“قصة وطن”
زينب الشهاري
تختنق برائحة الدم، تمتد أغصان شجرة الموت فيها بلا انقطاع ، يتزاحم على أبواب مقابرها زائرون حكم عليهم بسجنها المؤبد، يطلع صبحها على جروح صبغت شمسها حمرة وسقت جوها حزنا.. تمضي ساعات يومها تضمد أوجاعا لا تندمل فسرعان ما تنكيها أوجاعا أخر، في عينيها تتأرجح ألف صورة لوجوه أطفال بصمت عليها يد القتل، وعلى ثغرها ارتسمت دموع أرامل وارتجافات أيدي أيتام، تتأسى بحلول مساء تعتزم رمي ثقل آلامها في سواده لكنه الآخر يكون مسرحا خصبا لعواء ذئاب يكشف نور الصبح عن فضائع صنيعهم في ملامحها.
نفوس أكل منها القنوط وأرواح استوطنها الاستسلام وراية بيضاء ترفع على أسوارها عاليا كان هدفهم حين رسموها لوحة دمار و خضبوها بحمرة الموت…
من رحم المنية ولد بركان لم يخمد صب حممه على مقترف الإجرام، ومن بين دخان أكوام الدمار انبعثت قساورة نهشت في جسد الجاني، ضحكة طفل لم تحكم قبضة الموت على عنقه حين خرج من بين الحطام وبندقية شيخ لوحت في وجه كبرياء المعتدي كان جواب مدينتي على هدية القتل التي وهبها المجرم.
رايات صمود رفعها أهلها في سماها نجوما، وآيات نصر سطرها شهداؤها في ميادينها خلودا، ورداء نصر ألبسها مجاهدوها في الأمم فخرا كان جواب مدينتي على يد الإجرام.
يتجرع مرارة الهزائم علقما ويتلوى من أزمات التقشف ألما ويضرب بسياط المستغلين وخذلان الناصرين حسرة هو حال المذنب في آخر نزاعاته في معركة تحسمها مدينتي انتصارا.