د. / عادل عبدالصمد عبد الحافظ –
إن الإرهاب ظاهرة خطيرة هددت كيان المجتمع وهددت الأمن والسلام الاجتماعي على مستوى دول العالم كله¡ ودول المنطقة العربية والإسلامية على وجه الخصوص¡ وبشكل أكثر اتساعا◌ٍ.
إذا◌ٍ فما معنى الإرهاب¿ وما أسبابه¿ وما الآثار السلبية التي تعود على الفرد والمجتمع من خلاله¿
أولا◌ٍ: الإرهاب هو مصدر مشتق من الفعل (أرهب◌ِ) فلانا◌ٍ أي خوفه وأفزعه¡ وهو نفس المعنى للفعل (رهب◌ِ) يرهب رهبة ورهبا◌ٍ بمعنى خاف.
جذور (رهب) من حيث جذوره (اللغوية) يعني التخوف والقمع¡ ومباشرة الاعتداء.
وعند علماء المجمع الفقهي. الإرهاب هو العدوان الذي يمارسه أفراد¡ أو جماعة¡ أو دول¡ بغيا◌ٍ على الإنسان (دمه وماله وعرضه)¡ ويشمل صنوف التخويف¡ والأذى¡ والتهديد.
ويشمل القتل بغير حق¡ وما يتصل به من هذا السبيل من قطع الطريق¡ كل فعل من أفعال العنف¡ أو التهديد.
ثانيا◌ٍ: أسبابه
لا شك أن الإرهاب آفة خطيرة على الفرد والمجتمع ككل ولا يستثنى منه أحد لأن نتائجه تكون على مستوى البلاد عامة¡ ولو أمعنا النظر في أحوال هؤلاء الإرهابيين وفي فكرهم وآرائهم وتصرفاتهم ¡ وفي أسلوب ومنهج معاملاتهم نجد أن السبب في ذلك يرجع إلى:
إما أنهم لم يسمعوا كلام الله وأقوال الرسول – عليه أفضل الصلاة والسلام- ولم يستوعبوها بالفهم الصحيح¡ والفكر المستنير في إطار عقيدة الإسلام السمحة البناءة¡ التي تجمع ولا تفرق¡ وتبني ولا تهدم¡ وتعمر ولا تخرب¡ وكان عليهم أن يدرسوا الدين دراسة واعية كاملة غير مبتورة قبل أن يتوجهوا وجهة مخالفة.
في الوقت نفسه ترجع هذه الظاهرة إلى أنهم سمعوا كلام الله وكلام رسوله إلا أنهم لم يستجيبوا.. بسبب فكرهم الضيق¡ وتطرفهم البغيض.. وهذا هو الخطأ الأكبر¡ إذ ليس يدعو إلى الدين من لا يفهم ويستوعب ويتمسك بأمر القرآن الكريم وحديث الرسول – عليه الصلاة والسلام.
على أنه من المؤلم أن هؤلاء يتكبرون ولا يذعنون لنصائح العقلاء من المفكرين¡ فكل واحد منهم يعتد برأيه¡ ويتمسك بأفكاره ويتجمد في فهمه¡ فإذا حاولت أن تناقشه وتعرض عليه ما يهديه إلى الصراط المستقيم أعرض ونأى بجانبه عنك¡ ونالك من أذاه¡ ومن الآثار السلبية التي تعود على الفرد والمجتمع من وراء هذه الظاهرة المؤلمة:
انتشار القلاقل والاضطرابات¡ والقلق والفزع¡ والخوف وعدم الامان¡ كما يفتقد الإنسان الهدوء والاستقرار والاطمئنان¡ فيصبح الإنسان شارد الفكر مبلبل الخاطر¡ وينعكس ذلك على عمله فيقل الإنتاج¡ ويهبط مستوى الأداء¡ وينتشر الفساد والكساد¡ وتنعدم الثقة بين الجميع¡ فتفتح أبواب الشر¡ وتتقطع أوصال المجتمع.
فالإرهاب عنف منظم يهدف إلى خلق حالة من التهديد العام الموجهة إلى دولة أو جماعة أو مصالح للدولة¡ ومن ثم فالإرهاب فعل إجرامي تحركه دوافع دنيئة ومريضة من قبل هؤلاء الجماعات.
إن هذه الظاهرة الإرهابية سبب إزهاق الأرواح وسفك الدماء – دماء الأبرياء- وتهديد الأمن والسكينة للآمنين وتدمير الأوطان والممتلكات وتشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف السمح الذي دعا إلى الوسطية والاعتدال واحترام الأديان وحماية الأديان وحماية المعتقدات وحفظ الأنفس والممتلكات ودعا إلى الرحمة في كل شيء.
علاج لهذه الظاهرة يجب علينا -كلا◌ٍ من موقع عمله وبحسب مسؤوليته- تفعيل دور التوجيه المعنوي في وحدات القوات المسلحة وذلك بإلقاء المحاضرات المركزية والدينية والتوعية السليمة من خلال مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف السمح وبين الوسطية والاعتدال.
إن الإرهاب مرض سرطاني ووباء معدي¡ يستدعي معالجته معالجة رقيقة وبطرق صحيحة ومتابعة مستمرة من أهل الحل والعقد والعلماء والعقلاء والمحبين للسلام وللإنسانية وللأوطان.
إن الله تعالى قد حرم قتل النفس وذلك بحرمة سفك الدماء قال تعالى: «و◌ِلا ت◌ِقúت◌ْل◌ْوا النø◌ِفúس◌ِ الø◌ِتöي ح◌ِرø◌ِم◌ِ اللø◌ِه◌ْ إöلاø◌ِ بöالúح◌ِقøö». ومن ثم فالإرهاب مرض خطير لا يرعى لهذه النفس حرمة¡ فيقتل ويخرب ويدمر¡ ويؤدي إلى ضياع الأمن والأمان¡ ومن ثم واجب على العلماء بيان وسطية الإسلام ورحمته ورفقه ولينه¡ وحرمة النفس البشرية في الإسلام¡ حتى ولو كانت نفس غير مؤمنة¡ فالأمر يحتاج إلى جهد وتوعية حقيقية على أرض الواقع حتى تحقق ثمارها في القضاء على هذا المرض الخطير.
*عضو بعثة الأزهر الشريف بالجمهورية اليمنية
Prev Post
Next Post