قراصنة وثعابين الصحراء.. ماذا يريدون من اليمن؟
عبدالوهاب الضوراني
فعلاً ماذا يريد قراصنة وثعابين الصحراء والرمال المتحركة من جارتهم اليمن، ومن شعبه المسالم والمقاوم والعظيم، وقياداته ولجانه الشعبية الصامدة والشجاعة، ومن أجوائه وبحاره وأنهاره وأشجاره وأحجاره، وقبل هذا وذاك وهو الأهم في الدلالة والمنحى من وحدته الوطنية الراسخة جذورها كالجبال الرواسي، وأكثر صموداً وصلابة في قلوب أبنائه وضمائرهم؟.
هذه التساؤلات وغيرها أصبحت تشغل وتراود الناس الآن كثيراً، كما تشغلهم بدورهم أيضاً، وتؤرق مضاجعهم، وكذلك حلفاءهم من المرتزقة والدواعش وعناصر الانفصال الذين يقبعون الآن تحت الإقامة الجبرية في المنفى، ويقتاتون على فضلات مواد أسيادهم أصحاب الجلالة وأحفاد السلاطين الذين يتواطأون معهم في شن العدوان الجائر والبغيض ضد اليمن وقتل أبنائه وأطفاله، وزعزعة أمنه واستقراره، وإعاقة نهضته التنموية، ومسيرته الديمقراطية، ونضال أبنائه الطويل حتى لا تقوم له بعدها قائمة، أو يستطيع يوماً الوقوف على قدميه.
هل يعتقدون مجرد اعتقاد أنه بوسعهم بأموالهم المدنسة، وقناطيرهم المقنطرة من الذهب والفضة، وحيازتهم لأسوأ أسلحة الدمار الشامل والمحرم دولياً، وبأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا العصر من الطائرات المتفوقة التي لا تتوقف عن انتهاك وتدنيس أجوائنا الإقليمية، وزرع الرعب والفزع بطلعاتها الاستفزازية المتكررة والمكثفة في قلوب السكان والآمنين من الأطفال والنساء بتلك الأساليب السخيفة والممقوتة، أنه بمقدورهم إجبار هذا الشعب الصامد والشامخة رؤوس أبنائه نحو عنان السماء على الاستسلام أو السمع والطاعة، وأن يكون يوماً تحت عباءتهم، وجزءاً من نطاق وصايتهم، وحوافر أقدامهم وأسلحتهم الملطخة بدماء الشهداء من الأطفال والنساء، وأن يستخلصوا الدرس والعبرة من التاريخ الذي يعيد نفسه الآن، عندما كانت اليمن على مر العصور، وتعاقب الحقب مقبرة للغزاة، والكثير من الحملات الصليبية المتعاقبة والتي تساقطت الواحدة تلو الأخرى على أعتاب جبالها العصية والعتيدة التي تفجرت حمماً وبراكين في وجوه الغزاة والمحتلين، لو فكروا مجرد تفكير أنه باستطاعتهم وبوسعهم ذلك فهم يحلمون وواهمون أيضاً، ونائمون في السابع نومة.
ويحضرني الآن المثل القائل: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت” وغيره من الأمثال والموشحات الكثيرة الأخرى التي أضحت الآن اعتيادية ويتشدق بها الناس كثيراً الآن أكثر من أي وقت آخر عندما قال أحدهم وهو يقهقه ويقلب شفتيه امتعاضاً ويحاول في نفس الوقت تعديل بندقيته المعلقة كالوسام فوق كتفه: “صحيح اللي اختشوا ماتوا” دولة فقيرة ونامية كاليمن تواجه بمفردها عشرات الدول وعلى رأسها أمريكا وإسرائيل أين العدل؟!.
