الأطماع الأمريكية في حضرموت والمهرة
جميل أنعم
تجلّت الأطماع الأمريكية في حضرموت والمهرة في عام 1972م، فبعد سيطرة الإخوان المسلمين على السلطة الخلفية للنظام السياسي في صنعاء واعتراف النظام السعودي بالنظام الجمهوري المعتدل 1970م، وتلى ذلك اعتراف أمريكا بالنظام المعتدل في مطلع عام 1972م، وحدوث مجزرة مشايخ الشمال في عدن بتاريخ 20 فبراير 1972م، بدأت طبول الحرب تدق في الشمال وتوافد السلاطين وعملاء الاستعمار للشمال الذين شكلوا ذراع عسكري ضد الجنوب بمسمى “الجبهة الوطنية” بقيادة عبد القوي مكاوي “أحد أركان سلطة شرعية هادي حالياً” …وحصل صِدام عسكري بين الشطرين في فبراير – مارس 1972م، ثم زيارة وزير الخارجية الأمريكي “روجرز” لصنعاء أولاً ثم زيارة “روجرز” لبعض دول الخليج في يوليو 1972م، والتي أدَّت إلى توسع نطاق الحرب بين الشطرين في سبتمبر 1972م
((واستمر التصعيد بين الشطرين حتى بلغ ذروته يوم 26 سبتمبر 1972م عندما عبرت القوات الشمالية التي كان أغلبها إن لم يكن كلها من الجيش الشعبي “القبائل” خط الحدود بين الشطرين . ولقد كان للقيادة العامة للقوات المسلحة في الشمال تحفظات كثيرة على الحرب ولم تشترك قوات الشمال النظامية في هذه الحروب بصورة فعالة إلا عندما قامت بإخراج القوات الجنوبية من قعطبة أو الاستيلاء على جزيرة كمران)) .. (من كتاب “الوحدة اليمنية لخالد بن محمد القاسمي صفحة 77)
وبالتالي فإن أمريكا والسعودية وبقايا السلاطين والجيش الشعبي “القبائل” التي تسيطر عليها رموز اجتماعية مشائخ تموضعت في حركة الإخوان المسلمين ولاحقاً التجمع اليمني للإصلاح هم وراء الحرب الشطرية بين أبناء اليمن الواحد، ولأهداف استعمارية أمريكية غير معلنة (اجتزاء محافظة حضرموت والمهرة) ..
وهذا ما كشفهُ الرئيس سالم رُبيّع علي في حديث هام لصحيفة الجمهورية القاهرية 15 يونيو 1972م حيث قال فيه : ((هناك نوايا عدوانية تواطئت عليها الرجعية في المنطقة وذلك لتجتزئ من البلاد المحافظتين الخامسة والسادسة لاحتمال وجود البترول فيها)) … ومحافظة المهرة هي الخامسة وحضرموت هي السادسة حسب التقسيم الإدراج للشطر الجنوبي في حينه .
أما عبدالفتاح إسماعيل يكشف عن ذلك وبشكل أكثر وضوحاً، حيث أورد خالد بن محمد القاسمي في كتابه “الوحدة اليمنية” في صفحة 81 هذا النص عن عبدالفتاح إسماعيل الذي قال ((الشركات البترولية والقوى الرجعية قد انشأت ما يُسمى بجيش الإنقاذ الوطني الذي يقوم بتدريبه ضباط أمريكيون والذي يضم المتضررين من إنجازات الثورة في عدن وهدف الجيش إحتلال حضرموت والمهرة بدعوى أنها غير يمنية))
وهكذا أمريكا الإستعمارية الصهيونية تستثمر أي نزاع داخلي يمني لتحقيق أهدافها في التقسيم ونهب الثروات والخيرات وتحشد لذلك أدواتها السعودية والإخوان المسلمين المسيطرين حينذاك على القبائل الشمالية وبقايا السلاطين وعملاء الإستعمار الإنجليزي … إلا أن هذه الخطة القديمة الجديدة فشلت للوعي الوطني اليمني، والذي توج بإتفاقية الوحدة إتفاقية القاهرة يوم 18 أكتوبر 1972م، وبيان طرابلس يوم 26 نوفمبر 1972م، وبرعاية الأنظمة الوطنية العربية ليبيا ومصر والجزائر وسوريا والكويت، والتي نفتقد دورهم الوحدوي في هذه الأيام، والأسباب معروفة، فشتان بين الكويت 1972م والكويت 2016م ..
