تخفيضات العيد.. “سراب بقيعة”

أبو 500 ريال يتصدر.. وشعار الاغلبية (العيد عيد العافية)
استطلاع / أحمد الطيار

حين أعلن محل تجاري في العاصمة عن تخفيضات بنسبة 40 % على الملابس كانت الأمواج البشرية تتدافع عليها من كل مديريات العاصمة صنعاء منذ الأيام الأولى للعشر ومع مساء العيد كانت أبوابه مفتوحة حتى الفجر في واحدة من اكبر سلاسل التسوق الشعبي تشهدها العاصمة هذا الموسم.
اشتهر المحل من قبل ببيع الملابس بأسعار متدنية فئة 500 ريال و750 ريالا و1000 ريال، لكن مع التخفيضات هذه أعاد هيكلتها لفئة 500 ريال فقط، وهكذا استطاع بيع قطع من الملابس التي عجز عن بيعها طيلة السنوات الثلاث الماضية والسبب مدعوم بإقبال الناس عليها لأنها رخيصة من جهة وحالتهم الاقتصادية المتدنية من جهة أخرى.
قصة التخفيضات السعرية في هذا الموسم باتت هاجسا للأسر اليمنية تبحث عنها في كل مكان خصوصا قطاع الملابس ومستلزمات العيد لكن ضالتها لم تعد كبيرة فالتجار وأصحاب المولات التجارية الكبيرة لم يعد في استراتيجيتهم التخفيض حيث يخافون على بضائعهم أكثر من الخوف من كسادها في ظل ظروف الحصار الاقتصادي والعدوان ولم يلح في الأفق أي حل سياسي للأزمة وهكذا نادرا ما يظهر تخفيضات بالمعني الاقتصادي.
تصفية
بدت فرص التخفيضات السعرية لقطاع الملابس واضحة في مولات ترغب بتصفية الأنواع المكدسة لديها كما فعل أشهر المولات بالستين الجنوبي حيث تصاعدت لافتات التخفيضات منذ نصف شهر وهناك يتزاحم الناس عليه لأن التخفيض وصل 50% كما يقول الزبائن.
قصة
«بدأت التخفيضات بشكل جدي في المول المشهور حين أبدت الإدارة رغبتها ببيع الأصناف المكدسة عندها منذ سنوات ووجدت أن فرصة عيد الأضحى لاتقدر بثمن فاحتياج الناس لملابس العيد تدفعهم للقبول بشراء أصناف قديمة طالما وان سعرها يمكنه أن يناسب دخلها في هذا الظروف» هكذا قال المسؤول في العلاقات العامة بذلك المول.
ترحيب
لا يخفي المستهلكون فرحهم بحصول تخفيضات في الأسعار للمستلزمات التي يحتاجونها للعيد وعلى رأسها الملابس لكن تلك التخفيضات لا تأتي وفقا لتطلعاتهم كما يقول محمد ابراهيم موظف، حيث أن استغلال المواسم وحاجة الناس سمة لن يتخلى عنها التجار بسهولة ،ويرى أن موسم العيد يعتبر مهما لتسويق بضائع التجار والغالب تغليف البضائع بتخفيضات لكي يتم تسويقها وإغراء الزبائن بها لشرائها بثمن مريح للمحلات .
إعلانات ولوحات
تحفل الشوارع بإعلانات التخفيضات في المولات التجارية وهذه الإعلانات باتت كثيرة بعد أن عجزت تلك المحلات في الوصول إلى وسائل الإعلام كما كانت تفعل قبل الحرب على اليمن من قبل العدوان ويعتقد محللون اقتصاديون أن تخفيضات عيد الأضحى المبارك وهمية بكل معنى الكلمة فالسوق المحلية لاتعاني تخمة في المعروض من السلع أولا وثانيا لن يكون بوسع الناس التسارع للحصول على التخفيضات لقلة دخلهم أساسا مع تفاقم الوضع جراء العدوان لكن يبدو أن التجار يأملون في الاستفادة من بعض المدخرات من جهة واستلام الرواتب آخر الشهر من جهة أخرى.
استراتيجية
