تقرير/ حمدي دوبلة –
> ما تزال الحاجة طويلة المجهمي في انتظار عودة ولدها علي عامر الذي خرج ذات مساء قبل أكثر من ثماني سنوات في رحلة بحرية على قارب صيد مع عشرة من زملائه من سواحل الحديدة ولكنه لم يعد ابدا حتى اليوم.
تقول هذه السيدة المفجوعة والتي تعيش في عقدها السابع من العمر بأنها لم تفقد الأمل يوما في عودة ولدها الصياد فهناك أنباء متضاربة تصل إلى اسماعها بين حين وآخر عن وجود ولدها ورفقائه الصيادين في معتقل ما في اريتريا أو في السودان أو وأية بلد من دول الجوار البحري.
وتضيف المجهمي وهي من أبناء قرية المصيبر بمديرية حيس على بعد 150 كيلو مترا تقريبا جنوب مدينة الحديدة بأنها كانت تعد لحفل زفاف علي ولكنه أصر على القيام برحلة بحرية أخيرة لتوفير تكاليف الزفاف وأيام شهر السعل المنتظرة ليخرج في هذه الرحلة الطويلة التي لم تكتب نهايتها حتى اليوم.
قصة السيدة طويلة مع ولدها الغائب ليست سوى واحدة من عشرات القصص الإنسانية المأساوية التي يعيشها الصيادون وترويها ألسنتهم في أماكن تجمعاتهم على طول الساحل الغربي لليمن فكم من أسرة خرج عائلها إلى عرض البحر ولم يعد أبدا أما بفعل الأعاصير العاتية أو بفعل سياط الجلادين الذين ينتظرون هؤلاء المساكين وسط بحر من الحرمان والالام المتفاقمة ومنهم من يعتقل لدى سلطات البحرية الاريترية ليلاقي هناك كل أشكال الاهانة والاذلال.
ويشير تقرير برلماني حديث إلى وجود أكثر من 396 صيادا يمنيا لا يزالون يقبعون في المعتقلات الاريترية ويتعرضون هناك لأقسى أنواع التعذيب والاشغال الشاقة.
ويؤكد هذا التقرير الذي أعدته لجنة الزراعة والري والثروة السمكية بأن الجهات المختصة اليمنية لم تقم بواجباتها إزاء ما يتعرضون له من انتهاكات والعمل على متابعة أوضاعهم والافراج عنهم.
كما بين التقرير البرلماني الذي ناقشه مجلس النواب في جلسته الأخيرة قبل أن يختتم جلسات أعمال فترته الحالية بأن هناك ما يزيد عن 860 قارب صيد يمنيا لا يزال بأيدي السلطات الاريترية التي تواصل مسلسل اعتداءاتها على الصيادين في اعماق المياه الاقليمية اليمنية إلى جانب وجود صيادين محتجزين في عدد من دول الجوار البحري أمثال السعودية والسودان وسلطنة عمان وآخرين مفقودين لا يعلم أحد عنهم شيئا.
ويقول فتيني حيدر زهير بأن شقيقه طارق فقد أثره في رحلة بحرية منذ عامين ولم يعلم أحد عنه شيئا سوى أنباء غير مؤكدة عن وجوده في سجن اريتري.
ويضيف حيدر بأن كثيرا من الصيادين المحتجزين في اريتريا يتم نقلهم إلى معتقلات سرية ويرجح أن يكون شقيقه ذو العشرين عاما من هؤلاء.
البرلمان وعقب مناقشته لهذا التقرير وجه اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء بمتابعة الصيادين المحتجزين في الدول المجاورة والاسراع باتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة أوضاع الصيادين المحتجزين والافراج عنهم وتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم جراء ذلك واتخاذ الاجراءات الكفيلة بمنع حدوث ذلك مستقبلا وكذا إلزام وزارة الثروة السمكية بمعالجة أوضاع الصيادين الذين تعرضت قواربهم ومعداتهم للتلف نتيجة جرف السفن التجارية لها وتعويضهم التعويض العادل.
هذه القرارات أثارت شيئا من الارتياح في أوساط الصيادين غير أن ترجمتها على الواقع هو الأمل الكبير الذي لا يزال يداعب أماني أبناء هذه المهنة الشاقة والخطيرة فهل نسمع عن من يضع حدا لمعاناة طال امدها أم ذلك مؤجل حتى اشعار آخر يستمر مسلسل الحرمان في البر والبحر¿!