نكبة تجر أخرى..!

عباس غالب
ربما كانت أهم مأساة يختزلها هذا العنوان نكبة فلسطين عام 1948م ..وثمة هزائم أخرى تتعرض لها الأمة ولاتزال ــ تعيشها ــ في هذا المشهد الدراماتيكي الذي يصعب فهم أبعاده المدمرة على وحدة وتماسك الإنسان والجغرافيا في منطقة تحتل موقعاً استراتيجياً تتنازع عليها الأطماع والمؤامرات من كل حدب وصوب وذلك ــ كما يبدو ــ لاستحضار عهد جديد بين هذه الدول لشرذمة و اقتسام منطقة الشرق الأوسط كما ذهبت إلى ذلك اتفاقية سايكس ــ بيكو قبل قرن من الزمن.
ولأنني لست في معرض الحديث عن استعادة تاريخ الحروب والمؤامرات المتتالية التي حيدت شعوب المنطقة العربية لردح طويل من الزمن عن معركة الاستقرار والتقدم والرقي غير إنني أشير إلى مسؤولية النخب الحاكمة وقوى المعارضة على حد سواء في التورط -بفهم أو بغير فهم- في تنفيذ هذا المخطط الذي لم يعد يستهدف استلاب الموارد الاقتصادية للأمة وإنما بات يشكل خطراً حقيقياً على ما تبقى من تماسكها الثقافي والقومي والديني، خاصة وقد بات الجميع يلعب على طاولة هذه المؤامرة التي تجر نكبة تلو أخرى!
و لا بأس هنا إن أتوقف قليلاً عند الحالة الوطنية باعتبارها اختزالاً للأنموذج المشابه في العراق وسوريه وليبيا وغيرها، سواء من حيث تفاصيل ما يحدث داخلها من احتراب مدمر أو ما يرتبط بالتدخل الخارجي العدائي والمباشر تماما ً كما هي الحالة اليمنية التي تخضع لنفس السيناريو في دأب هذه القوى على تجزئته وتفتيت نسيجه الاجتماعي.
ولأن الشئ بالشئ يذكر فإن أحد عوامل هذا التشابه ما يجري في عدن الحبيبة من اجراءات عنصرية وشوفينية مستهجنة ومدانة تستهدف -في الأساس- المضي في ترجمة احدى تجليات سياسة الفوضى الخلاقة التي بشرنا بها العم سام الأمريكي قبل عقود من الآن في محاولة الاحتراب الأهلي الذي يعمل الخارج على تأجيجه بصورة واضحة بهدف استكمال ملامح هذا المشروع.
ولست أرغب في التوقف كثيراً عند فضاضة هذه التصرفات الغوغائية، لكنني أعتقد جازماً أننا قد وقعنا ــ شئنا أم أبيناــ في شرك هذه المؤامرة الكبرى على اليمن كما هو حال المنطقة العربية برمتها !\
وماذا بعد! في الواقع لا أجد وصفة سحرية لإيقاف هذا النزوع الهستيري لتدمير كل جميل في حياتنا العربية واليمنية خاصة، لكنني وغيري من البسطاء يعلقون الآمال العراض على النخب في الحفاظ على ما تبقى من الحكمة اليمانية التي عرف بها اليمنيون وتغليب منطق العقل الذي يضرب جذوره في أعماق التاريخ ، بل لعل البشارة الأولى في التقاط مبادرة إنقاذ الوطن فيما يعتمل داخل أروقة قصر “بيان” الكويتي من حيث الحرص على إيجاد صيغة للتفاهم الوطني يقلل من حدة الاستقطاب والتدخل الخارجي ويعمل على ايقاف العبث في الداخل.. لعل وعسى أن تفرمل الحكمة اليمانية هذا التدهور المريع نحو خطوط تماس الحرب بكل تداعياتها..
وبالمختصر المفيد يبدو أن ملامح النكبة الجديدة التي تستهدف الأمة قد بدأت ملامحها تتبلور فيما تشهده اليوم من حروب بالوكالة تشمل أعمدة الحضارة العربية والإسلامية في العراق سوريا واليمن.

قد يعجبك ايضا