عيد الفَوَارِس
د. أحمد صالح النهمي
وفوارسٍ يستمطرون الرِّيحَ أُغْنِيَةً بِلونِ الرَّاحِ
يُنْشِدُهَا المكَارِبَةُ العِّظَامْ
ركِبُوا عِتاقَ الخَيْلِ ، يَقتدحُونَ لِلْسَّارِيْنَ مِنْ دَمِهَا رُؤَىً خُضْرَاً
وَملحمة تُصانُ بِها المحارمُ والذِّمامْ.
كُتَلاً من الفولاذِ، يَسْتَسْقونَ حادي الرَّكْبِ من (هَمْدانَ) قافيةً مبشرةً
ومن (عَطَّانَ) فلسفةَ التَّحدي والصِّمودْ.
وَإلى الحدود تَسَابَقُوا كَالجنِّ
يجترحونَ في الصَّحْرَاءِ مَلْحَمَةَ مزلزلة تجاوزتْ الحدودْ
مَرُّوا كراما من شِقُوقِ الوقتِ ، والتَحَمُوا بأخْيِلَةِ الجِدُودْ
مروا وهم يروون أسئلةً ستنقلها العناكبُ للعناكبِ
(يا خَمِيْسِ مِشَيْطِ)
هَلْ نقشَتْ مسوخ الحزم غَيْر الثَّأْرِ في دَمِنَا ؟
وهل رسمتْ على أبوابِ قَرْيَتِنَا سِوَى خِزْيٍ يُلاحِقُهُا وعَارْ؟
هَلْ أَوْرقتْ جُثَثُ العَوَاصِفِ ما أرادوا في حمانا من تلاشٍ وانكسارْ؟
هل أزهرتْ إلا بنادقُنا قصاصا وانْتصارْ؟
قلْ يا خميس مشيط:كيفَ تجاوزَ اليَزَنِيُّ قاعدةً مُحَصَّنَةً
وجاوزَ رقْمُهُ السِّرِّيُّ عاصفةَ العواصِفِ والرِّعودْ؟
***
ومضى الفَوَارِسُ، والرياح تَقصُّ رؤياها وأخبار السلاح.
إني رأيتُ الفارسَ العربيَّ، لا يدريْ بِما يجري
يُكَفْكِفُ حُزْنَ رَاحِلَتَيْهِ مَكْسُورَ الجَنَاحْ.
ذَهَبَ الذينَ أُحِبُّهُمْ وَبَقِيْتُ مِثْلَ السَّيْفِ فَرْدَا
ورأيت (تَلَّ أَبِيْب) تقتادُ البشيرَ
فَتُعْلِنُ (الخرطومُ) في (صنعاءَ) غَضْبَتِهَا
وتسكتُ شهرزادُ عن الحكايةِ والكلامِ الكُسْتِنَائِيِّ المُبَاحْ
ورأيت (قاهرةَ المُعِزِّ) تُنِيْخُ للْأَعْرَابِ في الصَّحراء صهوتَها؛
ليركبَها شيوخُ النَّفطِ ؛ فــ(السِيْسِيُّ) أفْتى لا جُنَاحَ عليكِ
إنَّ البَنْكَنُوتَ يُبِيْحُ هَزَّ الوَسْطِ لِلْمُضْطَرِ أَحْيَاناً
وَأَحْياناً يُسَامحُ في الموَاطَأَةِ السِّفَاحْ.
آنَ الأَوَانُ الآن يا همدانُ
صَوْنُ العِرْضِ معقودٌ على رَأْسِ الأَسِنَّةِ والرِّماح.
آنَ الأَوَانُ الآن
حِلْفُ قُرَيْش قد أمضى مؤامرةً بِجُنْحِ الليلِ
أن يَغتالَ سَيِّدةَ المدائنِ قبلَ أنْ تَصْحُو مآذنُها
وتغرقَ في لياليها المليحةْ.
آنَ الأوانُ الآن
يا أرضُ ابْلَعِي نُوْقَ الخليجِ، ويا خيولَ الله في سبأ الجريحةْ
شدي يمين الريح ، واخْتَطِفِي على عينِ العيونِ الزُّرْقِ
أرواحَ الدَّوابِ الجُرْبِ والحُمُرِ الكَسِيْحةْ.
إنَّ الدمَ اليمنيِّ
ألسنةٌ من النيرانِ تَغْلِي في جَوَانِحِنَا كَنِيْرانِ القِيَامَةْ.
إنَّ الدَّمَ اليَمَنِيِّ جرحٌ في الكرامةِ
والكرامةُ لا تُضَمِّدُها حقولُ النَّفْطِ قاطبةً إذا جُرِحَت
وهلْ يرضَى بِغَيْرِ الثَّأْرِ بركانِ المروءة والشهامة والكَرَامة