من وحي بطولات الفرضة؟!

كأضغاث أحلام مرت تهليلاتهم وذاك الزهو وتلك النشوة المغمسة بالرذيلة, مرت تلك الساعات سريعاً وخبت معها شعلة النشوة كما تخبو حالة المدمن للكأس الملعونة حين يغمس صاحبها في برميل من المياه الباردة.
تطايرت المتعة بالحلم الجميل الذي ما لبث أن تحول إلى كابوس.. صمت المرجفون وأصحاب البطولات (الفيسبوكية), والمواقع التضليلية المأجورة, وتوارى خلف الصمت أصحاب الهمسات غير البريئة, عادوا إلى زواياهم حالكة الظلمة بهمساتهم غير البريئة, التي رافقت محاولات (البيع) والخونة والأعداء التاريخيين لليمن التقدم إلى فرضة نهم.
مناسبة التذكير بتلك الساعات الصاخبة بالزهو والعمل الدعائي الإرجافي الكبير الذي رافق محاولات (البيع) التقدم إلى فرضة نهم – ليس لأنها حملت الشيء الذي يستحق العودة إليه.. بل لأنها كشفت وعرت بقايا من مرضى الضمير وفاقدي الهوية والاعتزاز بالانتماء هنا أو هناك, لأنها أخرجت نجيعا وضيعا ومخطا وذليلا في هذا الركن أو تلك الزاوية المظلمة التي يقبع فيها كاللص القميء في انتظار أرملة وأطفالها اليتامى حتى تنام فيسطو على حصيرة يفترشها أيتام, ولحاف ورثوه عن أبيهم عن جدهم وربما عن سيدهم.
نعم فهم ليسوا أكثر من لصوص, وهذا الوصف قليل في حقهم, نعم فهم لصوص يعملون لحساب لصوص أكبر منهم, وجميعهم يتحينون الفرصة ويبحثون عن نافذة مفتوحة وقريبة هنا أو هناك أو باب نسي أصحابه إقفاله أو ترك من يحرسه.
هذا هو حال أولئك فمن محاولة في هذه المنطقة إلى تلك, جمعوا كل عصابات العالم ومستأجريه, وحشدوا أتباعهم وأذيال الأذيال علهم يستطيعون ولو عن طريق الاغتصاب استرجاع بعض ما فرطوا به, لذا كان متوقعاً منهم أن يخوضوا نزالهم بشرف وأنهم سيعمدون لتحسس أماكن ومناطق هنا وهناك علها تكون رخوة ويسهل فيها تحقيق نصر ولو بسيط كي يعلنوا عن حضورهم وقوتهم.
هم يعرفون أن لا فرسان في صفهم ولا حتى (مجالدين) من المستأجرين لذا سيداومون على محاولة التسلل والسطو والاستيلاء على جبل هنا أو مزرعة هناك, حالهم كحال السارق الأحمق الذي يظن أعماله الخسيسة انتصارات وتسلله مغامرة وبطولة واستيلاءه على حق غيره مكرمة وينسى أو يتناسى أن نجاحه في السرقة إنما كان تحت جنح الليل وعبر التسلل وأنه لا يستطيع أن يجاهر بفعلته خشية مواجهة أصحاب المسروقات.
نعم حاولوا وسيحاولون من جديد سرقة نصر عبر مواجهة غير متكافئة أو عن طريق المباغتة هنا أو هناك كي لا يتعرضوا لسخط سادتهم ومن يمدهم ويدفع أجورهم, لن يبرزوا لمعركة شريفة وفاصلة معركة شريفة تخضع لقيم الرجولة وأخلاق الفرسان, لأن الفرسان قد اختاروا جبهتهم وانحازوا إلى الطرف الذي يمثل كل ما ربوا عليه من قيم وسمات وأخلاق الفرسان والأبطال.
أما أذيالهم وتلك الذبابات التي لا تقع إلى على الفضلات والجيف فإنه من العجيب أن يهللوا لهذا الإنجاز الذي قد يحققه من باعهم وباع أهله في هذه الجبهة أو تلك, يحسبون أن الناس غافلون عنهم وعن تماوتهم الثعالبي.
أعجب لهؤلاء .. يتفاخرون بالاستيلاء على منطقة لا تتجاوز الخمسة كيلو مترات .. صحيح أنها هامة وقد استغرقت منهم ثلاثة أيام بلياليها من القصف بأحدث الطائرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية ولكن عجبي ليس للفرحة والتهليل الذي ظهروا به ولكن للدمامة في الصفات والسقوط المخزي الذي ظهروا به.
كل تلك الفرحة وكل ذاك الضجيج تبدد خلال ساعات, ولكن ماذا لو أنهم كانوا فعلاً قد نجحوا بالاستيلاء على هذه المنطقة وبجهدهم وبما يمتلكونه من عتاد – وطبعاً عتادهم يفوق عتاد المدافعين-, كيف كان سيكون حالهم وبماذا كانت ستسفخنا به ألسنتهم؟
ماذا لو كانوا فعلاً قد حققوا إنجازاً عليه القيمة وبجهودهم وتضحياتهم في معركة شريفة ونزيهة أعني معركة فرسان حقيقية لا يلوثها دم شيخ أو عجوز أو طفل أو عابر سبيل؟
أعتقد أنهم حينها كانوا على الأقل سينالون الاحترام لرجولتهم ونزاهتهم في الخصومة, كنا سنحترمهم فعلاً, ولن نتأفف من هذا الاحترام.. أقله سنحترم رجولتهم رغم غياب القيمة ورغم وضاعة وحقارة موقفهم الذي انحازوا فيه إلى جانب أعداء وطنهم وشعبهم.
لكنت قلت من حقهم أن يسعدوا بذلك, ولكن أن يظهروا بهذا القبح وهم يدركون أن العالم يقف إلى جانبهم ويمدهم بكل أنواع العون فهذا ما لم افهمه, ولا أظنني سأفهمه أو أستسيغه يوماً.

قد يعجبك ايضا