على صانعي القرار في بلادنا التوجه نحو اليابان


الثورة/حاوره في طوكيو: صابر حزام –
التخريب والاختطافات أثرت على الدعم الياباني للاحتياجات الإنسانية في اليمن
اليابان مستمرة في برامج التدريب لكن في إطار ضيق
اليابانيون يهمهم أن يكون هناك قانون ينظم استقطاب المساعدات

لم تكن العلاقات اليمنية اليابانية حديثة عهد بل يعود جذورها إلى أواخر ثلاثينيات القرن المنصرم حين شاركت اليمن في حفل افتتاح مسجد يويوغي في اليابان. وفي منتصف السبعينيات بدأ التعاون الإنمائي بين البلدين والذي يْعد احد الدعائم التي قامت عليها العلاقات الثنائية. وشهدت العلاقات اليمنية اليابانية تحسنا ملحوظا بعد الـ 22 من مايو في مجالات التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتجارة والتعاون المتعدد الأطراف في الأمم المتحدة. تولي اليابان احترامٍا خاصٍا لليمن من خلال الاهتمام بالاستقرار السياسي و الأمني وغالبا ما ترتبط حزمة معوناتها بتحقيق الأمن والاستقرار. الأخ طارق مطهر القائم بأعمال السفير اليمني في اليابان يتحدث في هذا الحوار عن طبيعة العلاقات اليمنية اليابانية..

< كيف تقيمون العلاقات اليمنية اليابانية¿
– مازالت العلاقات اليمنية اليابانية محدودة في إطار النظرة الأممية لليابان تجاه اليمن. اليابان حريصة وهذا نابع من دستورها والتزاماتها الدولية أن تتعامل مع اليمن ضمن مجموعة أعضاء الأمم المتحدة. فهي تنظر إلى اليمن من ناحية منظور الأمن والسلم الدوليين ومن ناحية المساعدات الإنسانية. إذ يكون التبرع بالمساعدات –مثلا- عبر الأمم المتحدة من خلال الأمم المتحدة. وفي حال إبداء مواقف حول إي تغييرات سياسية داخل اليمن فاليابان غالبا ما تكون حريصة أن تتحرك في إطار أممي أي أنها تنتظر –وهذا بدون مبالغة– تصريحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ثم يأتي تصريحها لاحقا. من خلال خبرتي خلال السنوات الأربع التي قضيتها في اليابان أن اليابان لا تمتلك مركزاٍ للدراسات السياسية الاقتصادية أو مصالح سياسية عميقة داخل اليمن. لذلك لا يوجد خبراء يابانيون حقيقيون في اليمن لدراسة الواقع السياسي على الأرض إذا ما استثنينا الكادر الدبلوماسي. لذلك يكون اللجوء إلى تقارير السفارات الأخرى على رأسها سفارة الولايات المتحدة.
على المستوى الثنائي مازال هنالك بطيء شديد ضيق في زوايا العلاقة وهذا يرجع بطبيعته إلى البعد الجغرافي ونقاط تقاطع المصالح. وأنت تعرف أن اليابان مكينة اقتصادية ضخمة وإذا لم توجد مصالح حقيقية بين اليابان واليمن ستظل العلاقة في إطار الأممية. تبادل الزيارات على مستويات عالية له دور كبير في تعزيز العلاقات الدولية – كزيارة الوزراء– ومع زيارة الوزراء يعني وجود انفراج ياباني للاستماع.

المساعدات الإنمائية
< قرأت في إحدى الصحف الرسمية مقابلة مع السفير الياباني في اليمن تحدث عن المساعدات الإنسانية لليمن هل لديكم أي معلومات بشأن ذلك¿
– نعم قدمت اليابان مساعدات إنسانية في أغسطس 2011م من خلال المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة وذلك لدعم النازحين محليا بسبب الحرب. كما قدمت مساعدات عن طريق الأمم المتحدة في يناير 2012م لدعم الانتخابات الرئاسية.
لكن للأمانة توقف 95% من الدعم الياباني منذ العام 2011م. وهذا موقف اتخذته اليابان بسبب حساسية الوضع الذي مرت به اليمن الفترة الماضية. وهو نابع من حساسية دستور اليابان طالما وجود انشقاق في الجيش وعدم الاستقرار السياسي تمنعهم قوانينهم الخاصة من تقديم أي دعم لمثل تلك الأوضاع غير الثابتة. إذا تتبعت اتخاذ القرار الجانب الياباني بخصوص هذه المساعدات الإنمائية تبدأ من السفارة اليابانية بصنعاء مرورٍا بالخارجية ثم وحدات التعاون الدولي مرورا بالجايكا. نحن من جهتنا كسفارة نسهل عملية التواصل نجيب عن الاستفسارات نأخذ الردود.

