لعنة سورية تطال كل محاور التآمر…؟
طه العامري
الأحداث التي شهدتها العاصمة البلجيكية بروكسل وهي – بالمناسبة – عاصمة الاتحاد الأوروبي ، إذ فيها البرلمان الأوروبي وقيادة حلف الأطلسي ، هذه الأحداث حملت في تداعياتها ما يمكن وصفه بـ(لعنة سورية) التي تواجه مؤامرة شيطانية قذرة منذ خمسة أعوام خلت.
سورية التي أمتاز وتميز نظامها بعلاقة استراتيجية راسخة مع كل دول وأنظمة العالم على قاعدة الحياد الايجابي وعدم الانحياز ،ولم يعرف عن النظام العربي القومي في سورية أن تدخل في شؤون أحد أو دعم أو ساند جماعة مسلحة ضد أي بلد باستثناء دعمه ومساندته للقضية الفلسطينية وللمقاومة التي تناضل ضد الاحتلال الصهيوني وهو نضال مشروع تقره وتعترف به كل القوانين والتشريعات الدولية.
سورية ومنذ سنوات خمس واجهت العمليات الإرهابية التي وقفت خلفها ودعمتها قرابة (٨٩) دولة وكان أحد أبرز أهداف المؤامرة بحق سورية هو إسقاط النظام العربي السوري وإسقاط الدولة السورية وتصفية الجيش والحزب الحاكم والمؤسسات على غرار ما حدث في العراق والجماهيرية العربية الليبية ، ومن ثم تحويل سورية إلى دولة فاشلة ، هذا المخطط لم يكتب له النجاح ، لكن (لعنة سورية) طالت كل أطراف التآمر بدءاً من رئيس الحكومة الأسبانية السابق مرورا بأمير قطر ورئيس وزرائه ، ورئيس الوزراء البريطاني ومعهم بندر بن سلطان وكثيرون من المسؤولين العرب والأجانب الذين تآمروا على سورية فأحبط الله مؤامراتهم وتساقطوا كأوراق الخريف لتبقى سورية صامدة وجيشها أكثر صمودا ومؤسساتها وقيادتها القومية ، هذا الصمود الأسطوري لاشك له تبعات على محاور التآمر، التي قطعا ستدفع ثمن عبثها بالمشهد العربي السوري ، هذا الثمن لن تدفعه محاور التآمر على يد الجيش العربي السوري ،
الذي يكفيه فخراً إنه دافع عن سيادة وكرامة وعزة سورية، الأرض والإنسان والقدرات ، هذا الصمود الأسطوري للجيش العربي السوري يكفي، لأن ترتد أدوات الإجرام إلى صدور من صنعها وشجعها وخلق منها قوة فاعلة على الأرض مهمتها صناعة الموت وإنتاج الدمار والرعب ، وبالتالي ليس مفاجئا ما حدث في بروكسل وقبلها في باريس ولندن ومدريد وما قد يحدث في أكثر من عاصمة غربية ساهمت وبفعالية في تدمير شعوب وأنظمة في الوطن العربي خدمة لأهدافها الاستعمارية أو وقفت متفرجة ومباركة لما يحدث في الوطن العربي مقدمة دعما لوجستيا لكل أدوات الموت وصناع الخراب تحت يافطة “مناصرة الحقوق والحريات ومناهضة الديكتاتورية والانتصار للديمقراطية” ، وكل هذه المزاعم كاذبة وليس لها وجود في أجندة المتآمرين الذين سعوا لضرب كل مكامن القوة في الجسد العربي ..؟
بيد أن سورية تعاقب لأنها رفضت الاحتلال الأمريكي للعراق وساهمت وبفعالية في انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان العام ٢٠٠٦م وهي الحرب التي لفتت أنظار الغرب لقدرات المقاومة وهي القدرات التي نسبت لسورية وكان من الطبيعي أن يعمل الغرب والصهاينة وحلفاؤهم المحسوبون على العروبة والإسلام على ضرب سورية الدولة والهوية والقدرات كمقدمة لتصفية المقاومة وكل جيوبها ، وخلق حالة من العبث المتعدد في أوساط دول وأنظمة المنطقة وشعوبها ، حالة تنسى معها شعوب ودول وأنظمة المنطقة حكاية فلسطين والاحتلال الصهيوني لها وحكاية المقاومة التي يجب أن تختفي وتختفي معها كل الأنظمة المساندة والداعمة للمقاومة وفي الطليعة الدولة والنظام والقدرات في سورية، قلعة العروبة وحصنها المنيع وكعبة المقاومة وسندها الأمين والمتين.. إن ما حدث في بروكسل من الطبيعي أن يحدث وسيحدث أيضا في أكثر من عاصمة غربية لأن من يصنع السم لابد أن يتذوقه..
وكل عواصم القرار الغربي التي ساهمت وساندت وشجعت الجماعات الإرهابية في سورية ستطالها لعنة سورية عن طريق أدواتها التي ترتد اليوم نحوها بصورة مثيرة، بعد أن أدركت كل المجاميع والمسميات الإرهابية إنها كانت مجرد أداة بيد الأجهزة الاستخبارية الغربية ، وأن الهدف لم يكن الحرية والتحرير بل تحقيق مصالح استراتيجية وتأمين الكيان الصهيوني الذي ساهم بدوره في هذا السيناريو التآمري ضد سورية وفتح هذا الكيان مشافيه وحدوده أمام المجاميع المسلحة التي اعتبرت هذا الكيان الحليف الأقرب لها والسند الداعم والمؤيد لمشروعها التدميري ، بل ذهب البعض لعقد صفقات والبعض الآخر وعد الصهاينة بما لم يكونوا يحلمون به في سورية بعد أن يتحقق لهم الانتصار ..؟
ارتداد الإرهاب إلى العواصم الغربية ظاهرة طبيعية ومتوقعة ، لأن صمود سورية ونظامها وانتصارهم في معركة الهوية والوجود فعل سيؤدي بالطبيعة إلى ارتداد أدوات الإجرام التي جهزت لتدمير سورية.
أقول هذه الأدوات سترتد إلى حيث انطلقت سرا ولكن بصورة علنية وهذا ما سبق وإن حذرنا منه محاور التآمر والتي بدورها تدرك حقيقة أن صمود سورية الدولة والجيش والنظام والمؤسسات ، فعل سيؤدي بالطبيعة إلى مثل هذه الارتدادات المؤلمة على السكينة الأوروبية ، ولهذا نجد بعض المتآمرين الصغار من المحسوبين على أمتنا يتلهفون الحديث حول أهمية وضرورة رحيل الرئيس الأسد عن السلطة وضرورة الاتفاق على تشكيل ما يطلقون عليه (هيئة انتقالية) لأن بقاء الرئيس الأسد على رأس الدولة والنظام في سورية يعني ببساطة سقوط هذه الأنظمة التي أنفقت المليارات في سبيل تحقيق غاية لم تتحقق ،ومن لم يسقط منها بفعل هذا الإخفاق والفشل ، فإنه ساقط من أعين الناس ونظرهم بفعل الهزيمة، فأنهم ساقطون أخلاقيا وحضارياً..