استطلاع /نافع الحكيمي –
مع إمكانيات وقدرات الأدلة الجنائية لصالح الأولى
تتطور وسائل أجهزة مكافحة الجريمة بتطور وسائل ارتكاب الجرائم فتظل الأجهزة المعنية بمكافحة الإجرام وعصابات الإجرام في سباق تكنولوجي .. فالجرائم تتطور بتطور الوسائل من اتصالات ووسائل حركة ومن ثم وسائل التنفيذ يقابلها تطور في وسائل التتبع وطرق الكشف والاثبات التي تقود بسهولة لاكتشاف مرتكب الجريمة وأيضاٍ المجني علية الذي قد يكون المجرم قد شوه ملامحه سعيا منه لإخفاء جريمته ..
والأدلة الجنائية في بلادنا هي المعنية بالكشف عن الأدلة والإثبات التي على أساسها توجه الاتهامات لمرتكبي الجرائم والقصاص للضحايا .. ولا بد ان يتواكب أداء هذا الجهاز كادرا وتقنية وتأهيلاٍ مع جسامة المهام الملقاة على عاتقه .. وللدور الذي يؤديه في ضبط المجرمين وحماية المجتمع من شرورهم ..
فهل جهاز الأدلة الجنائية في بلادنا يمتلك هذه المقومات ذات الأهمية القصوى لأدائه ..¿
تمتلك الأدلة الجنائية مبنى كبيراٍ مؤلفاٍ من عدة طوابق يقع على مساحة كبيرة.. الناظر إليه من الخارج يعرف أهمية هذا المبنى وأنه حساس ..تدخل من بوابته على الطريق العام في شمال العاصمة إلى الحوش ومن ثم المبنى فتبهرك النظافة غير المعتادة في أجهزة وزارة الداخلية وحداثة المبنى المكون من ثلاثة ادوار إضافة إلى الدور الأرضي يوجد العديد من الغرف المخصصة في كل دور ففي الدور الأول يوجد معمل التصوير ومعمل كيميائي وإدارة مسرح الجريمة والاستعلامات وإدارة الإعطاب الفنية ومخزن المواد الحساسة والمواد الكيميائية والمخدرات إضافة إلى غرف تجارب إطلاق النار وفحص الأسلحة النارية وغيرها .. فيما يشغل الدور الثاني غرف معملية للفحص الكيميائي والفيزيائي وإدارة أرشيف البصمات وإدارة تحقيق الشخصية وإدارة التصوير الجنائي إضافة إلى إدارة الأسلحة وإدارة آثار الآلات وقسم فحص المعدات والمركبات وإدارة التزييف والتزوير وغيرها .. أما الدور الثالث فقد خصص لمعامل أخرى أيضا والتي منها معمل السموم والمخدرات واحتوى أيضاٍ على إدارة المتفجرات وإدارة الحرائق ومعامل لفحص آثار السوائل وآثار البلاستيك وإدارة فحص الحمض النووي وغيرها.
المتجول داخل هذا المبنى يندهش من التصميم والتخطيط له لكنه ينتبه عندما يعلم أن شركة المانية هي من قامت بذلك.. في الدور الرابع تجد أيضاٍ إضافة إلى الإدارة متحف الأدلة والذي يحكي عن العديد من المشاركات لهذا الجهاز المهم في كشف غموض الجريمة وتحقيق العدالة ..
وخلال الجولة استمعنا من المختصين عن أهم الإدارات وعملها منها إدارة مسرح الحادث والتي تتبع ما يترك من آثار وأدلة وكيفية التعامل مع تلك الآثار ورفعها وحفظها وتحريزها الفحص الفني للاماكن والأشخاص في مسرح الحادث الأخطار التي قد تواجه ضابط مسرح الحادث والصعوبات التي قد تواجههم .
وفي ما يخص المعامل المتعددة الكيميائية شرح لنا المعنيون التعامل مع العينات الجنائية الكيميائية كمخلفات الإطلاق الناري والمتفجرات ومخلفات حرائق المواد البترولية وذلك بكيفية تحريزها وطرق تحليلها والاستفادة منها للكشف عن الجاني.
وبخصوص الفحوص الوراثية وأهميتها وجدنا إدارة خالية من الأجهزة تنتظر الدعم إلا أنه يوجد لدينا خمسة متخصصين في طرق رفع العينات الحيوية من مسرح الحادث وكيفية استخلاص المادة الوراثية DNAوطرق تحليلها ومقارنتها والاستفادة منها في الكشف عن الجاني أما معامل السموم والمخدرات فالطرق الحديثة ساعدت في الكشف والتعرف على المخدرات والسموم .
وخصص معامل فحص آثار الأسلحة والآلات لفحص الأسلحة النارية ومقارنة الآثار على الطلقات النارية وفي معمل رفع البصمات وتحقيق الشخصية تعرفنا على طرق رفعها وتحريزها وكيفية مطابقتها ومقارنتها بالطرق التقليدية والآلية والاستفادة منها للكشف عن الجاني وبذلك تم إيجاد أرشيف جنائي يتم من خلاله التعرف على المجرمين الذين يعاودون ارتكاب الجريمة
وأيضا معمل فحص العملات والمستندات واطلعنا على لأساليب العلمية المتبعة لفحص ومقارنة ومضاهاة المستندات والعملات وكيفية معرفة الصحيح من المزيف منها وأيضا المضاف بعد تحريرها بالنسبة للوثائق .
