النظام السعودي ومأزقه في اليمن
مروان حليصي
يلهث النظام السعودي وهو يعيش حالة من الجنون المستعصي ، لا يقل حالاً عن جنون البقر أو أشد، يلهث وبكل قوة بحثاً عن أوراق بيده تحققها مجاميع المرتزقة من زحوفاتهم الكبيرة والمتعددة على أكثر من جبهة تعزز موقفه وتفرض إملاءاته وشروطه على القوى الوطنية في استهتار وخرق واضح لاتفاقية تثبيت وقف إطلاق النار بإشراف أممي، وذلك في ظل المشاورات الجارية في الكويت التي كشفت عورة حقيقة حربه وعمق حقده وزيف ادعائه ومرتزقته عن دواعي عدوانه الذي حشد إليه العالم برمته لقتلنا وتدمير ممتلكاتنا العامة والخاصة التي كنا نراها أيقونة نحتفل بها كل عام، وذلك بعد مرور عام ونيف مذ بدء عدوانه على الشعب اليمني دون تحقيق أي نتائج تذكر .
وبالتزامن مع اتساع دائرة الانتقادات التي يتعرض لها النظام السعودي جراء انتهاكاته لحقوق الإنسان في اليمن وارتكابه لجرائم ضد الإنسانية وتجاوز الخطوط الحُمر في الحروب باستهدافه للمدنيين والمستشفيات والأسواق بشكل متكرر ومساكن المواطنين وبقية الأهداف المدنية ، على الرغم من كون كثير من دول المجتمع الدولي مازالت تغض الطرف عن جرائمه ، ومازالت تجعل من عدوانه وكأنه مشروع طمعاً في الأموال التي تتدفق إليها تباعاً عبر صفقات تسليح ضخمة تجاوزت أكثر من أربعة وعشرين مليار دولار خلال العام الماضي ، بينما ميزانية اليمن للعام 2014 بلغت 14مليار دولار، وطبقاً لديفيد مكيبي، المتحدث باسم مكتب وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية والعسكرية، الذي قال إن مجمل مشتريات دول مجلس التعاون الخليجي الـ 6 من السلاح الأمريكي وصل إلى 33 مليار دولار خلال الأشهر الـ 11 الماضية من العام الماضي.
ومع ازدياد حدة الاتهامات لتحالف العدوان بقياده النظام السعودي بارتكابه جرائم حرب واستخدام الاسلحه المحرمة لضرب المدنيين من قبل المنظمات الدولية ومنها هيومان رايش وواتش ومنظمة العفو الدولية ، وكذلك تقرير لجنة الخبراء بالامم المتحدة الذي اتهمت فيه السعودية بارتكاب جرائم، إضافه إلى القرار الهام لبرلمان الاتحاد الاوروبي الذي دعا حكومات بلاده إلى فرض منع تصدير السلاح للسعوديه لإستخدامها ضد المدنيين في اليمن ، والذي بدوره وسع من دائرة الضغوطات التي تعرضت لها بعض حكومات دول الاتحاد، ومنها حكومة بريطانيا ورئيسها كاميرون الذي اتهمه برلمان بلاده بالتواطؤ جراء بيعه الأسلحه للسعودية ، وذلك في ظل ارتفاع وتيرة التقارير ضد السعودية وسياستها في قمع الحقوق والحريات ضد مواطنيها والوافدين إليها، علاوة على سجلها الملي بانتهاكات حقوق الانسان ضد شريحة واسعة من مواطنيها وتحديداً الطائفه الشيعية من قبل العديد من المنظمات والهيئات الدولية.
وغير ذلك من العوامل التي ساعدت في ايصال النظام السعودي الى شعوره ببعض العزلة من قبل حلفائه، وأوصلت لديه قناعة بأن حلفاءه الذين دعموه في البداية اصبحوا يتخلون عنه تاركين إياه يواجه نتائج أزماته وحروبه العسكرية أو السياسية التي خلقها وأشعل شرارتها أو صب مزيدآ من الزيت على نارها في المنطقه بداية من ليبيا سوريا واليمن وإيران ، ولعل اتهام اوباما للسعوديه بدعم الارهاب كانت أولى علامات ذلك، إضافة إلى أن فاتوره الحرب الباهظة التي قد تصل الى زهاء 200 مليار دولار حسب بعض التقديرات، التي لن يجني منها شيئاً سوى أنه سيكون مطالباً ليس بأقلها كتعويضات للشعب اليمني.
وغيرها من العوامل التي جعلت من النظام السعودي يجهد نفسه أكثر من طاقته ويستنفر كل إمكانياته المالية والإعلامية، ويوظف كل قدرات مرتزقته لتحقيق بعض الانجازات تحفظ له ماء الوجه على الأقل في الوقت الضائع كما هو حاصل اليوم، وذلك بعد مرور عام ونيف من عمر عدوانه الذي لم يحقق من اهدافه شيئاً ، سوى انه فاقم من معاناه المواطنين جراء غاراته التي لم تستثن احداً ، وذلك تزامنا مع الحصار الخانق الذي فرضه على الشعب اليمني منذ بدء العدوان، وبالتالي يحاول بنو سعود البحث عن وسيلة تعيد الى نظامهم جزءاً من كرامتة المهدوره تحت أقدام الحفاة من رجال الله الذين نكلوا بجيش الكبسة أشد تنكيل.
ولكن لم يكن لهم ذلك ولم يحققوا ولو ظل انتصار حقيقي يعيد لهم جزءاً من كرامتهم المهدوره، لاسيما وأن الطرف الاخر ليس ضمن قواميس أبنائه مفردة الاستسلام أو الركوع ،ولم يعد لديهم ما يخسروه سوى وطنهم بعد أن دمر العدوان كل شيء ، الذي حتماً سيدافعون عنه جيلاً بعد الآخر.