صح.. وحوائج المكان
لحظة يا زمن
للبشر طباع وسجايا.. تختلف هذه السجايا والطباع وتتنوع.. هناك الثقيل.. وهناك الخفيف.. هناك الجلف والرقيق.. أمور عديدة لا تحصر في هذه العجالة.
في هذه الكثرة والتنوع.. تبرز بعض الحالات الإنسانية بتفرد خاص تتطبع الشخصية وبالتالي تلفت نظرك إذا كنت باحثاً عن مثل هذه الحالات الاستثنائية.. ولديك فضول وعجب.. ليس ذلك الفضول المتعالي والمتعجل.
ولكنه تلك النظرة التي تستدعي لديك مشاعر إنسانية تقدمها تلك الشخصيات بمجرد كلمة تنطقها.. نعم مجرد كلمة.. “صح” حرفين في كلمة موجزة ينطقها الفم وتتحرك بها الشفتين.
حرفان عاديان ننطق بهما في غالب.. لكنها عند ذلك الرجل.. الذي يغالب الزمن بطريقته الخاصة بنظرته ورؤيته للحياة.. حين ينطقها.. يعطيها وقع خاص.. فريد.. وحين من يكون بجانبه وهو ينطقها وبمجرد.. انتهاء النطق المصاحب له حركة الوجه.. وارتفاع الدقن مع الوجه إلى الأعلى تتحول لديه سؤالاً مع التعبيرات الايمائية.. فيحييه الصحاب.. جواباً “صح” هو لا يسأل في واقع الأمر.. ولكن نطقه للكلمة.. تصبح “لازمة خاصة” لديه سؤالاً بدون علامة السؤال.
يأتي بعدها تكرار الصوت للاثنين أو الثلاثة بجانبه.. “صح” تأكيداً.. لمنطوقه.
وإذا صادف.. وكنت فضولياً.. وكنت قريباً من وجهه الوديع.. بسمرته الخضراء.. وهو يرمي بكلمة “صح” لتابعته عفوياً.. وقالت نفسك بعده “صح” حتى لو لم تنطقها فقد نطقتها في الداخل.. وبعدها تسأل نفسك إذا كان لديك فسحة من الوقت.. بالفعل لماذا يجذبك البعض الإنساني.. بمجرد نطق كلمة؟.
وبعدها تحاول تفسير الحالة وتطول بعدها المسألة.. إنما تلخيصاً وبالإيجاز.. أن ذلك الرجل الطيب.. يظل علامة مميزة للمكان.. أو ذلك الحيز الصغير “من باب السباح” أمام حوانين بائعي مشاريب القديد والزبيب.. والحانوت المعتق لأسياخ الكباب.. وطزاجة الأشياء وخيوط الدخان.