الفروسية .. نجاح داخلي وانجاز خارجي .. رغم الحرب والحصار

الثورة/ عبده مسعد

كنت ومازلت قريباً من رياضة الفروسية ونشاطاتها وبطولاتها ومشاركاتها منذ أن جاء الاتحاد الحالي في العام 2006م  وشدتني الفروسية أكثر وأنا أحضر منافساتها وأقوم بتغطية منافساتها وبطولاتها خلال السنوات الماضية التي حملت مفاجآت عديدة لرياضة كانت شبه منتهية ومنسية تماماً بالرغم أنها رياضة الآباء والأجداد وارتبط ظهورها الأول في بلادنا التي تعتبر المنبع الأول للخيل العربي الأصيل، ورغم أني حضرت وشاهدت كثيراً من البطولات وأعرف كثيرًا من تفاصيل اللعبة وقوانينها إلا أنني ومع حضوري مع منتخب الفروسية لأول مرة في مشاركة خارجية بحجم بطولة كأس العالم وجدت أن الفروسية اليمنية أصبح لها مكانة مميزة وحضورا قويا مما يجعلنا أكثر فخرا واعتزازا بالمنتخب وبالفروسية كرياضة استطاعت خلال عدة سنوات أن تحقق النجاح داخلياً بالبطولات المستمرة التي تعددت في العاب كثيرة في قفز الحواجز بمنافسات مختلفة ومتنوعة بقوانينها جعلت لقفز الحواجز متعة خاصة رغم وجود عنصر التحدي المرتبط بمخاطر عدة  وكذا في منافسات التقاط الأوتاد التي كانت تمارس في سنوات ماضية كلعبة استعراضية وأصبحت لعبة تنافسية محلياً وعربياً ودولياً وأصبح لبلادنا فيها صولة وجولة ونجاحات عدة.

وحقا شعرت بالفخر عند تواجدي في منافسات بطولة كأس العالم لالتقاط الأوتاد التي حضر فيها أقوى وأبرز منتخبات العالم التي تمكنت من الوصول إلى النهائيات بجدارة عن طريق التصفيات التأهيلية التي أقيمت في جنوب افريقيا والأمارات والسودان وشهدت منافسات قوية ومثيرة من أجل الوصول إلى كأس العالم ليكون التنافس الأقوى بمشاركة 11 منتخبا هم أفضل منتخبات العالم في فروسية التقاط الأوتاد، وما أعظمه من فخر حين يكون منتخب بلادك مشاركا في أهم بطولة يتم تصنيفها بالأعلى كونها بطولة العالم ولا يصل إليها إلا من هو أفضل ويستحق المشاركة فيها بما حققه من نجاح وبما حصده من نقاط وميداليات أهلته لأن يكون متواجداً في المونديال العالمي كما هو حال منتخبنا الذي تأهل وتواجد في بطولة العالم مرتين على التوالي في العام 2014م وفي العام 2016 ليؤكد أن بلادنا زاخرة بالنجوم والمبدعين وأن اتحاد الفروسية استطاع الوصول إلى إظهار الرياضة بشكل مميز داخلياً وتمكن من إيجاد فرسان ومنتخبات تذهب إلى المنافسات والبطولات العربية والآسيوية والدولية لتشرف الوطن والرياضة اليمنية وتعود في الغالب حاملة لإنجازات مبهرة ومنها التأهل إلى كأس العالم ثلاث مرات في البراعم قفز حواجز عام 2009م وفي التقاط الأوتاد مرتين عامي 2014 و2016م وهو الأمر الذي يستحق معه اتحاد الفروسية الإشادة والتحفيز للاستمرار وتحقيق المزيد من النجاحات الداخلية والانجازات الخارجية.
محاولات لإقصاء المنتخب الوطني!
