الراحل راجح أحمد الجبوبي ..شخصية إعلامية ومهنية لا تتكرر افتقدها الوطن ..
الاسيف عبدالوهاب الضوراني
لقد مني الوسط الإعلامي والوطن بأسره بفاجعة رحيل الزميل والأستاذ القدير راجح أحمد الجبوبي والذي كان نبأ وفاته المفاجئ والفاجع في نفس الوقت أشد وقعاً وهولاً من الصاعقة على قلوبنا جميعا .. مني بخسارة كبيرة وفادحة فاقداً واحداً من خيرة أبنائه البررة والمخلصين وشخصية ثقافية وإعلامية وإنسانية لا تقارن أو تتكرر ثانية اليوم .. أفنى ربيع عمره وجزءا كبيراً من ريعان مقتبل شبابه في خدمة الوطن والارتقاء برسالة الإعلام ومهنة البحث عن المتاعب والقبض على الجمر قدما باتجاه أهدافها الوطنية الطموحة وغاياتها الإنسانية والتوعوية والخدمية المنشودة تاركاً مكانه وموقعه شاغراً حتى اللحظة.
الفقيد المغفور له بإذن الله يعتبر حقيقة من أبرز الشخصيات الاجتماعية والثقافية والإنسانية ومن الرجال المخلصين النادرين الذين عرفتهم شخصياً عن كثب على مدى ثلاثة عقود ونيف مواكباً بشكل أو بآخر جزءاً من مشواره المهني الإنساني مطلع الثمانينيات من منتصف القرن الماضي تحديداً ونحن على أعتاب بداياتها العملية وانتسابنا إلى أسرة وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) وهي في موقعها القديم والمتواضع الذي كان يتكون آنذاك من طابقين وعدد من المرافق والملحقات الخدمية والأخرى الطابق السفلي كان يحتوي تحت سقفه الذي كان آيلاً دائماً للسقوط في أي لحظة قسماً خاصاً بالوحدة الإدارية والشؤون المالية والحسابات والقسم الآخر كان يحتوي على ما أتذكر الأرشيف ورصد وتوثيق المعلومات الإخبارية والتقارير والنشرات السياسية اليومية ومخزن أو مخزنين لا أتذكر أيضاً مهمتهما أو دورهما جيداً والطابق الآخر العلوي كان يشتمل على العديد من الإدارات كالأخبار المحلية والتحرير العربي وقسم الاستماع السياسي الذي كانت مهمته جزءاً مكملاً لإدارة التحرير بالإضافة إلى مكتب المدير العام الذي كان يديره ويتولى مهمته آنذاك الزميل الأستاذ القدير يحيى صالح الشوكاني ربنا يعطيه الصحة طول العمر والتي كانت الوكالة تمضي في الاضطلاع بمهامها ورسالتها الخدمية في عهده وولايته قدماً بعصى سحرية وجهود وإمكانيات ذاتية محدودة وفق استراتيجية متوازنة ومتقدمة بالإضافة إلى عدد قليل من الزملاء من أصحاب الخبرة والكفاءات كالبابلي والعمراني ومحيي الدين والشجاع ومحمد قاسم الجبوبي وغنيمة والعنابي الذي رحل منهم من رحل وانتقل إلى رحمة الله تاركاً مكانه شاغراً ومن بقى على قيد الحياة ندعو له بالصحة وطول العمر والذين كانوا يعتمدون حقيقة في ما يسند إليهم من مهام ومسؤوليات وأعباء على جهودهم الذاتية وما اكتسبوه من مهارات وقدرات وبرعات اكتسبوها من وحي إخلاصهم وتفانيهم وانتمائهم الصادق وغير المسبوق للعمل وأسرة الوكالة وليس على نعيق الميكنة ومنظومة تقنية المعلومات الآلية والتكنولوجيا المعاصرة كما هو سائد الوضع اليوم في عصر النهضة والفضائيات.
كان الزميل الراحل رحمة الله تغشاه حقيقة من أبرز الشخصيات المؤثرة والجذابة التي لا تنسى أو تمحى بسهولة من الذاكرة متفانياً إلى أبعد الحدود في عمله لا يكل ولا يمل أو يشكو يوماً أو يتذمر في أداء مهمة من المهام أو واجباً من الواجبات يسند إليه ماضياً بكل كفاءة وحيوية ونشاط في أداء واجبه على أكمل وجه مستمداً حيويته وجزءاً من تفانيه وإخلاصه وجاذبيته من تواضعه وحب الموظفين له وانتمائه المبكر لأسرة الوكالة التي أفنى عمره فيها حتى وافاه الأجل ولفظ أنفاسه الأخيرة إثر مرض ألم به وتعذر شفاؤه .
كان رحمه الله شخصاً مثالياً معتدلا ووسطياً ليست له أية انتماءات أو اهتمامات أو مشاريع سلطوية كانت أم مادية في يوم من الأيام رغم حياة التقشف والجفاف والمعاناة التي كان يمر بها راضياً قانعاً وهو في غاية القناعة والتواضع ونكران الذات حتى عندما تبوأ داخل منظومة الوكالة في عصرها الجديد موقعاً قيادياً مرموقاً ناله بجدارة لم ينتابه التباهي أو الغرور أو التفرد بالرأي واتخاذ القرار وبحادية أومن تلقاء نفسه كما فعل البعض وللأسف الذين انشغلوا عما حولهم بمناصبهم ومصالحهم الشخصية وانكمشوا داخل أبراج السلطة والغرف المغلقة ظل بابه مفتوحاً على مصراعيه أمام الجميع دون استثناء بين شخص وآخر فالجميع كانوا عنده سواسية وفي عين ومعيار واحد ضارباً مثلاً رائعاً ونموذجاً مهنياً مشرفاً يحتذى به في كيفية التعامل بروح الفريق الواحد وتكريس روح الشراكة في الرأي واتخاذ القار بالإجماع والشورى وهي الصفات وتعدد المناقب التي لا تعد ولا تحصى في سجله ومشوارة المهني الطويل والتي كانت تشكل شخصيته المستقلة والمتوازنة وجزءاً من هويته الإعلامية والإنسانية سواء داخل الوكالة أو خارجها: رحم الله الفقيد العزيز راجح أحمد الجبوبي وأسكنه فسيح جناته الذي فقد الوطن والوسط الإعلامي حقيقة رجلاً نادراً واستثنائياً لا يتكرر أو يجود الدهر بمثله مجدداً سيظل مكانه شاغراً في قلوب الجميع.
إنا لله وأنا إليه راجعون