وبعد أن تمكنت أمريكا واسرائيل والسعودية من الأنظمة الوطنية العربية التي كانت دائما وابداً تفشل مخططات العدو الثلاثي القاتل للأمة العربية والإسلامية، ها هو المخطط يُبعث من جديد في اليمن وبصورة أبشع من والأدوات نفسها واكثر تنظيمات تكفيرية الإخوان وداعش والقاعدة وانظمة إخوانية السودان وتركيا وقطر وانظمة رجعية السعودية والإمارات ومعهم عصابات البلاك ووتر والجنجويد ومرتزقة من الداخل والخارج، حضروا جميعاً والكل يمتشق سيفهُ وسكينهُ والشفرات الحادة لتقسيم الكعكة اليمنية، الجغرافية الوطنية اليمنية، وكل واحدٍ منهم يُمَنِّي نفسه بجزء كبير من هذه الكعكة وبعروض إستعمارية أمريكية سرابية ووهمية، ومع أنه لا توجد قوات عسكرية وامنية في جزيرة سقطرى إلا أن القوات العسكرية الإماراتية أحتلت جزيرة سقطرى دون مقاومة تُذكر في النصف الأول من فبراير 2016م، وبصورة مخالفة للقانون الدولي، وهي خطوة إستعمارية كمقدمة لتحقيق الأهداف الحقيقية للعدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن مارس 2015م حتى تاريخه، وبواجهة خليجية وبالطابور الخامس الخائن في الداخل، حزب الإخوان المسلمين ومراكز النفوذ والفساد والخونة وقوى العمالة والإرتزاق .. ومن ضمن هذه الأهداف شاءوا أم أبوا .. علموا أم لم يعلموا العملاء والخونة والمخدوعين بأحسن الأحوال فالأهداف هي :-
1- اقتطاع محافظة المهرة وحضرموت من اليمن نهائياً واعلانها كيان مستقل تابع لأمريكا وتحت أي مسمى (إمارة سلطنة مملكة) ، والأسوأ ضمها إلى النظام السعودي بمسرحية هزلية سخيفة مفادها رغبة مشائخ واعيان وابناء حضرموت والمهرة بالإنضمام للسعودية، ولاحقاً منح حق إستثمار النفط والغاز للشركات الأمريكية برأسمال يهودي، مثل شركة “أرامكو” الأمريكية التي تحكم السعودية بالفعل كما كانت شركة الهند الشرقية البريطانية تحكم المستعمرات .
2- اقتطاع محافظة مأرب والجوف .. لم يتضح السيناريو بعد .. فالمحاولات الحثيثة من بني سعود لإختراق قبائل الجوف ماهي إلا مؤشر أولي لذلك .
3- الاستيطان العسكري للمواقع والمناطق الحيوية والإستراتيجية الهامة والتي تضمن للإستعمار ضرب وسحق أي نظام وطني في اليمن والأقليم العربي والإسلامي، وحماية الشركات الأمريكية اليهودية الناهبة لخيرات وثروات الشعوب العربية والإسلامية، حماية أنظمة العمالة والإرتزاق والإنبطاح والخيانة في المنطقة من أي ثورات وطنية تحررية، والإستيطان العسكري يكون بمسمى الإتفاقيات والمعاهدات الدولية التي يوقعها ويبرمها هادي الخائن ولاحقاً الكيانات اللقيطة التي ستقام على تركة جغرافيا اليمن الموحد، والأقرب للواقع حالياً إتفاقيات يوقها الخائن هادي مع أمريكا وبواجهة أدواتها العميلة السعودية والإمارات وقطر، ومن هذه المواقع الإستراتيجية الهامة :-
(جزيرة سقطرى – جزيرتي بريم وكمران – مضيق باب المندب – ميناء عدن – قاعدة العند – الساحل الغربي للبحر الأحمر أو أجزاء منه “ميدي أو المخا” )..
