القاضي/محمد محمد الباشق
جاء في معاجم اللغة فيما معناه أن اليقظة تعني الانتباه وبناء على ما جاء في اللغة قال علماء السلوك إن اليقظة أول منازل العبودية وهي انتباه القلب من داء الغفلة ومسارعته إلى الله وعلو الهمة والعزم على الوصول لما يرضي الله ومنفعة الخلق وكلما ازداد العبد وعيا كلما توالت عليه أنوار اليقظة فالحر المجاهد لا يسمع أبدا لإرجاف المنافقين ولا يتأثر بزيف إعلامهم وأكاذيبهم أبدا ومن معالم الوعي اليقظة معالم تتجلى في سلوكه أن كل واع لديه حصانة من كيد وإرجاف المنافقين ومن سورة التوبة وسورة المنافقين والأنفال والنساء والأحزاب توضح صفات هؤلاء المنافقين وتوضح أساليبهم وان المنافقين لا يفقهون ولا يعلمون وكل منافق طائش في قوله وسلوكه ضار لوطنه شر على أمته وهذا حال العملاء ومن يدورون في فلكهم, أما الأحرار أهل الوعي والحكمة المنعم عليهم بنعمة الوعي وأنوارها اليقظة فنجد أن من نذر نفسه للحق واستمد العون من الحق سبحانه يسير في هذه الحياة مطمئن واضح المنهاج ثابت المواقف لا يميل إلى هوى ولا يحبط ولا يعرف اليأس ونحن نعلم أن أعداء الفضيلة والترفيين والمنافقين لا حكمة لديهم ولاوعي ولا يقظة وشر تيارات النفاق هم من باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم فنجد أن معيشتهم ضنك ومحال أن يوفق منافق أو يسعد عميل وها نحن نرى مصارعهم وسوء عاقبتهم وما ينتظرهم من هوان وعذاب في الآخرة.
وثمار الوعي تحدثنا عنه ومنها اليقظة بشكل مختصر نجد أن للوعي أركانا ومقومات أولها العقل وثانيها الإرادة وثالثها العزم ورابعها الثبات فمن لا عقل له الإرادة لديه ومن لا إرادة لديه لاعزم له ومن لاعزم له لن يعرف الثبات إلى حياته سبيلا . لذا أيها القراء الكرام .إن من انعم الله عليه بنعمة الفهم والممارسة والسلوك لحياة جهاد الوعي نجد انه يزداد في المحن والابتلاءات ومصاعب الحياة وأزماتها قربا من الله القدير العزيز كاشف الضر ومجيب دعاء المظطر فأول اليقظة يقظة الواعي لدوره ومسؤوليتها وثباته على هذه اليقظة واستمداد العوان من الله والحمد لله الذي جمع لنا الغاية العظمى والوسيلة الأقوى في آية واحدة في سورة الفاتحة ( إياك نعبد وإياك نستعين) والاستعانة هي ثمرة من ثمار الوعي لا تنفك ولا تنفصل عن أحوال عباد الله الصالحين طرفة عين.فهي تجمع عباده القلب وعزمه وثقته بالله ربه ومولاه.ومن وثق بغير الله زل وذل وظل وافتقر واملق وخسر وندم وكما أن العبادة لله هي الغاية العظمى فإن الاستعانة بالله اقوى الوسائل لنيل المطلب وقضاء الحوائج وموجهة الشدائد والنصر على الأعداء ومن استعان بالله ما خاب أبد? ولأن إعلام العدوان دائما دئما يكذب فان الاستعانة بالله على ما يصفون لا تعني مجرد نطق استعنت بالله لا.بل تعني طلب العوان من الله سبحانه لكي يمنحنا قوة المواجهة والنصر في كل مواجهة للباطل ومن كان صحيح الوعي دائما اليقظة كانت الاستعانة بالله زاده الذي لانفاذ له ومدده الذي لاحدله ومن استعان بالله فقد استغاث به والاستغاثة بالله أقوى وسائل وسبل الاستعانة بالله تعالى وهي أول أنوار النصر وآيات الفرج فما علينا أمام وقاحة العدو وكذبهم واستعانتهم بالمخلوقين وركونهم إلى أموالهم ما علينا إلا أن نطمئن ونثق بالله سبحانه وحده لاشريك له والله من أسمائه المعين والناصر والمغيث وثمار الاستغاثة عظيمة ومنها انصراف الهمة والتفكير إلى الله المتصرف في الكون كله بكمال قدرته وعظيم حكمته وسعة رحمته واليقين التام أنه لا مغيث إلا الله فتقوى النفس وتزداد عزما. ومن أراد النصر فعليه الاستغاثة بالله والتي هي كمال انقطاع القلب إلى الله فيمتلئ القلب يقينا ويفيض اطمئنانا وينشرح نورا بأن نصر الله قريب وانه حق لاريب فيه كما يوقن بلقاء الله واليوم الآخر يوقن بالنصر وكما يوقن بالرزق.. قال تعالى واصفا حال المؤمنين في مواجهة الأعداء(( إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم … )) فحقا والله أن من استعان بالله استغاث.ومن استغاث بالله جاءه النصر والفرج والرعاية والعانية من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب.
والمرحلة أيها القراء الكرام مرحلة علينا أن نواجه أحداثها جميعا بالاستغاثة بالله سبحانه وتعالى.
يا مغيث بنصرك واثقون فأسبغ علينا نعمك وتولى أمرنا.
وكبت وخزي عدونا أنت حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وصلى الله على سيدنا محمد وآله.. وإن شاء الله للحديث بقية في عناوين مواضيع أخرى.