ن .. والقلم .. بين الوردة والرصاصة !!
عبد الرحمن بجاش
سحبني صديقي من يدي , وقد خرجت إلى الشارع لاقوم بجولتي الصباحية إلى الشارع الرئيسي للحي : تعال رافقني , قلت : إلى أين ؟ , على السيارة فهمت منه أنه ذاهب إلى دكان الورد لينفذ ما يخصه من ((المؤامرة التي حاكتها البنات على أمهن)) , لقد أعددن كل شيء , للاحتفال بعيد الأم . أنا شخصيا ومن أمس الأول قررت ألا احتفل بالعيد , فقد تنبهت إلى أن الاحتفال بالأم يفترض أن يكون دائما , فإلأام تظل الأرض التي تعطي بدون كلل ولا ملل ,لا تبخل بوقت ولا بجهد ولا ولا , بالمقابل على الأبناء أن يردوا لها جميلها – ولن يستطيعوا – , كل يوم , بل كل لحظة , فعطاء الأم لا يحده حدود , تظل السنبلة التي تتعنقد عليها سنابل الدنيا والآخرة لعل كل ذي عقل يدرك !!! , صاحبي ذهب بي بعيدا إلى دكان الورد , ابتهجت نفسي بمنظر الورد خاصة الأحمر , كنت إلى أمس علمي ((دخن)) , فأرسلت إلى شاعرة تعيش في شمال أوروبا أهنيها بأعيادها كأم وليس عيدها , فردت تسألني : أنت تغير ممن ؟ استغربت , كيف ؟ قلت , قالت: أنت أرسلت ورود صفراء والأصفر يعني الغيرة , صمت لبرهة أدركت أن الألوان تعني شيئا فتعلمت , واعتذرت !!! , أفرحني منظر الورد , لكن الغصة أكلتني بعد دقيقة حين علمت أن الورد يأتي من بلد إفريقي قريب , ونحن ؟ أرضنا الطيبة المعطاءة ماذا تزرع ؟؟ يا ألاهي كررتها مرات هل صرنا نزرع الرصاص ونحصد الموت فقط!!! , في اللحظة التي كنت أحدث نفسي الما دوي صوت طلقة , ظننا أنها من مفرقعات الأعراس التي يحولها أصحابها إلى مناسبات للإزعاج !!! , دوت الثانية , كان المصدر خلف دكان الورد الكائن قريبا من شركة ألماز, للسياحة التي لم يعد لها وجود !!! , دنوت من مصدر الصوت فإذا بشابين صغيرين (( ينصعان )) بالآلي الذي بيد أحدهما , قلت فورا : أكيد تحتفلان بعيد الأم على طريقتكما , رد من بيده الرشاش الآلي : أين عيد وأين أم !!! , قلت عندك حق , قلت أيضاً : انتم قريبان من الشارع وقد تصيبان أحد المارة , بدت عبارتي سمجة , لا روح فيها !! , إذ ماذا تعني رصاصة تصيب احد المارة فيم الصواريخ تضرب فوق رؤوسنا قال صاحب المحل الكائن عند جذر النهدين !!!! , قلت : ولا تخافا ؟ قال : الضغط من الجانب الآخر , أما الضربة فوقنا فلا تولد ضغطا , في مدن أخرى يموت الناس بقذائف العبث !! إذا لا فرق في أن يموت أحد المارة برصاصة فهي ربما ستكون أرحم , أحسست أن عليَّ الاعتذار للطفلين الذين لم يكونا يفعلان شيئا خارجا عن المألوف , فالرشاشات أضحت لعباً في الأيدي !!! , وتراها حتى أمام الطالب الذي يختبر , كعنوان للرجولة , ورسالة للمراقب يا ويلك لو اعترضتني وأنا أغش !!! , ليس غريباً إذا أن تجتمع الرصاصة والوردة , وهما ثنائيتان في لحظة أمان لا يمكن لهما أن يأتلفا , إلا أن الوردة والرصاصة في زمن الحروب الوطنية الشريفة يمكن لهما أن يكونا شعارا وطنيا جاذبا , خرجت أنا وصديقي الذي تستعد بناته لمفاجآت أمهن بهداياهن , كانت الصورة أمامي وردة تحاول أن تجر الحياة باتجاهها , ورصاصة أخذت الحياة وأصحابها إليها , لمن ننتمي ؟ للوردة أم الرصاصة !! . حياتنا وردة حمراء أم هي حمرة رأس الرصاصة ؟؟؟ . لله الأمر من قبل ومن بعد .