*أكاديميون وشخصيات اجتماعية يتحدثون في الذكرى الثالثة لاستشهاده :
*د. الفسيل: كان يقف مع الحق صادقا ومدافعا، لا تأخذه في الحق لومة لائم
*صبري: اغتياله فتح باب أزمة سياسية ما زلنا نصطلي بنيرانها
*د. الحاج: امتلك نظرة قانونية ثاقبة.. ولديه رؤية واسعة في صياغة المحاور القانونية
*د. الترب: الشهيد شرف الدين عمل على غرس مبادئ وأسس الدولة المدنية القائمة على النظام والقانون
*د. المفتي: المجتمع اليمني بأكمله كبيره و صغيره، متعلمه وأميه، مثقفوه وسياسيوه وعلماؤه وأكاديميوه، جميعهم يعرفونه ويعرفون فضائله وأخلاقه وعلمه وحياته
استطلاع/ حسن شرف الدين
ثلاثة أعوام منذ بدء استهداف الدولة المدنية الحديثة التي كانت ولا زالت غاية أبناء الشعب اليمني.. ثلاثة أعوام منذ استهداف أستاذ القانون الدولي الشهيد البروفيسور أحمد عبدالرحمن شرف الدين.
في 21 يناير 2014م قامت مجموعة مسلحة بمطاردة البروفيسور شرف الدين وهو في طريقة لحضور اختتام أعمال مؤتمر الحوار الوطني لاغتياله واستهدافه بهدف إيقاف الحوار الوطني واستهداف الدولة المدنية التي ينشدها اليمنيون منذ 11 فبراير 2011م.
كان رحيله خسارة على اليمنيين والأمة العربية والإسلامية بشكل عام إذ تداعت الأصوات المنددة وسالت الدموع لفراقه.. في هذه الذكرى “الثورة” استطلعت آراء بعض الأكاديميين والشخصيات الاجتماعية فكانت الحصيلة التالية:
في البداية يقول البروفيسور عبدالعزيز الترب، مستشار رئاسة الجمهورية: كان الشهيد البروفيسور أحمد عبدالرحمن شرف الدين مدرسة في التواضع والعلم عرفته في وقت مبكر عمل حتى استشهاده في غرس مبادئ وأسس الدولة المدنية الحديثة بنظام وقانون وعدل ومساواة.
وأضاف البروفيسور الترب: لست مبالغا أو مغاليا إذا ما قلت أن الدكتور شرف الدين كان في طليعة من اهتم بشؤون الشعب والبلاد تعبيرا عن آماله وآلامه.. إننا أمام ذكرى رجل إذا تحدث فإنه كان يتكلم عن النظام والشريعة والحقيقة والظاهر والباطن والدنيا والآخرة وهو حاضر الحس.. حقا لقد خسره الوطن في زمن يحتاجه، وكذا مدرجات العلم والمعرفة.
واسع العلم
الدكتور طه الفسيل –استاذ جامعي- يقول: عرفت الشهيد البروفيسور أحمد عبدالرحمن شرف الدين دمث الأخلاق، لا تفارق وجهه الإبتسامة، واسع العلم، عميق الفكر، بعيد الرؤية والنظر، رجل صاحب موقف ورأي، يقف مع الحق صادقا ومدافعا، لا تأخذه في الحق لومة لائم، ولا انتقاد جاهل.
وأضاف الدكتور الفسيل: لقد خسرت اليمن باستشهاد البروفيسور شرف الدين الكثير.. نسأل الله عز وجل أن يتغمده برحمته ويسكنه فسيح جناته.
العقل السياسي
فيما يقول عبدالله علي صبري، رئيس اتحاد الإعلاميين اليمنيين: رحم الله شهيد الوطن الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين فقد كان عنوانا للعقل السياسي الراجح وهو يصول في ميدان السياسة وفي رحابة القانون والفقه الإسلامي، وحين اغتيل مع ختام مؤتمر الحوار الوطني، انفتح باب البلد على أزمة سياسية ما زلنا نصطلي بنيرانها.
وأضاف صبري: كانت للشهيد بصمته كمجاهد من طراز رفيع، يفقه ما عليه أن يقول، فلا يجبن عن إبداء رأي يخدم المصلحة الوطنية العليا، وهو في ذلك لا يسلك درب الساسة المحترفين، لأنه تدثر بالتواضع وأخلاق الصالحين، فكانت كلماته جهادا في سبيل الله والوطن.. حتى خصومه، فإنهم كانوا يعترفون له بالفضل وبالتميز وبالمصداقية في قوله وأفعاله، وقد حزنوا لمقتله كما حزن أصدقاؤه، وفاضت عيونهم بالدمع وهم يسمعون الخبر الحزين في ذلك الصباح البئيس.