لم يكن الذهاب إلى مونديال العالم لالتقاط الأوتاد 2016م مفروشا بالورد ولا مليئاً بعبارات الترحاب فالمنتخب اليمني الذي ذهب إلى تصفيات السودان وتأهل بجدارة وهو القادم من تحت ركام الدمار وأصوات طائرات العدوان يظل عند من يخلطون السياسة بالرياضة ومن هم مشاركون في العدوان على الأرض والإنسان اليمني منتخبا ينظر إليه من زاوية التفسيرات والتأويلات ولذلك واجه صعوبة كبيرة في الوصول إلى النهائيات العالمية التي استضافتها العاصمة المصرية القاهرة خلال الفترة 11  – 18 ابريل 2016م، وكانت هناك نيات مبيتة من قبل اللجنة المنظمة والاتحاد المصري للفروسية باستبعاد المنتخب اليمني وإقصائه من المشاركة بهدوء ومن دون (شوشره) كما يقول إخواننا المصريون وحتى لا يحضر المنتخب ولا يشارك (وهو الذي تفوق على المنتخب المصري في كأس العالم السابقة وحل رابعاً قبل أن يتم خصم نقطة من نقاطه ليحل خامساً والمنتخب المصري رابعاً) لذلك استمرت مماطلة الاتحاد المصري في منح تأشيرات السفر طوال عشرين يوم بدأت منذ إرسال كل البيانات والوثائق المطلوبة والخاصة بالبعثة يوم 19 مارس وحتى قبل ساعات قليلة من موعد وصول بعثات المنتخبات المشاركة المحدد في برنامج البطولة يوم 11 ابريل، ومع كل الرسائل والتواصلات المختلفة مع الاتحاد المصري ومسئوليه ووضعهم في أهمية إرسال التأشيرات من أجل إتمام إجراءات الحجز من وقت مبكر لعدم وجود سوى رحلتين في الأسبوع بسبب الحصار الجائر وعدم توفر حجوزات للمقاعد المطلوبة ومع ذلك كان الرد الدائم انه يتم متابعة الجهات المختصة ومع كثرة الرسائل الموجهة للاتحاد المصري وإحاطة الاتحاد الدولي بالمشكلة وأن إمكانية مشاركة المنتخب اليمني تتلاشى يوماً بعد يوم تم التأكيد من الاتحاد المصري أن التأشيرات سترسل يوم الأحد 3 ابريل وهو موعد متأخر لن يسمح بإتمام إجراءات الحجز ولذلك عمل الاتحاد على السير في إتمام إجراءات الحجز عبر أحد مكاتب السفريات بتحرير ضمانة من مكتب الخطوط اليمنية بأن السفر لن يتم إلا بالتأشيرات أو بجوازات مهمة وتم مباشرة مخاطبة وزارة الخارجية ومتابعة إصدار جوازات مهمة للبعثة في الوقت الذي تسرب الظن لدى الاتحاد اليمني بأن الاتحاد المصري سيماطل في إرسال التأشيرات وربما أنه وبعد أن عرف بأن التأشيرات مطلب أساسي للحجز وإصدار التذاكر وفي ظل عدم توفر رحلات ومقاعد فأنه سيقوم بإرسال التأشيرات قبل يوم واحد من موعد السفر ليخرج من المسئولية ويضع الاتحاد اليمني في موقف محرج لعدم وجود حجوزات ورحلات وبالتالي يتعذر سفر المنتخب ومشاركته وهو الأمر الذي تأكد فعلاً عندما قام الاتحاد المصري بإرسال التأشيرات قبل ثمان ساعات من يوم وصول المنتخبات المشاركة 11 ابريل حيث ارسل رقم الموافقة الأمنية وتاريخها والأسماء فقط واتضحت الرؤية أكثر بوجود نيات مبيتة تسعى لإقصاء المنتخب اليمني من المشاركة بظهور تاريخ إصدار الموافقة الأمنية 5 ابريل 2016م ولم يقم الاتحاد المصرى بإرسالها سوى يوم 10 ابريل في الساعة الرابعة عصراً بعد انتهاء الدوام الرسمي، ولم يتوقعوا أن الاتحاد سعى إلى تأمين المشاركة والحجوزات وإصدار جوازات مهمة من وزارة الخارجية وتمكن من السفر والوصول والمشاركة، وهذا الأمر يجب أن يضعه الاتحاد الدولي لالتقاط الأوتاد على طاولة النقاش والمحاسبة ليتم تجاوزه في أي بطولة قادمة حتى لا يقع الاتحاد الدولي فيما قد يفشل له إقامة بطولة دولية أو عالمية.
ارفع رأسك أنت يمني
الفرسان اليمنيون الأبطال حضروا بطولة كأس العالم في ظروف صعبة واستثنائية وهم الوحيدون الذين غادروا اليمن في رحلة شاقة مرت عبر بيشه ومطار الأردن ليقولوا للعالم نحن هنا ويثبتوا أنهم رغم القصف والقتل والدمار قادرون على أن يصنعوا النجاح ويأتوا بالانجاز مهما تكالبت عليهم الدول وتعددت المحن، ولذلك وعند اول المنافسات ظهروا بأفضل حال وحصدوا النقاط وكانوا قريبين من تحقيق نجاح أول وهم القادمون من وسط ركام المباني المدمرة والأحياء المقصوفة والحصار الظالم واستمروا في كل المنافسات يشكلون رقماً صعباً ومنتخبا منافسا استطاع أن يحصد الفضة والبرونز ولم يكتف فقط بالحضور في كأس العالم وبإنجاز التأهل ويكفي بعثة بلادنا وفرسانها الأبطال أنهم واجهوا كل العواصف ولسان حالهم يقول (ارفع رأسك أنت يمني) وبالفعل ذهبوا ورؤوسهم مرفوعة وعادوا ورؤوسم مرفوعة.
