الحكومة وعمال النظافة
عبدالفتاح علي البنوس
عمال النظافة أصحاب السواعد السمراء ، أكثر شرائح المجتمع مجهودا وأقلهم محصولا ، فطبيعة عملهم الشاق والمضني تتطلب منهم بذل الجهد الكثير من أجل إنجاز المهام الموكلة إليهم ليلا ونهارا، تحت أشعة الشمس وزخات المطر ، يتعاملون مع مختلف أشكال النفايات الضارة وغير الضارة ، يتعرضون لامتهان بعض الحمقى من أفراد المجتمع الذين لا يقدرون حجم الجهود التي يبذلونها من أجلهم وحفاظا على صحتهم ومن أجل أن ينعموا ببيئة نظيفة ، لا يشكون ولا يتذمرون ولا يبدون أي نوع من أنواع السخط رغم أن طبيعة عملهم تولد كل ذلك .
يكدون ويعملون دونما كلل أو ملل وفي نهاية المطاف يتقاضون الفتات من المال الذي لا يكاد يغطي مصروفهم اليومي ، فمن لا يدري كم يتقاضى عامل النظافة الذي يعمل في الشارع شهريا أقول له بأنه يتقاضى 27 ألف ريال شهريا خاضعة لاستقطاعات في حال غيابه عن العمل، 27 ألفاً يستلمها عامل النظافة في الوقت الذي يتقاضى الفراش في المحكمة ما يزيد على 60 ألف ريال ، ورغم ما يمثله ذلك من ظلم وتعسف للعاملين والعاملات في قطاع النظافة إلا أنهم تقبلوا ذلك وتأقلموا مع هذا الوضع نظرا للحاجة ولتوفير أبسط متطلبات الحياة المعيشية .
ورغم ذلك وفي ظل تداعيات العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الغاشم على بلادنا وعقب تداعيات قرار الدنبوع هادي نقل البنك إلى عدن ومنع تدفق الإيرادات والسيولة النقدية إلى البنك المركزي بصنعاء والتي خلفت أزمة مالية أدت إلى تأخر صرف المرتبات الخاصة بالموظفين مدنيين وعسكريين بما في ذلك عمال وعاملات النظافة رغم أن الإعتمادات المرصودة لهم زهيدة جدا مقارنة بموازنات المرتبات الخاصة ببقية موظفي الدولة ، وهو الأمر الذي فاقم من معاناة العاملين والعاملات في هذا القطاع ، وقد أثمرت تحركات نقابة عمال النظافة عن صرف المرتبات الخاصة بهم حتى نهاية فبراير 2017م حيث تخللت تلكم الفترة سلسلة من الإضرابات انتهت بصرف المرتبات ، واليوم ونحن في شهر مايو وفي ظل إضراب شامل نفذه عمال وعاملات النظافة بأمانة العاصمة أدى إلى تكدس النفايات وتشويه مظهر العاصمة بشكل مقرف جدا ، نتيجة عدم تفهم السلطات الرسمية لوضعية هذه الشريحة ومحدودية مرتباتهم ، فلا يعقل أن ينتظر عامل النظافة المرتب الشهري (أبو 27 ألفاً ) كل ثلاثة إلى أربعة أشهر فهذا حمل لا طاقة لهم به على الإطلاق، في الوقت الذي يصرف بعض أبناء الأبهات أصحاب الكروش المنفوخة هذا المبلغ بصورة يومية أو كل يومين أو ثلاثة تحت بند (حق الجعالة ) .
بالمختصر المفيد، على الحكومة العمل على تنفيذ توجيهات الرئيس صالح الصماد والتي نصت على صرف مرتبات عمال وعاملات النظافة بصورة شهرية لتفادي تكرار ما هي عليه العاصمة صنعاء والتي تحولت شوارعها وأزقتها إلى مكبات ومقالب للقمامة والمخلفات ، والبدء بصرف المرتبات المتأخرة وتجاوز هذه المرحلة ومن ثم العمل بعد توقف العدوان على إعادة النظر في موضوع مرتبات عمال وعاملات النظافة بحيث يتم رفع سقفها بما يتماشى مع طبيعة المهام والأعمال التي يقومون بها من باب الإنصاف لأفراد هذه الشريحة ورفع معنوياتهم ليشعروا بأن هناك من يحس بأوجاعهم ويشعر بمعاناتهم ويقدر تعبهم وطبيعة عملهم ويستشعر الأخطار التي قد تلحق بهم جراء ذلك ، وهو ما يتطلب حصولهم على الأجر المعقول والمقبول الذي يتماشى مع قاعدة لا ضررد ولا ضرار .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .