تغطية/ خليل المعلمي
قالت الشاعرة هدى أبلان نائب وزير الثقافة: إن استهداف الآثار والمعالم والمدن التاريخية خلال عام كامل من العدوان إنما هو استهداف لتراث اليمنيين وحضارتهم وتاريخهم الطويل.
وأوضحت في مؤتمر صحفي نظمته وزارة الثقافة أمس على رواق بيت الثقافة استنكاراً وتنديداً لجرائم العدوان على الآثار والممتلكات الثقافية بدعم من صندوق التراث والتنمية الثقافية تحت شعار “عام من الصمود” أن المأساة كبيرة في قطاع الآثار والمدن التاريخية والمتاحف فهي مأساة تجاوزت حد الوصف، حيث تم ضرب المتاحف وضرب المدن والمعالم التاريخية دون أي مبررات أو مسببات.
العدوان لم يستثن أحداً
وأضافت: لقد استهدف العدوان الغاشم على بلادنا الحجر والشجر ولم يستثن أحداً، فكان لوزارة الثقافة عمل دؤوب وطويل خلال هذا العام من خلال القطاعات المختلفة مثل الهيئة العامة للمدن التاريخية والهيئة العامة للآثار والمتاحف في متابعة وحصر المعالم والمواقع الأثرية المتضررة، ورفع التقارير إلى المنظمات الدولية لتكشف حقيقة العدوان وجرائمه.
وأشارت إلى أن الأضرار الحاصلة في هذه المعالم والآثار لا يمكن تعويضها ولا يمكن حصرها وتقدير خسائرها بالأرقام، لأنها تراث إنساني وحضاري صنعه الإنسان اليمني عبر المراحل التاريخية المختلفة، بعكس الأضرار في البنية التحتية التي يمكن تعويضها.
وتابعت: لقد مر هذا العام علينا ثقيلاً لكنه جسد إرادة اليمنيين وصمودهم وتحديهم في مواجهة هذا العدوان، وخاصة قطاع العاملين في الآثار والمدن التاريخية والمتاحف الذين تعرضت منشآتهم للقصف والتدمير، مؤكدة انعدام المبررات في استهداف هذه المعالم في معظم المحافظات مثل مارب وحضرموت وحجة وعدن وذمار وغيرها من المحافظات التي تحتوي على مدن ومعالم تاريخية، وما يحدث إنما هو إجحاف بحق تاريخ الإنسانية وتاريخ العرب الذي يمثل اليمن مهده الأول.
استهداف ممنهج
من جهته استعرض مهند السياني رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف أبرز المعالم والمواقع الأثرية التي تعرضت للتدمير الكلي والجزئي في مختلف محافظات الجمهورية.
وقال: أول استهداف للمعالم والمواقع الأثرية كان استهداف مسجد الإمام عبدالرزاق الصنعاني في مديرية سنحان في 16 ابريل 2015م، ومن ثم تلاه استهداف ممنهج لمواقع أخرى مثل متحف ذمار ومدينة براقش وصرواح وقلعة القاهرة، حي القاسمي والفليحي في صنعاء القديمة التي استنكرت لها المنظمات المحلية والدولية كونها جزءاً من مدينة صنعاء القديمة المسجلة ضمن قائمة معالم التراث الثقافي العالمي.
وتساءل السياني: لماذا يتم استهداف هذه المعالم والمواقع الأثرية؟، على الرغم من أن جغرافيتها ووضعها وظروفها لا يحتمل وجود أي مليشيات أو مخازن للأسلحة.
كما أشار إلى الخطر الذي تمثله الجماعات الإرهابية المتواجدة في محافظة حضرموت على المعالم التاريخية، حيث تتعرض العديد من القباب والمزارات الدينية للتفجير من قبل هذه الجماعات.
أضرار متفاوتة
فيما أشار الدكتور ناجي ثوابة رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية إلى حجم الأضرار في هذه المعالم المستهدفة يتفاوت بنسبة من (20 %، 80%) وهناك معالم ومواقع كانت قد تعرضت بالكامل للتدمير.
