ن .. والقلم .. استأذن …وانصرف !!

أخيرا ترجل الفارس الهمام من على ظهر خيله وارتاح !!! , غادرنا هيكل, أو الأستاذ, أو الصحفي الكبير , أو كاتب مصر الأول أو رئيس تحرير الأهرام أيام عزها , استأذن بأدب معهود جم وانصرف , مات كما يموت أي إنسان , ببساطة هو لم يقل في يوم من الأيام إنه إنسان سوبرمان ولا نبي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه !! كما يحلو لبعض قصيري النظر تصويره , كان صحفيا ؟ نعم وصحفي كبير فارس في ميدانها لا يُشق له غبار وإنسان في المقام الأول في قلمه لمسه إنسانية لا يكتمل الصحفي أو الكاتب إلا بها !! , لكنه لم يكن الأوحد , كان هناك علي ومصطفى أمين , كان هناك التابعي من أخذه من يده ومن (ايجبشيان جازيت) وإلى (سكرتير تحرير آخر ساعة) , كان هناك فاطمة أو روز اليوسف , الحمامصي , بهاء الدين , كوكبة لا مثيل لها وأن كان هيكل قمرها !! . كيف يمكن لمصر أن تكون بدون هيكل ؟ ستظل مصر , ولكن بزمن آخر ودولة ورجال , بذهاب هيكل انسحب زمن وحل زمن آخر سيكون له شخوصه وأشخاصه ورجاله , وأدواته , فهيكل كتب بيده , ورموز هذا الزمن من الصحفيين يكتبون بالكمبيوتر والقارئ يقرأ من الشاشة , في زمن هيكل قرأ الناس الكتاب الورق , والآن هانحن نلج إلى زمن الكتاب الكمبيوتر !!! , وعلى الذين يقفون في محطة زمنية لا يتزحزحون منها أن يتحركوا قليلا والأمر القطار وهم على المحطة يهيمون !!! . هل كان هيكل صاحب عبدالناصر بمعنى إنه سكن رأسه , أو أن هيكل الذي تعرف عليه في الفلوجه كان يدري كيف يفكر الرجل فيعبر عن زمنه , كان هيكل صحفيا لماحا بدليل إنه خرج من سجن سبتمبر السادات يتقدمه فؤاد سراج الدين , الجميع ينظرون إلى وجه مبارك وهيكل يدقق في البدلة التي يرتديها , وحين رآها مدنية ولونها سماوي (خرجت مطمئنا) , كان عبدالناصر ينتظر مقالته الأسبوعية ( بصراحة) – تحل المقدمة في رأس الصفحة الأولى والبقية كل الصفحة الثالثة , كما ينتظرها المصريون والسفارات ومن يتابعون مصر في عنفوانها , لم يكن عبدالناصر يملي على هيكل ما يكتب , لأن هيكل لن يقبل , بدليل أن عبدالناصر حين زار المبنى الجديد للأهرام , نشر هيكل خبر الزيارة في الصفحة الثانية , فالمهنية تقول بذلك وهيكل صحفي وهو ما قاله لعبدالناصر يوم أن أصر عليه أن يتولى وزارة الإعلام إلى جانب الأهرام التي أصر على بقائه فيها , ولم يدر ولا يزال كثيرون أن هيكل بعد هزيمة 67 تولى أيضا الخارجية إلى جانب الإعلام , حتى أن عبدالعزيز حجازي رئيس وزراء مصر الأسبق ظل يقول لهيكل كلما التقاه : ((معاك مستحقات في رئاسة الوزراء من يوم كنت وزير خارجية , فيرد هيكل : مش عايزها !!! )) ببساطة يريد أن ينسى إنه كان وزيرا حتى ولو لأشهر , كان الرجل مصرا على أن يظل صحفيا , وهو ما قاله بعد فترة قصيرة كسكرتير تحرير لآخر ساعة , قال للتابعي (أنيق الصحافة المصرية) : مقدرش استمر , أنا لا أصلح صحفيا مكتبيا , أريد أن أكون محرراً ميدانيا , فكان له ذلك في دار أخبار اليوم فذهب لتغطية حرب الكوريتين , ثم حرب فلسطين وهناك في الفلوجة تعرف على عبدالناصر ………..لنا عودة.

قد يعجبك ايضا