وفي معمل فحص المتفجرات رأينا ما يلبسه مختصو الفحص والتفتيش عن المتفجرات للتعامل معها.
وخلال هذه الزيارة شاهدنا عدة أجهزة لمعامل وهي هدية بالطبع ترفع من قدرات العاملين في الأدلة من أداء مهامهم النبيلة على أكمل وجه وتوصلهم بسهولة ودقة إلى الجناة لكن للأسف قيل لنا أن كثيراٍ من هذه الأجهزة معطلة بفعل الكهرباء وغياب المواد المستخدمة للتعامل معها ولاتوجد إمكانيات لإصلاحها وقبل ذلك لم يكن لدينا الإمكانية لشراء هذه الأجهزة والمعدات التي حصلت بلادنا عليها مساعدة من بعض الدول الأجنبية على رأسها دولة ألمانيا .. وكان يفترض أن يكون الحرص على هذه الأجهزة والمعدات أكبر لأنه يصعب على الجهة المعنية توفيرها مرة أخرى.. وكان هناك ثلاثة أجهزة حساسة سعرها ملايين الريالات ضمن المساعدات التي حصلت بلادنا عليها إلا أنها تعطلت بسبب الكهرباء وعدم صيانتها ..
وقد شكا عدد من الخبراء الفنيين العاملين من غياب فهم اختصاصاتهم وإهمالهم وغياب العلاوات وبدل مخاطر وغيرها .. رغم أن عملهم وتعاملهم يكون مع مواد مضرة وخطرة قد تصيبهم بأمراض خطيرة أو تقتلهم أثناء التعامل معها مثل المتفجرات وسموم المخدرات وغيرها الكثير.
وحول ذلك قال مدير عام الأدلة الجنائية الدكتور مصعب الصوفي إنه من أهم وظائف الأدلة هو معاينة مسرح الجريمة وهي الجهة المختصة لمعاينة الأدلة المتواجدة في مسرح الجريمة أو الأدلة ذات الطابع الجنائي المرتبط بجريمة والجهاز يختص بجميع الجرائم بدءاٍ من الجرائم العادية وانتهاء بالجرائم الإرهابية .. مشيرا إلى انه يوجد بالإدارة مجموعة من الخبراء الفنين اليمنيين وهم على مستوى عالُ من التأهيل في مجال الأدلة الجنائية في كيفية العثور عليها من مسرح الجريمة وكيفية الحفاظ عليه ونقله ومن ثم التعامل معه في المختبر الفني المتخصص ويجب أن يحظوا بمعاملة أفضل حيث أنهم يعرضون أنفسهم للخطر .. مضيفاٍ: كما يوجد معامل فنية متخصصة متنقلة تنتقل مباشرة إلى مكان الحادث وهي ستة معامل في الإدارة ومعمل في كل منطقة بأمانة العاصمة أما بقية المحافظات فيختلف عددها فيه فهناك محافظات لا يوجد بها سوى معمل متنقل واحد فقط ..
وأكد الصوفي أن هذا الوضع غير مرضُ وأن قيادة الإدارة تسعى إلى توفير الإمكانيات وتطوير الموجود من خلال التواصل مع وزير الداخلية الذي أبدى اهتمامه بالموضوع وهناك تواصل مع الجهات الخارجية الداعمة لتوفير هذه المتطلبات التقنية الضرورية لليمن ..من ذلك منظومة فحص الحمض النووي الذي يتم فيها الكشف من شعر أو لعاب أو من أي شيء بيلوجي من الإنسان يتم اكتشافه بمسرح الجريمة نحن في الوقت الحالي لدينا من الكفاءات من يقومون بأخذ العينات فقط و لا نتعامل معها لان هذه التقنية غير موجودة ومن ثم بتوجيهات القيادة يتم إرساله إلى الخارج ولدينا خمسه أشخاص مؤهلون قادرون على أخذ عينة dna لهم أكثر من خمس سنوات من التأهيل في الخارج.
وحول الأجهزة التقنية ومشاكلها قال مدير عام الأدلة الجنائية إنه يوجد أجهزة خارج الجاهزية مما أدى إلى إقلال عطاء بعض الإدارات نتيجة خروج أجهزة عن العمل سواء بقدمها أو تعطلها.. مضيفا انه يتم حاليا السعي إلى إحداث طفرة في الإدارة عبر خطة قدمت إلى قيادة وزارة الداخلية بتحديث الأجهزة وتأهيل الكادر مشيرا إلى توفر الكادر البشري المتخصص وان منهم من عمل في معامل جنائية متخصصة في أوروبا وغيرها.
وعن أعداد الخبراء قال العقيد الصوفي انه من المفروض أن يكون لدى إدارة الأدلة اثنان إلى ثلاثة من الخبراء في كل محافظة متخصصون في شتى مجالات الأدلة الجنائية موضحا أن العدد الحالي دون المطلوب وان الإمكانيات الحالية لا تمكن من أداء 5% من الدور المطلوب مشيرا إلى ضعف التناسب بين الجريمة كما ونوعا مع إمكانيات وقدرات الأدلة الجنائية لصالح الأولى ..
تصوير/ عادل حويس