ومهزلة التراجع ..
أحمد يحيى الديلمي
لا أُخفي أني والكثير من أبناء اليمن أشفقنا على أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون وهو يقول: لقد كان التراجع عن إدراج التحالف الذي تتزعمه السعودية على اليمن في قائمة العار ، واصفاً القرار الصعب والمؤلم على نفسه .
الباعث على الإشفاق أن الرجل بدى مكسور الجناح لا حول له ولا قوة . من جانب آخر أن إعلانه بنفسه عن إدراج قتلة الأطفال في القائمة السوداء كانت الحسنة الوحيدة التي ستحسب للرجل خلال سنوات تحمله إدارة الأمم المتحدة خاصة أنه يوشك على مغادرة المنظمة وتسليم المهمة لغيره، إلا أن الفرحة لم تتم ، فسرعان ما أحبطها المعلمي المندوب السعودي الذي عقد مؤتمرات صحفية متعاقبة معززاً بإرادة الهيمنة الأمريكية على المنظمة التي جعلت الرجل يتحدث بغرور وغطرسة ، غاص في المحذور ومرغ سمعة هذه المنظمة في الوحل .
كانت الخطيئة الوحيدة التي أزعجت أمريكا وعنفه عليها وزير الخارجية السعودي ، أنه عرض بدولة الكيان الصهيوني عندما أشار إلى أنها تنتهك حقوق الأطفال في فلسطين المحتلة والأمم المتحدة تتغاضى عنها ، لكنه أستدرك واعتبر ما جرى زلة لسان كفر عنها بزيارة مندوب الكيان الصهيوني للاعتذار وطلب التغاضي والتعهد بعدم تكرارها ، كون الظروف اقتضت الإشارة إليها لدغدغة عاطفة العرب والمسلمين.
أي مهزلة أكبر من هذه ؟!. إذا كان تراجع الأمين العام فضيحة تاريخية بكل المقاييس، فماذا نسمي تصرفات مندوب الدولة التي تدعي أنها حامية حمى الإسلام ، لا شك أنها مواقف مخزية مهينة تجعل غطرسة الرجل وهو يتحدث عن عزم بلاده قطع ما تقدمه من أموال لدعم أنشطة الأمم المتحدة فعل مبرر يعزز فرضية رعونة أركان النظام وغياب العقلانية في التعاطي مع القضايا الإنسانية طالما توفرت السيولة النقدية الهائلة وأنها كفيلة بشراء كل شيء حتى الضمائر والمشاعر في كل الأحوال، لم نعد في اليمن نستبعد أن يقدم النظام السعودي على أي فعل مشين بعد سلسلة الجرائم والمجازر البشعة .
ما يهمُنا هو موقف المنظمة الدولية والمجتمع الدولي بشكل عام إزاء أسوأ فضيحة إنسانية وأخلاقية في تاريخ الأمم المتحدة عكست حالة الترهل والضعف التي أصابت الأمم المتحدة وجعلتها تخضع للابتزاز والهيمنة القذرة والتضحية بكافة المبادئ والشعارات التي تتحدث عنها وهو ما يجعل المصداقية على المحك ومن ثم تجعلنا في حل من كافة القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ، فما في ذلك القرار (2216) فطالما أن المنظمة تراجعت عن بيانها المعلن خوفاً على خمسين مليون دولار ، فإن هذا يدلنا على ازدواجية المعايير وطغيان مفهوم المصلحة بمعانيه القاتلة على كافة القرارات خاصة أننا ندرك جميعاً خلفية الأجواء التي رافقت صدور قرارات المجلس بشأن اليمن ومقدار المبالغ المهولة التي دفعتها السعودية خاصة لبريطانيا التي تبنت القرارات إلى أن تم التصويت عليها.
وفي هذا دلالة واضحة على أن النظام السعودي أشترى ضمائر الدول بالمال وهو ما يفقد القرارات مضامينها بعد أن تحالفت سطوة القوة مع المال المدنس وجعلت النظام الدولي برمته عرضة للابتزاز والمنظمة الدولية مظلة للمقايضة وإباحة أجسام الأطفال والمتاجرة بدمائهم.
أليست قمة المهزلة ؟!! ورمضان كريم ..