام التحالف حينها ببدء هجوم على اليمن من أجل اعادة الحكومة الشرعية في البلاد بناءً على طلبه.
واضاف الدكتور كيفن باريت في تقريره ” في وقت لاحق لمزاعمها بأن أهدافها هو منع التوسع الإيراني في المنطقة وإنفاذ قرار مجلس الأمن 2216، وسوف أتناول كلا من هذه المزاعم بشكل منفصل تحت عناوين خاصة لمعرفة ما إذا كانت هناك ذرة حقيقة في ما يدعونه، ونتائج أعمالهم هذه على اليمنيين.
مزاعم إعادة الفار هادي والتوسع الايراني
واعتبر تقرير المجلة أن مزاعم “إعادة هادي إلى السلطة” مثل أكبر كذبة في القرن الواحد والعشرين حيث تم اختيار هادي، الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس السابق علي عبد الله صالح، كرئيس مؤقت بعد الربيع العربي في عام 2011 في اليمن لقيادة البلاد لمدة عامين، وخلال ذلك الوقت تم إجراء انتخابات عامة، في إطار المبادرة الخليجية وتجدر الإشارة إلى أنه كشرط مسبق لتطبيق المبادرة كان على جميع الأطراف المشاركة في ثورة الربيع العربي أن توافق عليها وتوقعها، وهم أنصار الله (الحوثيون وآخرون)، الحراك (الانفصاليون الجنوبيون) وغيرهم من الأطراف التي لم توافق ولم توقع المبادرة الخليجية التي تم تطبيقها في فبراير من العام 2012 وانتهت في فبراير 2014 دون أن يقوم هادي بأي تغييرات.
وقد قيل لنا إن فترة تطبيق المعاهدة قد تم تمديدها لمدة سنة أخرى بشكل غير رسمي عبر الأشخاص الذين عينهم هادي وكان هذا التمديد أيضاً قد انتهى في فبراير من العام 2015 بالتالي، لم يكن هناك أي شرعية لهادي بأي شكل من الأشكال منذ انتهاء الوقت المحدد في المبادرة الخليجية وحتى فبراير 2015.ما يجعل الهجوم على اليمن من قبل التحالف غير قانوني، كما أن جميع الأعمال التي قام بها التحالف منذ 26 مارس 2015 حتى الآن ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.
ولفت الكاتب إلى أن ذريعة تحالف العدوان السعودي الاماراتي في منع التوسع الإيراني في المنطقة كان الصبغة الحمراء القبيحة للتحالف حيث كان قد ادعى في وقت لاحق خلال حملته المتواصلة من القصف الجوي على اليمن وباستخدام جميع أنواع الأسلحة، بما في ذلك القنابل العنقودية والقنابل الكيميائية وحتى استخدام نوع من قنابل اليورانيوم المخصب القيت على جبل عطان في العاصمة صنعاء، بأنه يفعل ذلك في من أجل منع التوسع الإيراني في المنطقة من خلال وكلائها وفي الواقع أن الحوثيين هم عبارة عن أقلية صغيرة من اليمنيين يتواجدون في الجزء الشمالي من اليمن – تحديداً صعدة – المتاخمة لأقاليم جنوب السعودية، اضافة الى أعضاء ينتمون الى حركة “أنصار الله”، وقد أكد عدد من المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين بأنهم لم يجدوا أي دليل على تورط إيران في الوضع في اليمن.
وبحسب الكاتب فإن الحقيقة هي أن هادي كان قد فشل في أداء مهامه في إطار المبادرة الخليجية، مما أدى الى تدهور حالة البلاد إلى مستوى لا يطاق، وبحلول سبتمبر 2014 قام تحالف مكون من عدد من الأحزاب بما في ذلك أنصار الله والجيش اليمني وحزب المؤتمر (حزب الرئيس السابق علي عبد الله صالح) والحراك ومعظم القبائل بمحاصرة القصر الرئاسي في صنعاء مطالبين بأن يقوم هادي بواجبه، هادي بدوره تمكن من الفرار في ملابس النساء التقليدية إلى مدينة عدن الجنوبية حيث بدأ بجمع ميليشيات من المقاتلين لدعم عودته للرجوع إلى السلطة، ويذكر أن عدة طلبات كانت قد وجهت له للحضور وتسليم السلطة بشكل سلس لكنها جميعها باءت بالفشل بعد رفضه المطلق لها.
