مدن المتاهات
لحظة يازمن
ندخل المدينة, ونترك الطبيعة وراءنا, ليست الطبيعة كلها بطبيعة الحال, ولكنها تلك الطبيعة المحببة الجميلة التي تهب الحواس الجمال والفطرية والعفوية في فضائها المفتوح على كل الأبعاد والأمداء .
في ذلك الامتداد المهيب الذي يتداخل في المحيط .. ويصير فيه البصر حراًً , بدون سواتر ولا حواجز.
ولا ندري وإن كانت الطبيعة مازالت حولنا وفي دواخلنا .. ونحن ندخل المدن , ونغوص ونهيم في دروبها شوارعها مسالكها كيف تتسلل وتتلاشى الطبيعة بجمالها الأخاذ من حواسنا وبالتدريج . ولا نشعر ..وقد انهمكنا بكليتنا في تلك المدن .. التي تتزاحم جدرانها وأشيائها جزئياتها وكلياتها ..وكأن الكون قد ضاق بنا.
ومن ثم ينبثق التساؤل ..يصحبه الاستغراب والعجب ..لماذا لا نترك حيزا ولا فضاء ولا مدى إلا وقد ملأفاه بتلك الكتل الصماء ..وحينها تغيب السماء وتنعدم الفضاءات ونصبح في دائرة الضجيج والزحام .. ندخل الكهوف الأسمنتية .. وحينها وكأننا دخلنا الألأنفاق والمتاهات فتضيق الحياة في النفوس ..ومن ثم تغيب تلك الأشياء الجميلة والبديعة التي كانت تثير الحواس وتجعل الإنسان إنسانا .
حينها فلا غرابة ..أن نصبح مثل الأحجار تماما الفارق بيننا وبين هذه الأحجار أننا أحجار متحركة !.