ارتفاع الأسعار.. يغتال فرحة قدومك يا رمضان

حنان الصرابي
آهات وجع ومعاناة تمزق الأفئدة…أنين جوع يدمي القلوب… أجساد نحيلة… بطون خاوية… وجوه بائسة… عيون غريقة في سيل دموعٍ تشتكي لهيب الفقر والحاجة… تنهيدة تلو أخرى تحاول زحزحة ما جثم على الصدر من هموم ومتاعب وضنك في العيش….الوضع أصعب من أن تصفه كلماتي وأحرفي…لكنهم حتماً يقاسون أشد ويلات العذاب النفسي والجسدي من جوع ومرض… ذاك هو حال المئات بل الآلاف أو بالأصح الملايين من أبناء هذه الأرض الحبيبة، حال أولئك الذين يبحثون عن لقمة عيش كريمة تسد رمقهم وأسرهم في ظل كل هذا الارتفاع الجنوني في أسعار السلع خاصة الغذائية والتموينية ، وفي المقابل انخفاض أو حتى انعدام –ولا أبالغ في ذلك- الرواتب ومصادر دخل الأسرة.
قصص ومواقف مؤلمة نلمسها من حياة البسطاء اغتالت الفرحة والبهجة من حياتهم حتى فرحة قدوم أعظم الشهور(شهر رمضان المبارك) لم تجد لها طريقاً إلى قلوبهم فغلب عليها الحزن والهم وصار الناس يبحثون عن إجابة سؤال كثير ما نسمعه يتكرر من أفواههم….أما من رحمة في قلوب البشر، إلى متى والأسعار في ارتفاع فالأسعار فاقت قدرات الناس على مواجهتها أو حتى التكيف معها فما من حيلة لديهم لمواكبتها فالرواتب لا تغطي حتى ما بنسبته 30 أو % 40 من احتياجاتهم الضرورية والريال في تدهور مستمر، أياً كانت أسباب ذاك الارتفاع فالمواطن البسيط لا يهتم بالأسباب بقدر ما يهتم بالنتائج وما أمر وأصعب تلك النتائج عليه، فالبعض يرجع أسبابه للحرب والصراعات، أو لجشع التجار وطمعهم والبعض يرجعها لارتفاع سعر الدولار وتدهور الريال أمامه أو لغياب الدور الرقابي على التجار والأسواق.. فأين الحلول لأي سبب كان ، أين الإحساس بالمواطن البسيط الذي يموت من جوعه ولا أحد يحرك ساكناً ؟!!!
ولنا أن نضرب هنا مثالاً على حياة غالبية الموظفين فربما تتضح من خلاله الصورة أكثر، الكل يعلم أن رواتب غالبية الموظفين تتراوح ما بين 20 إلى 50 ألف ريال والسؤال هنا كيف له أن يعيش ويوفر كل احتياجات أسرته طيلة الشهر في ظل ارتفاع الأسعار إلى الضعف في غالبية السلع، هذا بالإضافة إلى المصاريف الخاصة بالمدارس والملابس والإيجارات والعلاجات و و و إلى جانب قوت يومه الذي يتطلب ما يزيد عن 3000 ريال كحد أدنى!! ولنا أن نتخيل حجم الفجوة بين الدخل والاحتياجات الضرورية للأسرة ..وما السبيل لتقليص تلك الفجوة؟!
هنا ما من سبيل أمام الأسرة إلا التخلي عن النصف وأحياناً أكثر من النصف من احتياجاتها الضرورية وأنا هنا أخص (الضرورية) أما الثانوية فقد نسيها الناس وأدرجوا ضمن قائمتها أشياء كثيرة قد تكون ضرورية للتغذية السليمة لكن غلاء أسعارها حال بينهم وبين شرائها فتم استثناؤها كاللحوم والفواكه وبعض أنواع الخضار فهي غائبة تماماً عن موائدهم ولا وجود لها.
فارتفاع الأسعار أصبح يلتهم الرواتب في أول 4أو 5 أيام من الشهر أما بقية الشهر فربما يلجأ رب الأسرة للاستدانة.