وفي الوقت نفسه، سيطر أنصار الله وشركاؤهم، الذين أصبحوا يعرفون الآن باسم الجيش واللجان الشعبية، على العاصمة، ومن هناك سقطت مناطق كثيرة تحت سيطرتهم دون الكثير من اللغط والفوضى، وهكذا نشأت حكومة الأمر الواقع بهذه الطريقة، وقد شكلت حكومة صنعاء الحالية بموجب الدستور اليمني مع برلمان يعمل بشكل كامل، وبموجب ميثاق الأمم المتحدة، وهذه هي حكومة دولة اليمن ذات السيادة، التي يجب الاعتراف بها بموجب القانون الدولي.
بعد ذلك فتحت عدة جبهات من المواجهات المسلحة، بقيادة الجنرالات الذين تمردوا من الميليشيات الموالية لهادي في مناطق تعز، والمخا، وعدن، ومأرب، والجوف، ونهم، وبعد ذلك بفترة انسحب الجيش واللجان الشعبية من الجنوب، ومنذ ذلك الحين تعيش معظم مناطق الجنوب تحت الاحتلال من قبل قوات من الإمارات العربية المتحدة بمساعدة الإرهابيين والمرتزقة.
الأوضاع المتدهورة في الجنوب
يلفت تقرير المجلة إلى أن ” الكثير ممن يقطنون تلك المناطق يتحدثون عن عدد لا يحصى من الأهوال فيها، بما في ذلك ادعاءات الاغتصاب لعدد من المراهقين من قبل القوات الإماراتية، اضافة الى مزاعم بأن مطار الريان في مدينة المكلا الجنوبية قد أصبح الأن “غواتانامو” اليمن، حيث يتعرض المعتقلون للتعذيب حتى الموت من قبل القوات الإماراتية.
كما أن بعض أجزاء محافظة تعز التي تخضع لسيطرة الميليشيات الموالية لهادي قد ارتكبت إبادة جماعية ضد قبائل الرميمة والجنيد بطريقة مماثلة لممارسات داعش من الصلب وسلخ الناس وهم على قيد الحياة وتشويه أجسادهم، وقادة هذه الميليشيات الإرهابية الموالية لهادي هم من اتباع التكفيري الوهابي الذي يدعى “حمود المخلافي” (حاليا في تركيا) وآخر يسمى بـ “أبو العباس”.وعلى رأس الجنرالات المنشقين هو علي محسن الأحمر، وهذا الجنرال ينتمي إلى حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) وكان مسؤولا عن تجنيد المجاهدين خلال الحرب الأفغانية السوفياتية في الثمانينيات، وهو أيضا من داعمي القاعدة في اليمن، وبالتالي داعش.
واضاف” في الواقع، هناك أدلة كافية لإظهار أن المقاتلين السعوديين يقاتلون جنبا إلى جنب مع هذه الجماعات الإرهابية، وما يربط بينهما هو الأيديولوجية، والأيديولوجية التكفيرية الوهابية، وبالطبع، البترودولار.
اما الزعيم الروحي لحزب الإصلاح الشيخ “عبد المجيد الزنداني”، والذي كان على قائمة المطلوبين لارتكاب جرائم إرهابية من قبل السلطات الأمريكية، يسكن حالياً كضيف في الرياض، الآن هادي هو زعيمهم السياسي والجنرال الأحمر هو من يقود الجناح العسكري، اما الفائز بجائزة “نوبل” توكل كرمان هي واحدة من المجندين من فئة الحيوانات الأليفة – وقد كانت واحدة من المحرضين خلال الربيع العربي في عام 2011.
كما لا ننسى أيضاً مشاركة بلاك ووتر سيئة السمعة وشركة داين كورب في هذه الحرب، وقد جُلب معهم أيضاً مرتزقة من جنسيات أخرى مثل كولومبيا والمكسيك وأستراليا وحتى مواطنين من المملكة المتحدة اضافة الى الإسرائيليين، اما المفارقة العجيبة في الموضوع هي انه لم يتم العثور على أي مواطن إيراني واحد على الإطلاق أثناء الحرب ضد اليمن، ومع ذلك، يمكنك أن تجد الكثير من الآخرين بما في ذلك الجماعات الإرهابية تقاتل جنباً إلى جنب مع التحالف.