الاستقرار السياسي
< وفي حالة حدوث استقرار سياسي.. هل تعتقد أن الحكومة اليابانية ستقوم بالدعم¿
– بعد انطلاق الحوار الوطني إبلاغنا الحكومة اليابانية أن الحوار يعد مؤشرا قويا يزيل المخاوف. إضافة إلى أن الانقسام في الجيش قد انتهى. لكن الجانب الياباني إذا -صح التعبير- يعشق سياسية التأني لكنه عندما يتخذ القرار فإنه يكون مسئول عنه. أبلغوني أنهم مازالوا في انتظار الانتهاء من الحوار الوطني في سبتمبر المقبل.
يعني أنت ترى أن توقف الدعم الاقتصادي يأتي بسبب عدم الاستقرار السياسي¿
نعم بدون شك. أنا قابلت الجايكا والمختصين عن اليمن وأكدوا لي ذلك. وقالوا أن ثمة مشاريع في النصف ولم تستكمل بسبب التحذير الذي يمنع دخول اليابانيين إلى اليمن. حيث أن مكتب الجايكا سحب كل ممثليه إلى القاهرة. إذا نقصت نصف درجة مثلا فإن أعضاء الجايكا يستطيعون إتمام مشاريعهم في اليمن ولكن السياحة تكون مازالت ممنوعة.
عدم الاستقرار السياسي هو المعضلة الكبرى في الفترة الحالية في السابق كانت المشكلة هي الاختطاف والإرهاب.
وإذا ظل الوضع السياسي غير مستقر فأي حديث عن المساعدات يظل صعبا.
< قبل الثورة أين كان موقع اليمن من درجة الخطورة¿
– كانت تتأرجح إذ تصل إلى أعلى مستوى عند اختطاف السياح وكان أقواها ما حصل للكوريين السياح. لأن الجانب الياباني تعود أن يكون الاستهداف للرجل الغربي لكن عندما بدأ استهداف الرجل الأسيوي زادت مخاوفهم. كنت نجحت في فترة ما بعد الربيع العربي في تخفيض الدرجة إلا أن الانفجار الإرهابي للعرض العسكري في السبعين واختطاف الدبلوماسي السعودي من قبل القاعدة إعادة الوضع كما كان سابقاٍ.

التعاون
< هل يمكن أن تعطونا صورة عن التعاون الفني الثقافي بين اليمن واليابان¿ – اليابان مازالت مستمرة في برامج التدريب لكن في إطار ضيق. بتنسيق من السفارة اليابانية في صنعاء وعن طريق عروضنا التي نقدمها من هنا يكون التدريب عبر الجايكا. طلبنا عدة وحدات في الداخلية وخفر السواحل والحدود لعمل تدريبات ولكن مازالت محدودة وتراجعت بسبب الأسباب المذكورة سابقا. كان عذرهم الرئيس هو أن الكوادر الفنية اليابانية لا تستطيع الذهاب إلى اليمن للقيام بالتدريب. فلو تلاحظ منذ العام 2011 وما قبله ولفترة وجيزة تم الاعتماد على برامج التدريب التي تتم داخل طوكيو على الرغم من تكلفتها. وبالفعل نفذت الجايكا دورة تدريبية في شهر مارس لمسئولين يمنيين. وليست التي تتم في صنعاء. حاولت خلال الفترة الأخيرة أن نضع فكرة الدولة الثالثة بمعنى أن يتم تدريب الكوادر اليمنية في القاهرة –على سبيل المثال- حيث سيكون باستطاعة الكوادر اليابانية السفر ومن خلال ذلك سيكون هنالك توسيع نطاق التدريب بدلا من الاقتصار على تخصصات محدودة.
< ما هي المجالات التي يركز عليها الجانب الياباني في التدريب¿
– في الإغراض الإنسانية بشكل أساسي “في حقوق الإنسان وفي الطوارئ وفي خفر السواحل وفي الصحة والتعليم”. وهذه المجالات التي تركز عليها اليابان منذ تاريخ العلاقات. ونحن نريد أن نوسع مجال التدريب ليشمل جميع المجالات.
< بالنسبة للمنح الدراسية¿
– قبل العام 2011م وصل عدد المنح الدراسية إلى منحة واحدة فقط تْقدم عن طريق السفارة اليابانية في صنعاء. وتزداد إلى منحتين أو ثلاث.. بمعنى لا توجد منح ثابتة. وإذا ما وضعنا مقارنة مع الدول المقاربة لليمن مثل باكستان وتونس وأفغانستان نجد الفارق كبيراٍ فالمنح الدراسية الممنوحة لتلك الدول قد تتجاوز العشر.

النظرة المستقبلية
< نظرتكم المستقبلية للعلاقات اليمنية اليابانية¿
– نجاح الحوار الوطني هو المعيار الأهم من الناحية النظرية أمام الدول الداعمة مثل اليابان ونجاحه ستكون ورقة رابحة للبعثة الدبلوماسية هنا لإعادة ما تم تجميده وفتح آفاق جديدة وهنالك توجهات للقيام بزيارات على المستوى الوزاري بعد الانتهاء من الحوار الوطني.
أتمنى على الحكومة اليمنية وصانعي القرار في بلادنا التوجه نحو اليابان بالدرجة المطلوبة وعدم الاكتفاء بالتعامل مع اليابان على مستوى تبادل السفارات. فاليابان لها متطلبات خاصة واهتمامات معينة ومعايير محددة. فالقروض الميسرة أو المساعدات لها شروط وإذا ما أخذت بعين الاعتبار فإننا سنجد الدعم اليابان حقيقيا. وإذا ظل الاكتفاء بالكلام بشكل عام في المحافل الدولية فاليابان ستظل حريصة أن تدفع مخصصاتها في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تعطي جزءا منها لإغراض إنسانية لليمن اليابانيون يهمهم أن يكون هناك قانون ينظم استقطاب المساعدات واستخداماتها وكتابة تقارير عنها ويرفضون تقديم المساعدات دون غطاء قانوني.

saberhizam@gmail.com

قد يعجبك ايضا