ذاكـــــــرة الخيانة والغـدر والـدم
د.حسـن علـي مجلـي
كان قادة (الزمرة) العسكريين الذين اقدموا على مؤامرتها الانقلابية واغتالوا الرفاق في (المكتب السياسي) صباح (13 يناير 1986م)، لا ينفذون مشروعاً للاستيلاء الفردي على السلطة فحسب، ولكن المتآمرين كانوا ينفذون مشروعاً لإسقاط النظام التقدمي في اليمن الديمقراطية بالتنسيق مع القوى الإمبريالية بقيادة أمريكا والرجعية العربية بزعامة السعودية، هذه القوى التي سعت جاهدة وبمختلف الوسائل، لإخضاع اليمن لهيمنتها ومحاربة أي نظام ثوري أو تقدمي فيه، والبرهنة، من ثم، على أن الثورة والحرية والعدالة لا تصلح لأن تطبق في اليمن، وأن درب الفساد والرأسمالية الطفيلية والتبعية لأمريكا والغرب والخنوع للرجعية العربية بقيادة (السعودية) هي الطريق الصالح الوحيد والآمن لا في اليمن وحسب، بل وكل البلاد العربية.
كَتَب (بول فندلي) في كتابه (من يجرؤ على الكلام)، ص (9)، ما يلي:
إن (عدن) – إضافة إلى (جيبوتي) الخاضعة للسيطرة الفرنسية – تهيمن على مضيق عالمي الشهرة ومهم جداً جداً (يقصد باب المندب) ويعتبر بوابة قناة السويس، والذي ينجح في السيطرة على (عدن) يتحكم عملياً بقناة السويس من ناحية جنوب البحر الأحمر.
ويضيف نفس الكاتب في حديث له لصحيفة (لوس أنجلوس تايمز) بتاريخ 5/2/1986م مؤكداً أنه: ((لو مدت الولايات المتحدة الأمريكية يدها بسرعة لمصافحة اليد التي مدها (سالم ربيع) وخليفته (علي ناصر محمد) لكان قد اختلف مجرى الأحداث الحالية (أحداث يناير 1986م) وتشجعت القوات الصديقة لأمريكا للتدخل في المعارك، ذلك أن اليمن الديمقراطية لها أهميتها الحيوية في الماضي والحاضر والمستقبل بالنسبة لعلاقات أمريكا بالشرق الأوسط ودول الخليج وشرق أفريقيا ومنطقة المحيط الهندي)).
كل ما يجري الآن من دعم عسكري ومالي وإعلامي لأعداء الوطن والشعب اليمني يؤكد صحة الأخبار القديمة أن القوى الرجعية والإمبريالية أثناء (مذبحة 13 يناير) كانت ترسل المساعدات المالية والعسكرية والغذائية المختلفة للموالين لها، وكانت على اتصال دائم بالبعثات الدبلوماسية في (عدن) لمتابعة تطورات الموقف.
في ذلك الوقت تسربت أيضاً معلومات مفادها أنه أثناء زيارة (جورج بوش “الأب”) نائب الرئيس الأمريكي (آنذاك) إلى المنطقة في أبريل 1986م التقى نائب الرئيس الأمريكي بأحد قيادات (الزمرة) وأبدى استعداد الولايات المتحدة الأمريكية لتأييد تشكيل قوات عسكرية وتزويدها بالمعدات العسكرية بهدف إسقاط النظام في اليمن الديمقراطية.
كما أن السعودية أيدت استعدادها الكامل لتقديم النفقات المالية لهذه القوات في العمليات العسكرية ضد النظام السياسي في (عدن).
إن مسعى أعداء الوطن والشعب إلى إحراق اليمن بنيران الحروب وتمزيق الوطن وتدمير الشعب هي سياسة ثابتة لأعداء اليمن منذ زمن بعيد.
ويجدر بنا في هذا المقام أن نورد واقعة كانت ولا تزال شبه خافية على القراء، فقد حاول عملاء الاستعمار والرجعية إحراق مدينة (عدن) عام 1982م، وذلك عندما نظمت (وكالة المخابرات الأمريكية) شبكة للقيام بهذه العملية التي أشرف عليها مباشرة نائب مستشار الرئيس للأمن القومي عام 1986م.
وفي هذا السياق أكدت آنذاك مجلة (واشنطن بوست) في عددها الصادر في 11 ديسمبر 1986م أن المستشار الجديد للرئيس (ريغان) لشؤون الأمن القومي (فرانك كارلوتشي) نظم في 1979م ((عملية سرية للمخابرات المركزية الأمريكية ضد اليمن الديمقراطية أسفرت عن فشل ذريع، حيث كلفه في نفس العام الرئيس (كارتر) ومستشاره لشؤون الأمن القومي (زبيغنيو برجينسكي) بالقيام بعملية شبه عسكرية ضد نظام الحكم في اليمن الجنوبية)).
كذلك فقد أكد المؤلف (وود وارد) في كتابه (الحجاب) الذي صدر عام 1987م هذه العملية قائلاً أنه في المرحلة الأخيرة من حكم (كارتر) تم وضع برنامج محدود لتقويض النظام الحاكم في اليمن الجنوبي الموالي للسوفييت وحتى ذلك الحين كانت العملية مستمرة وتلقت مجموعة صغيرة العدد من اليمنيين تدريبات لتفجير الجسور وغيرها من عمليات التخريب وقد ترك (تيرنر) أمر هذه العمليات لنائبه (كارلوتشي) كي يشرف على متابعتها.
إن سياسة أمريكا والسعودية العدائية ضد اليمن وخططها العدوانية ضد الشعب اليمني هي من (الثوابت) التي لا يحيدان عنها.
استاذ القانون – جامعة صنعاء