وأشار إلى أن الإحصائيات التي تم إعدادها إنما هي إحصائيات أولية وليست نهائية، فلا يمكن إعداد إحصائيات نهائية دون أن يتوقف العدوان، مبيناً أن ما تم عرضه أمام الجهات الدولية في مؤتمر باريس خلال العام الماضي، أثمر عنه تجاوب عدد من البرلمانات الأوروبية التي استدعت حكوماتها لمناقشة المواقع الأثرية والثقافية اليمنية.
وأضاف: نحن بصدد إعداد ملفات فنية مدعمة بالصور والخرائط والمخططات عن هذه المواقع، فإذا ما توقف العدوان فسيتم توزيع الفرق النهائية على هذه المواقع والعمل على توثيق الأضرار، مشيراً إلى أن الهيئة تمتلك الكوادر المؤهلة لإنجاز هذه المهمة، مطالباً بتوفير الدعم المادي ليتم إنجاز هذه الأعمال في أسرع وقت ممكن.
وتم في المؤتمر استعراض المواقع والمعالم الثقافية المتضررة والبالغة 60 موقعاً أثرياً وتاريخياً، 23 ممتلكات ثقافية، ومكتبتين سمعية وبصرية في إذاعة المكلا تحتوي على أقدم الاسطوانات الفنية في الجزيرة العربية، وتدمير معمل واحد لصناعة “العود” في مديرية بني الحارث.
وبالنسبة للمباني المتأثرة في المدن التاريخية فقد تأثرت 4 آلاف معلم في صنعاء القديمة من أصل 9 آلاف معلم، ونزوح 13 أسرة من أحياء القاسمي والفليحي، أما في كوكبان فقد تهدم 11 مبنىً، كما أن هناك أضراراً لم يتم حصرها في عدد من المحافظات مثل صعدة وحجة.
فصل الإنسان اليمني
وفي مداخلة للأديب عبدالرحمن مراد أوضح فيها أن استهداف البنية الثقافية اليمنية ليس بجديد على النظام السعودي الذي يستهدف المعالم الثقافية والتاريخية لبلادنا، وأكد أن ما يحدث حالياً هو استكمال لما يقوم به النظام في السابق من أجل هدف واحد وهو فصل الإنسان اليمني عن قيمه الحضارية والتاريخية ليتمكن من فرض الثنائيتين الهيمنة والخضوع، وقد ظهر جلياً في استهدافه للمخطوطات اليمنية خلال العقود السابقة من القرن الماضي.
وعزا مراد ذلك إلى أن النظام السعودي يفتقد العمق التاريخي والحضاري الذي يمتاز به اليمن في جنوب الجزيرة العربية، وهو ما يشكل خطراً على هذا النظام الذي لم يتجاوز عمره 80 عاماً.
حضر المؤتمر مندوبو وسائل الإعلام المحلية والدولية وعدد من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والتراثي في بلادنا.
وقفة احتجاجية
الجدير بالذكر أن قيادات وموظفي وزارة الثقافة نفذوا وقفة احتجاجية تنديداً واستنكاراً واستهجاناً لاستمرار العدوان السعودي الغاشم في ارتكاب جرائمه بحق اليمن أرضاً وإنساناً بما في ذلك معالم ومدن اليمن التاريخية، وطالبوا المنظمات الدولية.
وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتشكيل لجان للنزول الميداني والاطلاع عن كثب على حجم الدمار والمجازر التي يرتكبها العدوان بشكل شبه يومي في كل مناطق اليمن.
وطالبوا منظمة (اليونسكو) بتطبيق الاتفاقيات والمواثيق الدولية فيما يتعلق بآثار اليمن ومعالمه التاريخية، وفي مقدمتها المدن التاريخية ووضع حد لما تتعرض له من دمار وتخريب متعمد من قبل العدوان السعودي، ووضع الجرائم التي ارتكبت بحق معالم اليمن ومدنه التاريخية تحت طائلة العدالة الدولية.
تصوير/ حامد فؤاد