وقال: ومما يؤسف له أن الفار هادي وحكومة باسندوة ووزير الداخلية يومها، لم يدركوا خطورة اغتيال قامة وطنية بهذا الحجم، فعملوا بقصد أو غير قصد على تمييع الحادثة، وعجزوا عن اتخاذ خطوات عملية لملاحقة الجناة، حتى ولو من باب ذر الرماد على العيون.
مرجعية كبيرة
أما الدكتور عبدالعزيز الحاج – مدير عام صندوق تنمية المهارات- فقد تحدث قائلا: الشهيد البروفسور كان مثالا للقانون ومرجعية كبيرة يقتدى بها، رجل قانوني من الطراز الأول حسب له العدو ألف حساب من خلال تواجده في مؤتمر الحوار الوطني، كان لديه رؤية واسعة في صياغة المحاور القانونية ونظرته الثاقبة لأي ثغرة أو هفوة قد تستغلها الأطراف المتحاورة في بنود الحوار.
وأضاف الدكتور الحاج: كان يمثل البروفيسور شرف الدين الشخصية الأكاديمية البحتة التي لا يتقبلها الآخرون من منظورهم في بناء دولة مدنية يحكمها القانون والنظام.. إن الكلام كثير وكثير في شخصية بهذا الحجم وهذه الهامة العلمية الشامخة.. التي جعلت من العدو يبغض تواجده في ساحات الحوار كممثل لفئة المستضعفين الذين يبحثون عن العيش بكرامة في وطن يحكمه أصحاب النفوذ منذ عقود.. وباختصار شديد لا استطيع أن أفي هذا الشهيد حقه ولم أجد الكلمات التي أعبر بها عن حزني لفقدان مثل هذه الهامات العلمية الكبيرة.. فسلام من الله على روحك يا شهيد المدنية والسلام والحوار.. ولا نامت أعين الجبناء.
نموذج راقٍ
فيما يقول الإعلامي شوقي شاهر: البروفيسور أحمد عبدالرحمن شرف الدين تتضاعف خسارته كونه لم يفقده أبناؤه وذووه بل فقده وطن بأكمله وأجيال متعاقبة تخرجت على يديه وكان يمثل لها نموذجاً راقياً ونبراساً يهتدون على خطاه.
وأضاف شاهر: لم نلتق بالشهيد مباشرةً سوى مرات قليلة إحداها بادلنا فيها التحيات.. ولكن على صعيد القيم والمبادئ التي كان يتقلدها ودرجة الوعي والسماحة فهذه أمور كنا نلتقي به ونحتفي بها وبشكل متواصل وذلك من طلابه وزملائه وقرائه ومختلف السياسيين والمثقفين الذين كانوا قريبين منه ويتواصلون مع أفكاره.
وقال: لقد مثل الشهيد البروفيسور شرف الدين مدرسة ونسيجاً لحاله في الأخلاق ومدرسه في التواضع وأكاديمية عليا في العلم وهو الأمر الذي يصعب تكراره، لم استمع إليه وهو يلقي محاضراته على أبنائه طلاب الشريعة والقانون ولكنني استمعت إليه وشاهدته وهو في مؤتمر الحوار الوطني ووجدت أن حاضر ومستقبل اليمن هما شغله الشاغل وهدفه الأسمى والأرقى.. رحمة الله عليه نم قرير العين ونقول له الوطن سيتجاوز محنته وسيصل إلى بر الأمان إن شاء الله تعالى.. سنفتقد إليك جسداً فقط وأمّا روحاً وفكراً فهي خالدة مع الأجيال.. ومما يخفف من هذا المصاب أنك لم تترك مالاً وثروة كما اهتم بذلك غيرك بل تركت ثروة علمية وفكرية وأخلاقية ترسخت لدى أبنائك من بعدك الذين بحضورهم بيننا أصبحنا ندرك حجم الثروة التي تركتها.
بصيرته ثاقبة
أما الإعلامي عبدالله الحسامي فيقول: الشهيد البروفيسور أحمد عبدالرحمن سياسي وأكاديمي عرف برصانته وعبقريته الفذة ودماثة أخلاقه وبصيرته الثاقبة الواعية الواعدة.. كان إنسانا بكل ما تحتويه الكلمة من معنى.. لقد تميز البروفيسور شرف الدين -يرحمه الله- بعمق صداقته ومحبته للجميع دون استثناء، لم يكن يوما من الأيام طائفيا أو سلالياً أو مناطقياً.