تلك معاناة من يستلمون رواتب فكيف هي معاناة من يعملون باليومية أو العاطلين عن العمل الذين لا يملكون أي مصدر دخل يعتمدون عليه وللأسف ما أكثر هذه الفئة في يمننا الحبيب فنسبة البطالة فاقت كل التوقعات خاصة في السنوات الأخيرة فكم من الناس انقطعت أرزاقهم وتوقفت رواتبهم بسبب هذه الحرب الظالمة ، كم من أرباب أسر عجزوا عن إعالة أسرهم وتوفير احتياجاتهم الضرورية والأساسية كالدقيق والأرز والسكر وغيرها، هذه الفئة تعيش حياة دون الصفر حياة لا حروف ولا كلمات تصف مرارتها وقسوتها فكم من أناس وجدناهم مغمى عليهم في الشوارع والطرقات من شدة الجوع، أيام مرت عليهم لم يأكلوا فيها شيئاً !! كم من أسر –أنا شخصياً – تأكدت بخلو منازلهم من أي طعام يقتاتونه حتى من حبة قمح !! كم من أسر تعيش على وجبة واحدة طوال اليوم وليتها وجبة تغنيهم عن اختفاء باقي الوجبات لا والله إنها خبز ولبن أو خبز وشاي ،والحال أشد عند أسر أخرى يمر عليها اليوم واليومين لا تجد حتى كسرة الخبز.
الغلاء الجنوني في الأسعار دفع الكثير من الناس لاقتناء السلع والمواد الغذائية المعروضة على الأرصفة والطرقات لوجود فارق بسيط في السعر بينها وبين تلك الموجودة في المحلات وهي للأسف في كثير من الأحيان تكون سلعاً منتهية الصلاحية أو أنها قد فسدت بسبب تعرضها للشمس ولم تعد صالحة للاستخدام الآدمي.
وهذا هو حال الناس في الأيام العادية فكيف به مع قدوم شهر رمضان المبارك ، جميعنا نتفق أنه شهر عبادة وصيام وهذا غذاء الروح، لكن لا ننسى الجسد وغذائه حتى يقوى على العبادة فالناس وخاصة الأطفال يشتهون فيه أصناف كثيرة من الطعام والحلويات ويرغبون في وجودها على موائد الإفطار أو السحور لكن ما من حيلة لاقتناء ما يشتهون فموجة الغلاء في تزايد وارتفاع الأسعار لا يرحم فقرهم وقلة دخلهم فأظن أن أغلب الأسر ستكتفي في إفطارها بالتمر – إن وجد – فهو أيضا لم يسلم من موجة الغلاء وإلا فشربة ماء كافية.
وأعتقد أن الوضع سيزداد سوءاً وتدهوراً وستتفاقم معاناة الناس خاصة ونحن موعودون بارتفاع أسعار ربما يكون الأكبر والقاتل للشعب اليمني ذلك بسبب ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوياته حيث تجاوز سعر الصرف للدولار ما يزيد عن 300 ريال يمني ..ربما تنتظرنا المجاعات أو الموت الجماعي للفقراء!
رسالة أوجهها للمسؤولين كلاً في منصبة وظيفته اتقوا الله في هذا الشعب مارسوا دوركم بكل أمانة وإخلاص راقبوا الأسواق، امنعوا الاحتكار، عاقبوا المتلاعبين بالأسعار وبأرواح الناس تذكروا أنكم ستقفون بين يدي الجبار رسالة أخرى أوجهها إلى التجار وأصحاب رؤوس الأموال (القناعة كنز لا يفنى ) ارضوا بالربح القليل فحال الناس لا يحتمل مزيداً من الاحتكار والطمع والجشع.
ورسالة أخيرة أختم بها مقالي أوجهها إلى كافة أبناء الشعب أحيوا الإسلام وتعاليمه وأخلاقه فيما بينكم ، تكاتفوا ، أدوا حقوق الجار ، جودا بما منَّ الله به عليكم من رزق، نحن مقبلون على شهر كريم تتضاعف فيه الحسنات لا تنسوا فيه أقاربكم ،جيرانكم ، وكل من هو بحاجة لعطائكم.

قد يعجبك ايضا