ويضيف صاحبنا مستدركاً وأصداء تعليقاته وانتقاداته تتناهى إلى مسامع المارة حوله: “لا يوجد بيت إلا وقدم شهيداً من خيرة أبنائه، حتى الأطفال يطمحون بدورهم للاستشهاد يوماً في الجبهة وأرض المعركة، والقصف لا يستثني في طريقه أحداً إنساناً أو حيواناً، أخضراً أو يابساً حتى مؤسسات الدولة الخدمية استهدفها القصف أيضاً، وتعطلت الكثير من مصالح الناس الذين تقطعت بهم السبل، ويتضورون الآن جوعاً، وطبقاً لتقارير المراسلين وتحليلاتهم فإن المواجهة مع الطرف السعودي السباق في إشعال فتيل الحرب وحلفائه أصبحت الآن حتمية ومسألة حياة أو موت، وكما يقول المثل: “يا قاتل يا مقتول.. أنا وبعدي الطوفان” حتى لا يفقد هذا الطرف أو ذاك ما تبقى له من ماء الوجه وبقية من كرامة للاحتفاظ بشيء من استراتيجيته ومنظومته القتالية أمام العالم مما أدى إلى إفقاده جزءاً من توازنه، وإصابته بحالة من حالات التخبط والإرباك، الأمر الذي جعلهم يتصرفون في كثير من الأمور والقضايا بغير إرادتهم أو وعيهم، ويسرفون أيضاً بإفراط وبذخ للإنفاق على مجهودهم الحربي، مما أدى إلى إعلان العجز في ميزانيتهم الإنفاقية كمفارقة غير مسبوقة، وتدني مستوى إنتاجهم النفطي الذي شهد في الآونة الأخيرة حسب إحصائيات وتقارير منظمة النفط العالمية “أوبك” ركوداً وتراجعاً ملحوظين، مما أثر سلباً على مستوى استقرار أسعار النفط عالمياً، واستخدام عائداته للمقايضة لشراء الأسلحة، وجلب أكبر قدر من المرتزقة والمجندين الأفارقة والآسيويين من بلاك ووتر، ومنطقة القرن الأفريقي، والزج بهم وقوداً في أتون حرب الاستنزاف التي يخوضونها ضد جارتهم اليمن، وأشقائهم في العروبة، وفي العقيدة والإسلام والجوار أيضاً، لا سيما الطرف السعودي المعتدي والمتعنت الذي أصبح الآن يمد يديه للذي يسوى والذي ما يسواش لتكريس وتمويل هذا العدوان الذي بدأ يلفظ أنفاسه الأخيره، والمقضي عليه مسبقاً بالفشل والانكسار، والذي أصبح مداناً ومرفوضاً الآن أكثر من أي وقت آخر من قبل العالم ومنظمات حقوق الإنسان.
وفي مقال نشرته صحيفة “الجارديان” اللندنية مؤخراً للمحلل والمعلق السياسي الناشط في حقوق الإنسان فولتير ديمريل جاء فيه ما يلي: “لقد أثبتت التجارب ومحصلة تقارير المراسلين والخبراء الاستراتيجيين في الشؤون الإقليمية والعسكرية.
إن ما ارتكبته السعودية وحلفاؤها في المنطقة من انتهاكات ومجازر جماعية وحرب إبادة في اليمن يتنافى كلياً مع أبسط حقوق الإنسان، كما يعتبر أيضاً تدخلاً سافراً ومباشراً في شؤونه الداخلية، وهو الوضع المزري والكارثي في نفس الوقت الذي أدى إلى تعطيل الحياة العامة في اليمن، والذي ينذر مستقبلاً بوقوع كارثة حقيقية وإنسانية ستكتسح في طريقها الأخضر واليابس، عندما قامت السعودية بزج قواتها وجزءٍ من مليشيا حلفائها في صراعات إقليمية وأيديولوجية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة مما سيؤثر سلباً على أي جهود توافقية أو تصالحية لإعادة تطبيع العلاقات الثنائية مجدداً بين قيادات وشعوب هذه الدول مستقبلاً.
كما ارتكب الملك سلمان عاهل السعودية الجديد خطأً فادحاً أيضاً عندما تسرع بالإعلان الذي أدلى به وتناقلته الفضائيات والأقمار الصناعية بأن الحرب التي يخوضها ضد اليمن جاءت كحالة استثنائية لمواجهة التطرف واستئصال شأفة الإرهاب في اليمن، ومن أجل إعادة الشرعية النازحة في المنفى، بأن أمدها لن يطول لأكثر من أسبوع إلى أسبوعين على أكثر تقدير، وها هي الحرب تدخل اليوم عامها الأول والنصف من العام الثاني ولا تزال،،،،،، قائمة حتى الآن مما يعطي مؤشراً بأن الرهان الذي أعلنه خادم الحرمين الشريفين كان رهاناً طائشاً وخاسراً بكل المقاييس والمعدلات، وأنه لم يعد أمامه وأمام حلفائه خياراً آخر سوى الاعتراف والتسليم بشكل أو بآخر بالمأزق والورطة الكبيرة التي وجدوا أنفسهم فجأة فيها.
أليس هذا اعترافاً ضمنياً وقاطعاً بالفعل بالهزيمة والورطة الكبيرة التي وقع فيها حكام وأساطين السعودية والخليج بتدخلهم السافر والمشين في شؤون اليمن الداخلية، وأنهم دقوا آخر مسمار في نعوشهم؟!!.