وأضاف الحسامي: البروفيسور أحمد شرف الدين الذي حفر نفسه في قلوب الناس لم يمت بل سيخلده التاريخ.. الذي مات هو المسخ القاتل.. مات فيه شرفه ودينه وأخلاقه وإنسانيته.. ستبقى أعماله شاهدة على خلوده في التاريخ الذي لا يخلد في سجلاته سوى الأشخاص العظام الذين أبوا إلا أن يكونوا استثناء من سجل الحياة.
شهيد المدنية
أما الدكتور علي المفتي –طبيب في مستشفى الثورة العام- يقول: المجتمع اليمني بأكمله كبيره و صغيره، متعلمه وأميه، مثقفوه وسياسيوه وعلماؤه وأكاديميوه، جميعهم يعرفونه ويعرفون فضائله وأخلاقه وعلمه وحياته وجميعهم أصابهم ألم خسارة شخص مثله، وإن أجمعوا على أن ذلك العملاق لا يليق به إلا مكانة الشهداء.. واستحقاقه إياها أولا بكل ما عرف عنه وبمواقفه ثم بموطن استشهاده في تلك اللحظة التي كان يؤدي فيها عملا وطنيا رفيعا ليتوج فيها أعماله.
وأضاف الدكتور المفتي: أؤكد هنا أن من كتب عن الشهيد قد سمع أزيزا في صدره يتلو كل كلمة كتبها لا سيما من يذكر مواقفا له أو لحظات معه وهو حال أمة بأكملها حين تقرأ تلك الكلمات حتى ممن لم يعرف الشهيد عن قرب وجمعته به مبادئه ومواقفه ولو من بعيد.. إنه شهيد الدولة المدنية شهيد العمل الأكاديمي و السياسي و الاجتماعي و السياسي و الديني و الثقافي.
فكر حداثي
أحد طلاب الشهيد البروفيسور تحدث عنه قائلا: اغتيال الشهيد الدكتور أحمد عبدالرحمن شرف الدين كان استكمالاً لمهمة نسف أعمدة الدولة المدنية التي انطلقت مع اغتيال الشهيد جار الله عمر الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني، وهي مهمة تعرف القوى الفاسدة كيف تقوم بها وكيف تستخدم الأدوات المناسبة لذلك.
وأضاف: الدكتور احمد شرف الدين وتراثة الثقافي خطر على قوى الفساد فهو صاحب فكر حداثي يستثني الرصاصة من المعادلة لصالح الفكرة التي يتناقش حولها اليمنيين جميعا لصالح وطنهم.. ولهذا كان القاتل مدرك لأهمية أن بقاء الرجل خطر على توجهاته خطر على نواياه المبيتة لمصادرة حلم اليمنيين واليمنيات في الأمن والاستقرار.. لكن من المؤسف أن يتم اغتيال أحمد عبدالرحمن شرف الدين وتقيد جريمة اغتياله ضد مجهول وهو ليس بمجهول.. هو معروف ولكن لأننا أضعنا الطريق الصحيح أضعناه.. شرف الدين أو الخيواني أو المتوكل أو جدبان أو جار الله هم ضحايا فكرة متطرفة.. ضحايا مصادرة رؤية الآخرين، ضحايا تراكمات التحريض والتحريض المضاد.
وقال: لو أردنا أن ننتصر فإن شرف الدين وغيره من أعمدة الدولة المدنية علينا على الأقل تحويل تراثهم إلى رؤية وطنية من أجل الانتصار لقضايا اليمن من أجل السلام المجتمعي من أجل الدولة المدنية التي كان ينشدها.. إذا أردنا محاسبة الجناة علينا أن نحول مشاريع الراحل إلى تراث يستفيد منه الأجيال من خلال مركز بحوث يحمل اسمه أو جامعة بشرط ألا تعلم التطرف بشتى أنواعه ديني مذهبي مناطقي.. احمد شرف الدين ليس حكرا على طرف سياسي هو رجل جامع لا تزال قلوب الناس تخفق بحبة لأنه كان رجلاً نزيهاً عازفاً عن السلطة والمناصب رغم إمكانياته ورغم حقه في المناصب ولكن آثر قاعات المحاضرات ليرمي بذرة الدولة المدنية يعلم طلابه كيف يمكن أن تبنى.. وأتشرف أن أكون أحد طلابه الذين تأثروا كثيرا بأفكاره وقناعاته لأنه كان ينطلق من حرص على عدم تمزيق النسيج الوطني رافضا لدورات الحروب والعنف وكان ضد حرب صيف 94 كما كان ضد حرب صعدة الظالمة.. لو فكر الجميع سيجد الحل لما تمر به البلاد في تراث الفقيد الشهيد رحمة الله علية مخرجاً لكل ما نعانيه اليوم فقط إذا صدقت النوايا وغيبت مصالحهم وحضر الوطن الوطن فقط.