يعترف التجار أن فرص التسوق لا تعوض في عيد الأضحى ويرون أن هذه الفكرة كما هي مطبقة في الخارج يمكن تطبيقها في الداخل لكن الظروف الاقتصادية هي من تمنع انتشارها وتعميمها فالناس مثقلة بالديون والموظفون لا يجدون سوى رواتبهم ولا يمتلكون سيولة نقدية إلا الراتب كدخل رئيسي فهل من المعقول المخاطرة به في تخفيضات وهمية، لكن تميم الجرباني من شركة الأمواج لتسويق الملابس يقول :نعم هناك تخفيضات حقيقية بنسبة 20-30% على الأقل في بعض المنتجات .
واقع
داخل مولات التخفيضات كانت المفاجأة حيث وجدنا ملابس بشتى الأنواع للأطفال والشباب والنساء لكن تلك الملابس تتسم بالقدم وليست حديثة وتبدو من مظهرها أنها صنعت لغير اليمنيين في الأصل ، وصحيح أن أسعارها متساوية كل قطعة بـ500 ريال لكن بعض الزبائن المتذمرين يعتقدون أنها لا تساوي ولا حتى 100 ريال نظرا لقدمها وشكلها وتصميم إنتاجها ،ورغم ذلك هناك من يجد ضالته فيها يقول صالح عبده إن الدافع لشرائها يكمن في الحاجة فأولاده يدفعونه لشراء ملابس للعيد ووجد أن هذا المول يفي بغرضه حيث الأسعار مناسبة لدخله.
وعلى نفس المنوال ترى أسراً كثيرة أهمية هذه التخفيضات لأن مستوى دخلها الاقتصادي لا يمكنها من شراء ملابس لأطفالها 3000 على اقل تقدير من المحلات التجارية ، مما يجعل هذه المولات ملاذا للأسر كما وجدنا في الكثير منها حيث الزحمة والتسابق للشراء والانتظار في طوابير طويلة حتى يصلوا للكاشير لدفع الثمن.
ويرى الخبير الاقتصادي علي الوهباني أن المستوى الاقتصادي المتردي للأسر هو من دفعها للبحث عن التخفيضات في المولات وغيرها حيث يجدون ملابس بسعر 500 ريال أو 1000 ريال وهذا مناسب لهم في هذه الظروف.
الأحذية
للأحذية شأن جديد في السوق اليمنية فهناك تجد فئة 1000 ريال و500 ريال في الشوارع تباع بكميات كبيرة والسبب كما يقول تاجر الجملة تميم النوار بأن هناك معامل محلية كثيرة في العاصمة صنعاء تقوم بالإنتاج عقب توفير مكائن ومستلزمات تم استيرادها من الخارج مما أدى لانخفاض التكلفة نحو 50% ،كما دخلت السوق اليمينة مهارات وسلع من دول عدة كسوريا واثيوبيا وهؤلاء فتحوا معامل بالعاصمة وينتجون للسوق المحلية وفقا لما يناسبها من أسعار .
تحفظ
يتحفظ الاقتصاديون حيال جدوى التخفيضات ويرون أن التخفيضات التي تحدث في مواسم الأعياد أو نهاية العام لا تحمل جدوى اقتصادية في ظل تراجع مستوى الدخل للكثير من الأسر اليمنية في ظل الحرب والعدوان والحصار الاقتصادي على اليمنيين ويعتقدون أن الأسر اليمنية فقدت 50% من دخلها ويعنى بها الموظفون، أما العمالة الموسمية وعمالة القطاع الخاص فقد فقت أعمالها تماما دون أي تعويضات أو رعاية من الدولة وهنا الكارثة .
السيولة
يبقى الراتب هو سيد الموقف في كل هذه الإغراءات والتخفيضات فهو الميت الحي الذي يتطلع إليه الجميع فمن جهة لم يعد الموظف قادرا على احتساب الكيفية التي سيتم صرفه بها لأنه في الأساس يعلم علم اليقين انه لم يعد يكفي لتوفير احتياجات ثلث الشهر والثاني التجار الذين يحاولون اقتناص الفرص للحصول على ذلك الراتب ومع هذا وفي موسم عيد الأضحى للعام 2016م هناك موظفون لم يتمكنوا من الحصول على رواتبهم حين فقدت السيولة من البريد إثر أزمة السيولة التي تشهدها اليمن حاليا فلزموا بيوتهم ولم يتمكن أطفالهم من الحصول على ملابس لا ابو 500 ولا ابو 1000 ريال مما يعني أن شعارهم سيكون العيد عيد العافية.
تصوير/ عبدالله حويس

قد يعجبك ايضا