عبدالوهاب محمد شمهان
■ كلما فضل المرء الصمت والمكوث بين زوايا النسيان بعيدا عن تناول قضايا السياحة وهمومها والمشاكل والصعوبات العالقة أمامها الظاهرة في أنقاض المدن والمواقع والمنشآت السياحية التي أصابها الضرر وأوقف حركتها ونشاطها المعتاد في الوضع الطبيعى ، إضافة إلى ما يجري في كواليس السياسة من حوار علق الجميع عليه الآمال للخروج من ميادين العدوان والحرب والصراع المفروض لإذلال اليمانيين بضرب بعضهم بعضا ، وبغي عدو يريد اجتثاثهم من أرضهم ووضعهم تحت الوصاية والاحتلال باسم إعادة الشرعية الى جانب حصار تتضاعف قواته كلما تقاربت المملكة وجمهورية مصر لتخلق معادلة جديدة من الضغط ومحاولة فرض الاستسلام وليس السلام إلا أن الصراع بين قوى العدوان على مناطق النفوذ نزع الغطاء عن الأطماع الأمريكية بدخولها المعركة البرية باحتلال العند وبئر علي والمكلا وبهذه الأعمال العدوانية العسكرية تزيد حدة الأضرار بالسياحة والتراث ومحاولة ردم التاريخ والحضارة اليمنية القديمة وهدم كل معلم إسلامي مما يفرض واقعا مأزوما رغما عن أنوفنا يجبرنا على المشاركة في البحث في الزوايا والأركان عن متنفس أو بصيص من ضوء وأمل نتعلق فيه ونحاول صنع مساحة خضراء لأنفسنا ومن حولنا ولمن يشاركنا حب الوطن والأرض الطيبة أرض الجنتين اليمن السعيد التي فتكنا بها بعنف ورعونة لم يكن يتصورها أحد من العالمين، حتى الملائكة لا يتوقعون أن نصنع في أنفسنا وبلادنا ماصنعناه من تنكر للدين ولكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وتمادٍ لما شرع لنا بما ارتكبناه من سفك للدماء وقتل للأبرياء وعون للأعداء ، وها نحن على طاولة المفاوضات وعيون المجتمع اليماني تراقب بقلق بالغ وبأمل ما تتناوله تلك الطاولة، ترصد أخبارها وتقرأ وقائعها ترجوا التقارب وتتمنى الفرج من الله في جمع الشمل ووقف العدوان الدموي المأجور وإنعاش الإحساس بالمسؤولية والارتباط بالأرض والأهل ، لكن صناعة الألم صارت عربية وأصبح بعض من جلدتنا أدوات لمن يرغبون في قهر اليمن ، كما أصبحت المنفعة والشعور بالاستعلاء واستغلال مواقف الدعم والقوة وسائل الأحزاب والأفراد وسلوكا للوصول إلى السلطة ، في منهج يمتلك زمام الأمر فيه طرف بعيداً عن الرعب وأزيز الرصاص ودوي الانفجارات لايتصاعد منه إلا حرارة الرغبة في استمرار العدوان بغباء الأنا وتتوالد الحشود العسكرية ويكثف الزحف بدون اكتراث لنتائجه وينطلق صوت التهديد في تحليق الطائرات واشتعال قذائف بوارج التحالف لإضافة المزيد من جرائم الحرب والحصار بعروبة صماء وأيد تلطخ بالدماء في كل دقيقة وساعة ، أيد لا تحمل الود ولا السلام بقدر ما ترسل مواكب متوالية في عددها وعدتها وعتادها دافعة بجندها ومرتزقتها صوب كل منفذ وجبهة وموقع مؤكدة سعيها للغرق في بحر من الدماء غير آبهة بالهزيمة مصرة على الإبادة المتواصلة لأمة لم تبال بالحشود ولم يرعبها الجمع المستمر ، أمة تحمل في يد السلاح وفي اليد الاخرى غصن الزيتون الذي ينزع من يدها مرارا ويقذف إلى فوهة بركان من الحقد المشتعل لكن عزمها يمنحها القوة على التمسك بغصن الزيتون ، وهذا مايحدث في الكويت أمام المجتمع الدولي المكتفي بالمتابعة والرصد واحتلال الشواطئ بحجة محاربة الارهاب الذي انسحب من مناطق الانزال الامريكي تحت حماية جوية امريكية ، ونبقى نحن في الداخل المحاصرون مع وجع الجراح وآلامه نفتش بين الركام عن عنوان السياحة ولوحات المنشآت المنهارة بين فندق ومطعم وبوفية وبقالة ومخبز وموقف سيارات وطريق ممتد وجسر رابط بين ضفتين ، جميعها مزجتها وخلطتها الغارات فلانجد إلا الأشلاء والدماء متناثرة على حبات التمر والتفاح والبرتقال واليوسفي والمانجة والتين وأصابع الموز المغطاة بالأتربة وقد دفن الكثير منها تحت الأنقاض في مدن صارت خاوية حتى من الأشباح لايسمع فيها إلا صفير الرياح وقطرات الغيث الهاطل من السماء ليغسل رداء الأرض المتسخ من عبث الإنسان وجبروته وطغيانه ، أرض تحاول أن تصرخ هنا كانت السياحة حركة ونشاط وإعمار لكن التحالف العربي تمرس على الدمار حتى الفجور ، والمنتفعون يجمعون الدينار والريال والدرهم والدولار ، يستمتعون بموائد مغموسة بدماء الأطفال والنساء ، وهم يشاهدون دمار الأرض والحياة عبر قنواتهم ولا يأبهون ، فهم يقبضون الثمن في الساعة الواحدة ستون مرة وتفتح لهم خزائن الأمراء والملوك وتستقبلهم البلدان ومع النشوة يعلنون الدعوة باستمرار العاصفة واستمرار التحرير. ، إنه الإصرار على صناعة الموت وفي هذا الظلام الموحش تتنوع وحشية التحالف ، ويستمر الأمل وتستمر الحياة ويستمر الصامدون يتطلعون إلى الانتصار والسلام ، وتبقى السياحة جسدا ينبض بالحياة رغم الدمار والقصف والخسائر الفادحة ، وعيون العالم ترصد وتحسب آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى نساء وأطفالاً وشيوخاً وشباباً تفخر بالرصد وتقصي الأعداد المنشورة في القنوات والإذاعات الناطقة بالعربية واللغات الأجنبية ، إنها معركة الإبادة العربية بدعم غربي وصمت شرقي وتمويل نفطي وتباهٍ في قصور الملوك والأمراء وقادة الجيوش وأركان التحالف بتراكم الجماجم والجثث والأشلاء اليمانية منكرة أحاديث الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما خص فيها اليمن واليمانيون ، حتى دور الإفتاء رفعت الراية الحمراء ومزقة الراية البيضاء ومنعت دعوة السلام. فلك الله ياوطني ولك الله يا أمة العرب والإسلام يايمن يا أصل العروبة والانسان، وتبقى السياحة جسدا بين الركام تنتظر زراعة المساحات الخضراء والزهور وسموا القلوب مع النصر وبزوغ الفجر وإشراق صبح جديد تتكاتف فيه الأيدي لبناء يمن السلام والعزة والمجد.