قيادة الإصلاح وانتهاز اللحظة
مطهر تقي
من يراقب المشهد السياسي اليمني بعد اتفاق مبادئ مسقط و زيارة كيري الأخيرة الى السعودية سيجد فارقاً سياسياً مهماً بل بالغ الأهمية في مسار الصراع العسكري والسياسي اليمني ويعتبر هذا الفارق بداية جديدة لمسار خارطة سياسية اقرتها الدول الأربع ( أمريكا ، بريطانيا ، السعودية ، الإمارات ) وتُغيب أو غيب عن هذا الاتفاق هادي وحكومته .
تطور تابعه الداخل والخارج باهتمام كبير فهل سينتهز حزب الإصلاح اللحظة الزمنية السياسية الفارقة ويغير مسار سياسته ومضمون مواقفه المراوحة مكانها منذ مغادرتهم العاصمة صنعاء إلى مقر إقامتهم في الرياض .
العقل والمنطق السياسي يدعوهم وكذلك مصلحتهم السياسية و مصلحة الوطن تحتم عليهم التعامل الإيجابي مع هذا التحول السياسي الكبير فيكفيهم ما خسروا سياسياً وشعبياً طيلة الفترة الماضية فقد كانوا ولا زالوا جزءاً من الغطاء السياسي الرئيسي للحرب التي فرضت على بلدهم وشعبهم وقد كانوا كذلك ولا زالوا جزءاً من رأس الحربة في المعارك العسكرية وخسروا الكثير من التأييد الشعبي الذي كانوا يراهنون عليه في تحريك الشارع السياسي في الماضي نتيجة سلبيتهم وتجاهلهم معاناة شعبهم خصوصاً بعد تلك المجازر ضد المدنيين في الأسواق وصالات الأفراح و التجمعات السكانية والمآتم التي زاد عددها عن ستين مجزرة ولم يسمع الشعب تنديداً واحداً من حزب الإصلاح يستنكر تلك المجازر ويطالب على الأقل تجنيب المواطن ومعيشته من غارات طائرات التحالف .
أعود إلى انتهاز اللحظة السياسية التي أتمنى على عقلاء حزب الإصلاح استغلالها ووضع حد لجمودهم السياسي ويتحرروا من ضيق المنزلة بين المنزلتين : منزلة قيد بقائهم في الرياض وضيق حركتهم السياسية إلا مع ما يتوافق ورؤية الرياض ومنزلة ثوابت ما يسمى بالشرعية والتدخل الإيراني في اليمن .
أما الأولى فهم يعرفون قبل غيرهم أن المملكة السعودية لم تزج بنفسها في إتون العدوان بالجيش والمال والمواقف السياسية من أجل ما يسمى بالشرعية وكرامة وأمن اليمن فلهم اجندتهم ورؤيتهم السياسية حيال اليمن منذ زمن طويل من منطلق رؤيتهم لمصلحة سياسة بلادهم وحلمهم بأن تكون السعودية دولة إقليمية ثالثة ذات فعل وتأثير على الساحة العربية والإسلامية ناهيك بأن السعودية والإمارات تنظر إليكم كحزب إرهابي بعد هرولتكم المشهورة في تأييد الإخوان في مصر ومواقفكم السياسية الواضحة ضد السعودية وضد حكامها الذين يحكمون من غرف الإنعاش.
أما الثانية فيا إخوتنا في الإصلاح انتم تعرفون قبل غيركم أيضاً أن هادي وشرعيته من استأصل السلفيين من دماج ومن ساعد الحوثيين على آل الأحمر ومن مؤامراته استطاع ضرب الإصلاح في عمران وخذل اللواء علي محسن مع فرقته وأخرجه و كل قيادات الإصلاح من صنعاء واستطاع من خلال أعضاء حزبكم أن يفشل حوار موفنبيك والذي كان على وشك النجاح بشهادة بن عمر .
وأما الحديث الممجوج عن التدخل الإيراني في اليمن فحزب الإصلاح يعرف الحقيقة بكل أبعادها ولا داعي من الخوض في تلك الانتهازية الإيرانية ولعبتها الناجحة التي استطاعت من خلالها إغراق السعودية ومن معها في رمال وجبال اليمن في حرب خاسرة .
أعود إلى أهمية انتهاز اللحظة السياسية التي تطبخ على نار هادئة فالحكمة تدعو الإصلاح إلى إعادة تقييم أدائه السياسي خلال السنوات الأخيرة والنظر بعين الباحث عن المخرج الأقل ثمناً خصوصاً ومحيطه العربي والإسلامي يضيق جغرافياً على حركة الإخوان المسلمين بفعل التغييرات على الساحة الأمريكية والأوروبية ونظرة الغرب إلى حركة الإخوان المسلمين كحركة إرهابية يجب محاربتها ناهيكم عن الأهم وهو أن رهان دخول صنعاء قد فشل ولا أمل من الحل العسكري فهو يعني مزيد من الدماء والدمار دون نهاية واضحة وأن الحل الأنجع والأكثر واقعية بعد أكثر من عام وعشرة أشهر من الحرب يكمن في المصالحة الوطنية والعودة إلى روح التسامح السياسي فإخوانكم في صنعاء من المؤتمر والأنصار وكل حلفاءهم هم الأقرب إليكم دم ونسب وإخوة والجميع عليهم مسئولية وقف الحرب والمشاركة الصادقة لوضع اسس للمصالحة الوطنية وإعادة بناء ما دمرته الحرب وجبر مصاب أهلهم من أبناء الشعب فيكفي قتال وخراب من أجل رؤى سياسية تافهة .
واعتقد أن على حزب التجمع اليمني للإصلاح أن يعي طبيعة المتغيرات السياسية خلال عامين ونيف من الشهور كذلك عليه أن يتصور قدر تغير المزاج الشعبي بعد العدوان فما قبل الحرب ليس كما بعدها وكما نطلب من “الإصلاح” انتهاز اللحظة نطلب كذلك من “المؤتمر والانصار” عدم التهويل في الخسارة الشعبية لحزب الإصلاح فنعتقد أن لازال له مجاميعه الصامتة وخلاياه النشطة ولا زال بإمكانه أن يلعب بحرفية في المستقبل.
وإذا كانت السياسة هي فن الممكن فعلى حزب الإصلاح أن ينتهز اللحظة السياسية ويعود إلى المربع السياسي اليمني ويراهن على عودته إلى صنعاء بالحوار والمصالحة الوطنية و الخوف إذا استمر في جموده أن يضيع عنب صنعاء وبلح عدن و حتى ملح مارب .
والله من وراء القصد ،،،