الخيواني .. كم كان كريماً في زمن الجحود
نبض
عبدالرحمن غيلان
لم يكن الثامن عشر من مارس 2015م أربعاءً عادياً ، ذلك اليوم الذي رحل فيه جسد الشهيد عبدالكريم الخيواني إثر اغتيالٍ جبان قام به القتَلَة وهم يتّقون أرديتهم الخفيّة الظاهرة .
ولن يكون الثامن عشر من مارس كل عامٍ قادمٍ يوماً كبقية الأيام في وطنٍ لم تجفّ دموعه ولن تصفو جروحه كما يعتقد البعض بعد عدوانٍ كارثيّ على الوطن رغم أوجاعه السابقة من حروبٍ عبثيّة ، واغتيالاتٍ بائسة دفع ثمنها أبرز رجالات الكلمة والرأي والأدب والإعلام والمنطق الجهوريّ الحصيف كان آخرهم الإنسان الشجاع الشهيد / عبدالكريم الخيواني ..
لا يعنينا الاختيار الخبيث ليوم الاغتيال , أو الحسابات السياسية الدنيئة , وحتى تبنّي تنظيم القاعدة القذر لعملية الاغتيال .. بقدر ما يعنينا استهداف القتَلَة لرجلٍ أعزل من السلاح , وقامة شامخة من النضال والصمود والعنفوان الإنسانيّ المذهل في شعبٍ يدرك بسطاؤه كم كان كريماً في حمل قضيته الوطنيّة , وتعي نخبته المثقفة كم كان الخيواني أميناً لحقوقهم ونبراساً يستضيئون به في عتمة دروبهم التي أنهكها الجور , وأدمتها أشواك الغدر والضغينة والتقارير الرديئة في زمنٍ كثُرت فيه حسابات المصالح , ولمعَت فيه رويبضة الدكاكين المغلقة , في حين صدع الشهيد الخيواني بالحق دون أن يهاب أحداً غير خالقه .. وذلك ما شهد به خصومه قبل محبيه .
هذا الخسران الأليم المتجدد , وتلك الفاجعة الكبرى يجب ألا تمرّ مروراً مشابهاً لأوجاعٍ كبرى سابقة .. بل يجب التوقف تماماً أمامها ومراجعة كل الحسابات الرخيصة قبل الثمينة ، ليفقه الجميع من المستفيد من قتل الشهيد عبدالكريم في تلك الظروف السياسيّة الحالكة ! ومن بإمكانه أن يخطط ويرتّب وينفّذ جهاراً نهاراً بعيداً عن المسميات الظاهرة لبيادق الفتنة والجرائم الأليمة بحق وطنٍ لم تكن تعلو فيه غير نشوة الزناد وطعنة الغدر ونكبة الحلم قبل أن تغدر به آلة العدوان السعوديّ الجبان .
كنا نقول يجب أن تتوقف آلة القتل لدى آخر قطرةٍ زكيّةٍ سقطت من دم الشهيد على رصيف الخيانة .. ويجب أن تتوقّف لغة السياسة أمام كتاب الاغتيال البشع .. ويجب أن يقول الجميع ” لا ” , مهما كانت ” نعم ” مُثقلة بالتسويات المرعبة والحلول المهدّئة لجرثومةٍ لا ينبغي إزاءها سوى الاجتثاث من جذورها لننعم ولو بالقليل من مستقبلٍ كان يحلم الشهيد عبدالكريم بتحقيقه فينا .. لكننا اليوم بعد العدوان الكبير على اليمن فقهنا جيداً لماذا بدأوا بعبدالكريم الذي أفحَم كل خطاباتهم بمختلف مستوياتها ، وأخرس ألسنتهم المتطاولة بداخل اليمن وخارجها .. لكنهم فعلوها اغتيالاً حقيراً ورحلوا ، لكنّ الشهيد عبدالكريم الخيواني باقٍ ما بزغت شمس الصباح وما ادلهمّت حلكة ليلٍ سيأتي بعده النصر العظيم .