الثورة نت /..
على ما يبدو أن موسيقى بيتهوفن كانت تمس شغاف القلب لأنها كانت نابعة من القلب ومحسوسة بالمعنى الحرفي، فربما تأثرت موسيقاه بعدم انتظام ضربات قلبه؛ فاتَّبع بعضُ أعماله الرائعة ضربات قلبه! فقد قام فريق من العلماء يضم أخصائيًّا في أمراض القلب، ومؤرخًا موسيقيًّا، وخبيرًا موسيقيًّا بجامعتي ميشيجان وواشنطن — بتحليل العديد من مقطوعاته الموسيقية لتتبع نمط معين يفيد أنه كان يعاني من مرض في القلب كما خمَّن البعض. ويقول الباحثون إن إيقاع أجزاء معينة من الأعمال الشهيرة ربما يعكس الإيقاعات غير المنتظمة لضربات قلب بيتهوفن الناتجة عن «الاضطراب النظمي للقلب» أو مرض عدم انتظام ضربات القلب؛ إذ يقول الباحثون إنه عندما لا يَخفق القلب بانتظام بسبب أمراض القلب، فإنه يَخفق وفقًا لأنماط يمكن التنبؤ بها؛ حيث يَخفق بسرعة كبيرة أو ببطء شديد أو على نحو غير منتظم، ويمكن سماع هذه الأنماط نفسها في موسيقى بيتهوفن؛ حيث تحدث تغيرات مفاجئة وغير متوقعة في السرعة، والمفاتيح تتطابق مع الأنماط غير المتَّسِقة لضربات القلب. فعلى سبيل المثال في الحركة الأخيرة من رباعية الوتريات في المقطوعة ١٣٠ — تلك المقطوعة المفعمة بالمشاعر حتى قيل إنها كانت تجعل بيتهوفن يبكي — يتحول فجأة من الدرجة الموسيقية الخفيضة «سي» إلى الدرجة الموسيقية الخفيضة «دو»، فيثير الإيقاع الناتج غير المتزن ضيق النَّفَس؛ وهو الأمر الذي يرتبط بالاضطراب النظمي للقلب. ويقول الباحثون إن التعاون بين العقل والجسم يشكل كيفية شعورنا بالعالم، ويظهر هذا بوضوح في عالم الفنون والموسيقى الذي يعكس الكثير من التجارب الداخلية للأفراد. يُذكر أنه كان يُنسب لبيتهوفن الإصابة بالعديد من الأمراض، مثل: مرض الكبد، والتهاب الأمعاء، وداء باجيت الذي يؤدي إلى دمار العظام، وإدمان الخمر، لكن أبرزها الصمم؛ تلك العلة التي كان نقصها سبب قوة باقي الحواس وحساسية بيتهوفن المرهفة، والتي جعلته أكثر وعيًا بضربات قلبه. لكن لا يمكن إثبات إصابته بهذه الأمراض نظرًا لعدم توافر الفحوصات الطبية الموجودة اليوم في القرن الثامن عشر؛ ومن ثَمَّ يمكن اعتبار أعماله الموسيقية وسيلة الفحص الطبي. لكن من المعروف أن متلازمة عدم انتظام ضربات القلب ترتبط بالكثير من الأمراض؛ مما يجعل هذه الدراسة تبدو منطقية.
المصدر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة