باريس (أ ف ب)
شهدت فرنسا صدامات وتوقيفات وقطع طرق واعمال عنف عندما نزل تلامذة المدارس وطلبة الجامعات الذين يتصدرون تحركا بدأ قبل أكثر من شهر إلى الشارع مجددا أمس، للاحتجاج على مشروع تعديل قانون العمل الذي يزيد الاستياء من الرئيس فرنسوا هولاند.
ففي باريس، قامت الشرطة بتفريق نحو خمسين شابا ملثمين ومسلحين بعصي اندسوا بين المتظاهرين. كما فرقت الشرطة مجموعات من الشباب كانوا يرشقون الحجارة والزجاجات والبيض ويهتفون “الشرطة في كل مكان، والعدالة غائبة” في غرب باريس التي انطلقت منها التظاهرة بعد ظهر أمس.
وخضع 130 شخصا للاستجواب على هامش التظاهرة، بعد القاء حجارة ومقذوفات وصدامات مع قوات الأمن.
وبعد تظاهرات سابقة تخللتها أعمال عنف، اتخذت تدابير وقائية في كل انحاء فرنسا، فمنعت السلطات اي تجمع في الوسط التاريخي لمدينة رين (غرب)، احد مراكز الاحتجاج.
وفي أجواء اتسمت بمزيد من الهدوء، أمضى مئات الأشخاص الليل في ساحة الجمهورية بوسط العاصمة، للتنديد بالتعديل الذي يعتبر المحتجون انه يخدم أصحاب الشركات وليس الموظفين، وبالسياسة الأمنية للحكومة الاشتراكية وأزمة السكن والتهرب الضريبي.
وعلى بعد أمتار من النصب الذي أقيم بعد اعتداءات 15 يناير أطلق المعتصمون على تحركهم اسم “نمضي الليل ساهرين”. وقد نشأ هذا التحرك الخميس عشية اكبر التظاهرات منذ بداية التحرك، والتي شارك فيها 390 الف معارض لقانون العمل، كما تقول السلطات، و1.2 مليون معارض كما تقول النقابات.
ومنذ ذلك الحين، عمد ناشطون إلى نصب خيم كل ليلة في الساحة، ثم كانت قوات الأمن تخرجهم في الصباح الباكر. وقالت كامي الناشطة في هذا التحرك “اننا نريد تأسيس حركة اجتماعية كبيرة تجمع كل المهمشين لمواجهة النخب النافذة”.
وأعرب تلامذة المدارس وطلبة الجامعات الذين احتشدوا أمس عن دعمهم لهذه المبادرة. وقالت جولييت (17 عاما) امام مدرسة ثانوية في وسط باريس ان “ما نحتاج اليه هو ان نبقى ساهرين طوال الليل، وان نقوم بتحرك على غرار بوديموس” الحزب اليساري الاسباني الذي تأسس في 2014 وتمكن من حشد تاييد يوازي الأحزاب التقليدية.
وعلى رغم كل شيء، تتابع الحكومة عن كثب حشود الشبان الذين افشلوا في 1994 و2006 مشاريع اخرى لتعديل عقود العمل.
ويدرك هذا الأمر جيدا ويليام مارتينيه رئيس “الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا” ابرز النقابات الطالبية بقوله ان “عدد الشبان الذين سينزلون إلى الشارع هذا الأسبوع هو الذي سيؤدي إلى تحريك الأوضاع”.
وسيقوم ثلاثة وزراء (التربية والعمل والشبيبة) اليوم باستقبال نقابته ومنظمات شبابية أخرى، قبل تحركات مقررة السبت.
ولمواجهة التمرد والعصيان، عمدت السلطة التنفيذية إلى تعديل مشروعها الإصلاحي، الذي يؤكد رغبتها في الحد من العوائق التي تعرقل الحصول على وظيفة، حرصا منها على خفض البطالة التي تبلغ ألان 10%، لكن منتقديه يعتبرونه “ليبراليا أكثر من اللازم”. وينص القانون على تغيير المعايير التي تتيح عمليات الصرف لأسباب اقتصادية. ويتخوف الشبان من عدم الاستقرار الوظيفي.
وقبل سنة من الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد يكون مشروع القانون هذا آخر اصلاح كبير في عهد فرنسوا هولاند الذي يحطم ارقاما قياسية على صعيد تراجع شعبيته، والذي يؤيده 15% فقط من الفرنسيين، كما تفيد استطلاعات الرأي الأخيرة.
Prev Post
Next Post