حكاية وشقلبة وشكوى المشاركين وكأس
هناك في مصر وحيث الاتحاد المصري للفروسية المستضيف لبطولة كأس العالم يظهر اللواء عاطف العطار المتحكم في كل شيء والساعي بكل ما أوتي من إمكانات وسطوة تحكيمية إلى أن يضع منتخب مصر في صدارة المنتخبات المشاركة وأكثرها حظوظا للوصول إلى البطولة وهو ما تم بالفعل حين تم تغيير برنامج المنافسات والتي سبق وأن أرسلت لاتحادات المنتخبات المشاركة وتم البدء بالأكثر صعوبة في ظل تمكن الفرسان المصريين من خيولهم باعتبارهم المستضيفين وقبل أن يبدأ فرسان المنتخبات المشاركة بالتعود على الخيول وضبط مسارهن على خط المنافسة غير أن بعض الإجراءات لم تكن بمستوى استضافة عربية يفترض فيها احترام الضيف لا ملء الكراسي بالمنصة بالقيادات العسكرية المصرية ومن معهم ليكون الميدان مكاناً للضيوف والإداريين بالإضافة إلى أن الحصول على النتائج لم يكن مرنا وسلسا..وأشياء أخرى حدثت خلال المنافسات ومنها تهديد المنتخب السوداني بالانسحاب والتأكيد على أن الخيول التي قدمت لهم لا تصلح وتبتعد عن مسار خط المنافسة وهو الأمر الذي شعر به كثير من المنتخبات الأخرى في شاهد آخر على مساعي الاتحاد المصري إلى أن يكون كأس العالم مصريا وهو ما تم ليرتاح اللواء عاطف الذي بدأ التعامل غير المقبول بتأخير التأشيرات كما حصل مع منتخبنا والمنتخب العراقي.
فريق واحد وراء النجاح
في اتحاد الفروسية يقف وراء النجاح الذي تحقق بالتأهل إلى كأس العالم وفي إحراز الفضية والبرونزية في كأس العالم فريق واحد من أسماء متعددة (ياسرنصار، نجيب العذري، معاذ الخميسي، فيصل الدبأ، جميل بشر، محمد شذان، محمد القملي، جمال الطويل، صادق مارش، جابر البواب، محمد شائع، هناء الهردي، محمد القيداني) هؤلاء هم فريق النجاح الذي تأكد في العامين 2015 – 2016م من خلال البطولات والنشاطات الداخلية ومن ثم النجاحات الخارجية وما أتمناه أن يحرص كل أعضاء الفريق على أن يكونوا ويستمروا وإن سبب لهم ذلك غيرة وحسد من البعض لنجاحهم وظهورهم البارز.
الدبأ وشذان..مدربان ناجحان
أن يحقق التأهل إلى كأس العالم لالتقاط الأوتاد ويحصد الفضة والبرونز فيها جهاز فني وطني خالص بوجود ثنائي محب وغيور هما العقيد فيصل الدبأ والدكتور محمد شذان فذلك هو النجاح الذي يستحق الاهتمام والرعاية، ويا حبذا لو عملت الوزارة واللجنة الأولمبية على تبني نجاح الكادر الوطني الدبأ وشذان من خلال منحهما مرتباً شهرياً يتناسب مع ما حققاه وايفادهم إلى دورات تدريبية دولية تصقل قدراتهما وإمكاناتهما.
كتيبة العالمية
كتيبة الفرسان الذين شاركوا منذ البطولة التأهيلية وصولاً إلى كأس العالم هم فخر للوطن وهم النجوم المتألقون الذين يستحقون أن نرفع لهم القبعات وهم الأبطال الذين حققوا الانتصار في ظل الظروف الصعبة ووصلوا إلى العالمية وهم: (محمد القملي، مراد الفتيي، حمزة اليامي، بلال الصبري، جلال اليوسفي، جهاد الفائق) نشكركم يا نجوم الوطن الكبار ونشكر إخلاصكم وحرصكم ونجوميتكم وتألقكم وما وصلتم إليه من إنجازات.