هذا سيناريو، وهنالك سيناريو آخر في حالة الإنكسار للعدوان سيُترجم إلى أوراق ضغط تستخدم على صنعاء الثورة والصمود وبمعادلة الإعتراف بإتفاقيات هادي الخائن مقابل الاعتراف بصنعاء الثورة ووقف العدوان ورفع الحصار وتطبيع العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع المجتمع الدولي …
تلك الأحداث والأهداف الإستعمارية ما كانت لتحدث لولا تحالف قوى داخلية يمنية مع الخارج مقابل عروض إستعمارية وهمية سرابية مكررة تاريخياً والتكرار هنا في الحالة اليمنية لا يفيد ولا يتعلم منها البغل وحتى الحمار العجوز لأنهم غارقون في العمالة والخيانة المشبعة بالاطماع المادية ومخلوطة بالحقد ممزوجة بالأنانية المتعطشة للسلطة وبأي شكل كان .. ومن هذه العروض الإستعمارية :-
1- المخدوعون الإخوان المسلمين يريدون اقتطاع الساحل الغربي للبحر الأحمر لإقامة الخلافة الإسلامية والتي ستتحد مع خلافة أردوغان القرقوزي التركي لدول ساحل البحر الأبيض المتوسط (سوريا ومصر وليبيا وتونس) لإعلان الخلافة الإسلامية .. (عرض إستعماري سرابي وهمي)
2- المخدوعونان المناطقيون في تعز يريدون إقتطاع تعز وإب وتحت مسمى إقليم الجند وبزعامة البرجوازية الطفيلية التعزية تحت وهم وفوبيا التخلص من هيمنة وسيطرة المركز صنعاء الوطن لكل اليمن واليمنيين .. (أيضاً عرض إستعماري وهمي سرابي)
3- المخدوعون الجنوبيرون يريدون اقتطاع الجنوب اليمني ماعدا حضرموت والمهرة، وبمسمى الجنوب العربي للتخلص من هيمنة وسيطرة صنعاء سياسياً والتخلص من إسم اليمن تاريخياً . (عصفورين بحجر صهيوني أمريكي) .
4- داعش والقاعدة لديها عرض استعماري وهمي إقامة الدولة الإسلامية مقابل إسقاط الأنظمة العربية وتدمير الجيوش الوطنية، وهذا العرض الاستعماري كشفت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة “هيلاري كلينتون” في مذكراتها التي صدرت في كتاب بعنوان “الخيارات الصعبة” .. وقاعدة وداعش اليمن تتوزع في صحراء حضرموت والربع الخالي مواقع النفط والغاز .. لتكون بمثابة عُهدة في أيديهم سيتم تسليمها لأسيادهم ومحركيهم بمسرحيات الحرب على القاعدة في أي وقت يحتاجون ذلك .
ومع ذلك لن ننتظر مذكرات الغرب حتى نستفيق من نشوة الربيع الصهيوني وسكرة شرعية هادي الأمريكي .. فالأحداث والوقائع تنذر بتقسيم اليمن وسوريا والعراق ومصر وحتى السعودية والإمارات .. والأحداث والوقائع تُنذر بظهور إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات أولاً، وثانياً للمستفيد العربي الوحيد وربما ستكون الزائدة الدودية قطر، لتفك عقدتها الجغرافية وتتوسع على حساب جارتها اللدودة السعودية، مقابل ما قدمته قطر وقناة الجزيرة إخوان للاستعمار والصهيونية وللعملاء والخونة والمرتزقة من دعم مالي واعلامي ولوجستي ..الخ .
وكل ذلك سيتحطم بكل تأكيد ويقين على صخرة بل جبل المعجزة، نعم المعجزة النبوية للنبي العربي الأكرم محمد بن عبدالله (صل الله عليه والسلام ) .. معجزة اللهم بارك في شامنا ويمننا .. ونجد منبت قرن الشيطان .. وبمعجزة “شامنا ويمننا” سننتصر على حلف قرن الشيطان، وستلحقه الهزيمة والخسران والذل والهوان، واكثر من ذلك لعنة التاريخ الأزلية السرمدية، ان شاء الله تعالى، لن يخيفنا احتلال عدن وسقطرى وحضرموت .. ولا يرعبنا استخدام السلاح القاتل والشامل .. “شامنا ويمننا” بها سيتم النصر لامحالة على قرن الشيطان وتمريغ أنف حلفائه على بلاط الجغرافيا والتاريخ والوطنية .