تشابه الأزمات.. اختلاف الأدوات !
عباس غالب
من المؤكد أن التوقف أمام الأزمتين السورية واليمنية ستبين للمراقب جلياً مدى تشابه تلك الأزمات.. وبالتأكيد اختلاف أدواتها وأطرافها.
من حيث المبدأ، فإن هناك ثمة اختلاف على السلطة و صراعاً يمتد منذ خمسه أعوام أدى ــ مع الأسف الشديد ــ إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين وتهجير الملايين من أبناء الشعب السوري، فضلاً عن تنامي العنف والقطيعة المذهبية وتفسخ العقد الاجتماعي وازدياد حدة الاستقطاب والتدخل الخارجي.
وبشكل أكثر دقة يمكن الإشارة إلى هذا التشابه في تحديد عوامل هذه الأزمة مع الأزمة اليمنية من خلال ما نشاهده في كلا البلدين من وقوف روسي مباشر مع النظام السوري يقابله عدوان أمريكي مماثل وسلطة خليجية، بل وبات واضحاً أن محورين يتقاسمان الدور بالنسبة للأزمتين اليمنية والسورية، حيث ترسم هذه القوى حدود جغرافية مصالحها الجيوستراتيجية وكأننا نعيش لحظات بدء تطبيق الخارطة الجديدة للشرق الأوسط.
وعلى الوجه الآخر من مرآة الأزمة في كلا البلدين، تبدو القوى الإقليمية حاضرة في المشهد، حيث السعودية وإيران تتقاتلان بالوكالة لبسط نفوذهما وحجز المقاعد الأمامية في إطار ترتيبات هذه الخارطة الجديدة للمنطقة ودون إدراك منهما ــ ربما ــ لمخاطر تداعيـات استمرأ الدخول في مصيدة لعبـة الأمـم!
وفي الحقيقـة فـإن هـذه القـراءة تبـدو مبتسرة مـا لم نشـر فيها إلى أهمية الـدور الخبيث الذي يقـوم به الكيان الإسرائيلي في تعميق جذوة هذا الصراع والبقاء في الخفاء حتى تلوح الفرصة المناسبة لإضفاء شرعية على وجوده وكيانه العنصري الذي يدير ظهره لأبسط حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، إذ أن هذا الكيان يدخل هو الآخر مباشرة في إطار تحالف العدوان على اليمن ودون مواربة أو خجل من الأشقاء العرب المتحالفين معهُ ممَن ظلوا على الدوام يصمون أذاننا بالحديث عن مقاطعة إسرائيل !
وختاماً فإن القوى الإقليمية والدولية التي بدت أيديها ملطخة بدماء الشعبين السوري واليمني هي الأخرى التي تقف اليوم وراء كواليس مباحثات السلام التي تستضيفها جنيف، سواء فيما يتعلق بالأزمة السورية أو الأزمة اليمنية، إذ أن هذه القوى هي من تقرر نجاح أو فشل هذه المباحثات شئنا أم لم نشأ.