القملي الفارس المحب
حين يمتلك قائد المنتخب محمد القملي روح محبه للآخرين فإنه يبادر بإيثار زملائه وهو الذي لا يباغت قلبه حسداً أو حقدًا ويرى في نجاح غيره نجاح له، ولذلك ورغم أنه نجح وتميز في منافسات اليوم الأول التي تشكل البداية المقلقة وحصد 30 نقطة من مجموع 36 نقطة وبجانبه المتألق بلال الصبري الذي حصد نفس النقاط ورغم ذلك بقي الفارس العالمي محمد القملي بعيداً عن بقية المنافسات ورأى أن مشاركة زملاءه فيها يكفي وظل داعما وهو الذي بدأ مشاركته بتميز وكان باستطاعته أن يستمر بأكثر تميز بعد أن تجاوز رهبة البداية باقتدار باعتباره من الفرسان المخضرمين وشكل في البطولة التأهيلية بالسودان العلامة الفارقة في التأهل وهو يشارك في منافسات التتابع (الطابور الهندي)، مثل هذه الروح العالية والمحبة تستحق الثناء والتقدير.
المجتهد المتألق
بلال الصبري الفارس المجتهد والمحب يتألق وينجح في مشاركاته لأنه يحرص كثيراً على استمرار تدريباته ويجتهد في متابعة كل جديد وفي معرفة وإتقان الأداء الصحيح والأساليب ذات المهارة الفائقة التي يتقنها وهو الذي سيحقق نجاحات وانجازات أكثر لو استمر كذلك وابتعد عما ليس له علاقة به كلاعب وفارس منتخب أو جهة يطلب النجاح ويتوق إلى صنع الانجازات.
أفضلية وهدوء
في صفوف المنتخب الفارس المتميز حمزة حزام اليامي وهو أفضل الفرسان من حيث حصد النقاط في البطولات الأخيرة في البطولة الدولية بباكستان وفي كأس العالم بمسقط واستطاع أن يدخل قائمة التنافس العالمي مع أفضل فرسان العالم وحقق المركز السادس عالمياً من حيث أفضل فرسان العالم حصدا للنقاط وفي كأس العالم بمصر تنازل عن ذلك وتراجع وهو الفارس الهادئ الذي يجبر الجميع بهدوئه وتألقه على حبه واحترامه.
المفاجأة
الفارس مراد الفتيي الذي كان قبل ما يتجاوز العام طريح الفراش مصاب بالشلل نهض من فراشه بعد أن شفاه الله وعافاه وعاد لممارسة رياضة الفروسية وتمكن من التحليق عاليا والتألق والوصول إلى عضوية المنتخب ليظهر في بطولة كأس العالم كالمفاجأة السارة الذي أبدع وتألق رغم حداثة التحاقه بالمنتخب.
العائد للنجاح
الفارس جلال اليوسفي متألق عاد الى المشاركة بعد أن أصيب قبل بطولة كأس العالم السابقة وكما كان بعيداً عن النجاحات الداخلية عاد لها في آخر بطولة أقيمت وحقق المركز الأول وهو من الفرسان الذين يجيدون في ميادين التقاط الأوتاد.
الذهبي العالمي
لم يتكرر إنجاز الفروسية اليمنية في ثاني مشاركة بكأس العالم بعد أن كان الإنجاز التاريخي الأبرز هو إحراز بطولة العالم في الزوجي في مونديال العالم بمسقط 2014م وكان للفارس اليمني الصغير جهاد الفايق دور كبير في تحقيق الإنجاز والى جانبه الفارس بلال الصبري عندما تألقا وأبدعا ووصلا إلى جولة تمايز أمام فارسي المنتخب العماني بطل كأس العالم وتمكن جهاد من إصابة الوتد وتحقيق العلامة كاملة فكانت البطولة والذهب من نصيب بلادنا وفارسيها جهاد وبلال وتحقق لبلادنا الانجاز الأبرز والأفضل والأغلى حتى الآن، وإذا لم يحالف جهاد التوفيق في هذه البطولة بالمشاركة فهو أمر عادي في الرياضة ولا يجب أن يؤثر على نفسيتك يا جهاد أو أدائك لأنك فارس مبدع ومازلت صغيراً والمستقبل أمامك ويكفيك فخراً أنك ذهبي العالم وستعود الى مستواك وتألقك والوقت أمامك.

قد يعجبك ايضا