محمد النظاري
بين كل نهاية عام وابتداء آخر يقوم الإنسان بعمل جرد لكل ما مر به خلال سنته، فيحصي ما تحقق من أحلامه، ويتحسر على ما فاته فيها، متمنيا ان يحققها في عامه الجديد.
الرياضي اليمني كغيره من فئات المجتمع كانت له أحلام تمنى أن يراها في 360 يوم المنقضية من العام 2015 ، لعل من أبرزها رفع الحصار عن الكرة اليمنية الذي سيدخل عامه الخامس ، وتوسيع دائرة المنشآت الرياضية بعد الطفرة التي تحققت في العام 2010م عند احتضاننا لخليجي عشرين، إضافة إلى تسجيل نتائج ايجابية في التصفيات المزدوجة لكأسي آسيا والعالم .
أحلام العام 2015م لم تتحقق فقط، بل انقلبت لكوابيس نغصت على الرياضيين حياتهم، فالمنع من استضافة أية مباراة في ملاعبنا زاده العدوان ديمومة بسبب تدمير كثير من الملاعب والتي ستؤثر على رياضتنا لسنوات قادمة، كما ان النتائج المخيبة لمنتخبنا الوطني في تصفيات كأسي آسيا والعالم والتي حصد فيها فوزا يتميا مقابل 6 خسائر ، مما جعلنا نخرج من التصفيات بخفي حنين.
إذا أحلامنا كرياضيين طار بها العدوان، وحتى مجرد التفكير في إقامة فعالية رياضية ، هو ضرب من الجنون، كون حياة الرياضيين في خطر، والملاعب الرياضية في عدة محافظات خير شاهد على ذلك، وآخرها ملعب نادي تضامن حيس الحديدة.
عندما تلقيت دعوة من نادي اتحاد الجراحي والشيخ ثابت المعمري، لحضور المباراة النهائية من بطولة أرض الأحلام التي أقامها المعمري للأراضي السكنية، وشارك فيها 16 فريقا من مختلف نواحي المديرية، خطر ببالي استهداف العدوان لملعب تضامن حيس الذي لا يبعد عن ملعب اتحاد الجراحي سوى 30 كيلو متراً فقط، إضافة لمرورنا بموقع المجزرة الدامية التي تعرض لها الأبرياء، رحمهم الله، في سوق مدينة زبيد الذي لا يفصله عن الجراحي سوى 14 كيلو متراً.
لأنها مسابقة رياضية شعبية في زمن توقف فيه كل النشاط الرسمي المتعلق بكرة القدم، فقد لبيت الدعوة رغم أن المسافة الفاصلة بين رداع والجراحي تقارب 400 كيلو متر ، ولكن الإصرار على حضور التحدي الذي قاده شباب مدينة الجراحي ، جعلني لا اشعر بتعب الطريق.
المباراة النهائية التي تغلب فيها فريق شباب المساحيب على فريق الفجر بضربات الترجيح 4/5، بعد تعادلهما في الوقت الأصلي بهدف لمثله، كانت مفاجأة لي، فالحضور الجماهيري الذي ملئ أرجاء الملعب والجدران المحيطة به، جعلني اشعر بالفخر، فهذه الجموع جاءت لمشاهدة مباراة وفوق رؤوسنا جميعا كانت طائرات العدوان تحلق وتحوم، ولم يزد ذلك الحاضرين إلا تحديا على إكمال عرسهم الرياضي.
عندما شاهدت الجموع التي زحفت من مختلف مناطق الجراحي، شعرت بفرحة عارمة، حيث أن ما يحدث في بلادنا لم يثن هؤلاء من تحقيق أحلامهم المشروعة في الحصول على الفرحة، كما أن إصرار الجميع على استباق بداية اللقاء بعزف النشيد الوطني، فيه دلالة واضحة ، ان شبابنا يواجهون التحدي بالتحدي.
كما أن إصرار رئيس نادي اتحاد الجراحي الشيخ سرداح أسامة، ومدير المديرية أحمد مارش ومدير مكتب الشباب والرياضة بالجراحي محمد زيد قليص ومدراء المكاتب التنفيذية على الحضور ، فيه دلالة كبيرة على التحام المسؤولين بالجماهير في أرضية الملاعب، مما يعني ارسال رسالة واضحة أننا لا يخيفنا شيء، وان رجال اليمن اسود كوطنهم الكبير.
أدركت من خلال هذه المباراة، انه باستطاعتنا ان نقيم الدوري ولو على ملاعبنا الرملية كأيام زمان، وان شباب الحارات يرسلون إشارات للجهات المعنية على الكرة في بلادنا، بأننا قادرون على استئناف دوران الكرة من جديد، متى ما وجدت الإرادة الصادقة، فالذي جعل ليبيا قادرة على استضافة فريق الصنوبر الإفريقي، في ظل الأوضاع التي هي أسوأ منا، يجعلنا قادرين على ان نقول كفاية لتوقف الكرة في بلادنا ، وان عجلتها ينبغي ان تساير عجلة الحياة اليومية التي كسر بها المواطن اليمني طريقة الإعدام حيا التي أرادت الحرب الظالمة فرضها عليه.
مع ما تبقى من أيام قلائل على أفول عام وظهور آخر، نسأل الله عز وجل ان يغير حالنا لأحسن حال، وان يمن على بلادنا بالخير وان لا يمكن منه الغير ، وان يحقق لنا كل أحلامنا المشروعة التي سلبت منا خلال عام 2015م.