ن …والقلم.. قرية صاحبي !!!
عبدالرحمن بجاش
ثمة أدوات على غلاف لونه أخضر , هن بالترتيب (( نوًاره , سراج , فانوس , مسجد بلونه الأبيض , وخلفية أعلى الغلاف لقرية من قرى اليمن المتناثرة كحبات اللؤلؤ وسط خضرة هي كانت أنفس اليمنيين , يجري استبدالها باللون الأحمر الآن , لكن الرهان يظل على عمق اليمني البسيط في ان يعود إلى يمنيته الملونة بالبساطة بساطة عيشه في القرية اليمنية حيث الأصل هناك . يحزنني دائما أن مصممي الأغلفة للكتب ليسوا بمستوى محتويات معظمها , وكتاب صاحبي صاحب القرية الرجل المحترم عبدالله علي النويرة (( القرية …..شيء من الماضي )) لم يخرج عن قاعدة الاساءة لمحتواه بالغلاف العقيم , – نظره واحدة للمقارنة ستريك الفرق بين كتب تصدرها دبي الثقافية وحرمنا منها وكتب تحكم عليها بالإعدام أغلفة رديئة التصميم – , تلك الأدوات التي استخدمها الانسان اليمني في مراحل مختلفة للإضاءة كنت أتمنى , وليس كل ما يتمناه المرء يدركه لو ان متاحف صغيرة تتبع المدارس الريفية او المساجد حافظت عليها لقدمت للأجيال المتتابعة صورة حية للماضي الجميل الذي اقرأه في كتاب النويرة للمرة الثانية في طبعة ثانية قدم لها أبونا الروحي د . عبد العزيز المقالح , اقرأ مفردات من الكدرة قريتي الى قريتي الأخرى في المحويت : (( بوبح , دادح , فقح , زبط , تقعلل , الرباح , جُزفه , الفدامه , المرفع , الاجب , الملكد , المجران , الشريم ,الزُبره ,الضفع ,عنب العظام , شجر الطنب ,الهيجه , الشقفة , المصر , الزنة , الذبالة , النوارة , الاتريك , التنكة , القُطب , البُرمه ,الدقة , الدمالج , المشقر الجفنه , اللحوح , الفطير )) والشُفندغه , نسميها نحن (( الدغدغة )) , مفردات هي بكل بساطه تقول ان اليمن واحد . طاف بنا صاحبي الذي احترم واجل عبد الله بين مساجد القرى , وزراعتها , عاداتها وتقاليدها , مواسم خيرها , وشتاء جدبها , ورسائل يكتبها الشيوخ في وسط الورقة وعلى جوانبها , ذكرني بالقاضي حزام عون رحمه الله , وجدي علي فقبه العلامة , وجدي محمد طربوش رحمهم الله علموا الاجيال المتعاقبة كيف تمسك بالقلم , ذكرني بعبد الرقيب الصوفي , والسيد نورالدين , وعبده الحاج , ومفردات حياة لا تختلف عنها في قرى انبسطت على كامل الجسد من المحويت إلى قدس . لم ينس شاردة ولا واردة الا وسجلها بعين رجل المرور المهندس , الذكية القادرة على الالتقاط , أعدنا بها الى اللحظة الأجمل في حياتنا يوم أن كنا أبرياء براءة اللون الأخضر الذي تتصف بها المحويت جمالا وانسانا له نفس خضراء وأعين أكثر بياضا . جميلة هي سيرة الانسان والمكان – ليت المساح يكتب سيرته وسيرة قريته وأماكن حل فيها وسكنها وسكنته من العزاعز إلى عدن إلى جده وصافية صنعاء- , تربطك به , تظل علاقتك بالبدايات قائمة لا تقتلها المدينة بصخبها وعنفوانها وضياع الإنسان في زحمتها , لقد نقلنا ابن النويرة بخفة ورشاقة قلم إلى تفاصيل التفاصيل التي يجهلها أولادنا بالذات من رأوا الدنيا في المدن ولم يعد لهم علاقة بالبدايات وهو خطأ لو تعلمون عظيم . ذكرني النويرة بالتليم والثور ((ذهب)) وبقرة عمتي ((حُميره)) , واساس لحياتنا لو انطلقنا منه لزاوجنا بين أفضل ما في الماضي لحظاته الجميلة ومستقبل ننشده افتراضا بالعلم حتى نصل إلى ذروة القمة التي من أجلها تكون الثورات , من رمضان إلى النساء إلى الأعياد إلى مواسم الحصاد , إلى صراع الإنسان لبعضه حكمة الله , إلى الجمال والحمير والماعز , وكل مكونات المشهد البارونامي الذي استطاع النويرة أن يرسمه ببهاء . لله الأمر من قبل ومن بعد .